من هم الذين يرون أهوال يوم القيامة، ويسمعون الصيحة؟
هل الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف يظهر قبل يوم القيامة وإذا كان كذلك هل يميت الله الناس الذين يعيشون في دولة الامام عليه السلام لكي لا يروا الاهوال وإذا كان كذلك من هم من يريهم الله أهوال يوم القيامة ويسمعون الصيحة؟
السلام عليكم ورحمة الله
بحسبِ ما جاءَ في الرّواياتِ والأخبارِ أنَّ دولةَ العدلِ الإلهيّ يطولُ حكمُها إلى ما شاءَ اللهُ تعالى، ويدومُ فيها حكمُ الصّالحينَ ما دامتِ السّماواتُ والأرضُ، وهذا ما وعدَ اللهُ بهِ عبادَهُ الصّالحينَ، قالَ تعالى: (وَلَقَد كَتَبنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ)، ولا تقومُ السّاعةُ في ظلِّ هذهِ الحكومةِ الصّالحةِ، ويبدو مِن خلالِ الرّواياتِ أنَّ البشريّةَ في آخرِ عُمرِها سوفَ تنتكسُ مرّةً أُخرى وتعودُ إلى الضّلالِ والفسادِ، وسوفَ يرفعُ اللهُ حُجّتَهُ عنِ الأرضِ وتقومُ السّاعةُ على شرارِ الخلقِ، وقد جاءَت رواياتٌ منَ العامّةِ والخاصّةِ في بيانِ ذلكَ، ففي كتابِ الفتنِ وأشراطِ السّاعةِ مِن صحيحِ مُسلمٍ، عَن رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله): ( .. ويبقى شرارُ خلقِ اللهِ يتهارجونَ تهارُجَ الحميرِ فعليهم تقومُ السّاعةُ) وفي روايةٍ أُخرى ( .. ثمَّ يبعثُ اللهُ ريحاً كريحِ المسكِ لها مسُّ الحريرِ فلا تتركُ نفساً في قلبِه حبّةُ إيمانٍ إلّا قبضَتهُ ثمَّ يبقى شرارُ النّاسِ عليهِم تقومُ السّاعةُ) أمّا رواياتُ الخاصّةِ، ففي الكافي (.. أنَّ الأرضَ لا تخلو مِن حُجّةٍ إلّا إذا كانَ قبلَ يومِ القيامةِ بأربعينَ يوماً، فإذا كانَ ذلكَ رُفعَت الحُجّةُ وأُغلقَ بابُ التّوبةِ، لا ينفعُ نفساً إيمانُها لَم تكُن آمنَت مِن قبلُ أو كسبَت في إيمانِها خيراً، فأولئكَ شِرارُ مَن خلقَ اللهُ عزَّ وجلَّ وهُم الذينَ تقومُ عليهم القيامةُ) (شرحُ أصولِ الكافي المازندرانيّ ج 6 ص 230) وعَن إكمالِ الدّينِ كما في البحارِ (عَن أبي عبدِ اللهِ عليه السّلام قالَ: ما زالتِ الأرضُ إلّا وللهِ تعالى ذكرُه فيها حُجّةٌ يعرفُ الحلالَ والحرامَ، ويدعو إلى سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ولا تنقطعُ الحُجّةُ منَ الأرضِ إلّا بأربعينَ يوماً قبلَ القيامةِ، فإذا رُفعَت الحُجّةُ أُغلقَت أبوابُ التّوبةِ، ولم ينفَع نفساً إيمانُها لَم تكُن آمنَت مِن قبلِ أن تُرفعَ الحُجّةُ، أولئكَ شرارُ مَن خلقَ الله وهمُ الذينَ تقومُ عليهم القيامةُ.) (البحارُ، ج 6 ص 18)، وعَنِ النَّبِيِّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله): (قَبلَ قِيَامِ السَّاعَةِ يُرسِلُ اللَّهُ رِيحاً بَارِدَةً طَيِّبَةً فَتُقبَضُ بِهَا رُوحُ كُلِّ مُؤمِنٍ مُسلِمٍ، وَيَبقَى شِرَارٌ يَتَهَارَجُونَ تَهَارُجَ الحَمِيرِ وَعَلَيهِم تَقُومُ السَّاعَةُ) (تنبيهُ الخواطرِ ونُزهةُ النّواظرِ ج 1 ص 38) وعليهِ فإنَّ الرّواياتِ عَن طريقِ العامّةِ والخاصّةِ مُتعدّدةٌ، ممّا يكشفُ عَن إتّفاقِهم على أنَّ أشراطَ السّاعةِ تقومُ على شرارِ الخلقِ.
وبذلكَ يكونُ آخرُ مَن تكونُ لهُ الحكومةُ والسّلطنةُ على الأرضِ، هيَ حكومةُ أولياءِ اللهِ، فيرفعُ اللهُ الحُجّةَ ويأخذُ أرواحَ المؤمنينَ، ومِن بعدِها يكونُ الهرجُ والمرجُ والنّاسُ بلا حاكمٍ أو سُلطانٍ، أربعينَ يوماً ثمَّ تقعُ أحداثُ يومِ القيامةِ، ورفعُ الحُجّةِ هُنا ليسَ المقصودُ بهِ الإمامُ المهديّ وإنّما هُناكَ وراثةٌ لأولياءِ اللهِ يرثونَ الحُكمَ بعدَ الإمامِ المهديّ إلى ما شاءَ الله.
اترك تعليق