هل ما نُسِبَ إلى أمير المؤمنين (ع) "والله لو رأيتُ الفاحشة لسترتها بردائي " حديث موضوع ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
نقلَ الميرزا النّوريّ في كتابِه مُستدركِ الوسائلِ ج 12 ص 242 وما بعد، عدّةَ رواياتٍ تشيرُ إلى هذا المضمونِ ، وبالأخصِّ الرّقم 1 و 7 ، فإنّ ألفاظَها قريبةٌ جدّاً ممّا نقلتموهُ ، وهذا المضمونُ ليسَ بموضوعٍ.
قالَ في بابِ وجوبِ السّترِ على المؤمنِ ، وتكذيبِ مَن نسبَ إليهِ السّوءَ :
1- الجعفريّاتُ : بإسنادِه عَن جعفرٍ بنِ مُحمّد ، عَن أبيهِ ، عن جدّه عليّ بنِ الحسين ، عَن أبيه ، عَن عليّ بنِ أبي طالب عليهم السّلام ، أنّهُ قالَ : " لو وجدتُ مؤمناً على فاحشةٍ لسترتُه بثوبي"، وقالَ عليه السّلام بثوبِه هكذا .
2- الحسنُ بنُ عليّ بنُ شعبةَ في تحفِ العقولِ : عَن عبدِ اللهِ بن جندبَ ، عَن أبي عبدِ اللهِ عليه السّلام ، أنّه قالَ : " يا بنَ جندُب ، إنَّ عيسى بنَ مريم عليه السّلام قالَ لأصحابِه : أرأيتُم لو أنَّ أحدَكُم مرّ بأخيهِ فرأى ثوبَه قد إنكشفَ عَن بعضِ عورتِه ، أكانَ كاشفاً عنها كلّها أم يردُّ عليها ما إنكشفَ عليه منها ؟ قالوا : بَل نردُّ عليها ، قالَ : قالَ : كلّا بل تكشفونَ ، فعرفوا أنّه مثلٌ ضربَه لهُم ، فقيلَ لهُ : يا روحَ اللهِ ، وكيفَ ذلكَ ؟ قالَ : الرّجلُ منكُم يطّلعُ على العورةِ مِن أخيهِ فلا يسترُها " .
3- الشيخُ المُفيد في الإختصاصِ : عنِ الصّادقِ عليه السّلام ، قالَ : " مَن إطلعَ مِن مؤمنٍ على ذنبٍ أو سيّئةٍ ، فأفشى ذلكَ عليهِ ولَم يكتُمها ولم يستغفرِ اللهَ له ، كانَ عندَ اللهِ كعاملِها ، وعليهِ وزرُ ذلكَ الذي أفشاهُ عليه ، وكانَ مغفوراً لعاملِها ، وكانَ عقابُه ما أفشى عليهِ في الدّنيا مستورٌ ذلكَ عليهِ في الآخرةِ ، ثمَّ يجدُ اللهُ أكرمَ مَن أن يُثني عليه عقاباً في الآخرةِ " .
4- عليُّ بنُ الحسين المسعوديّ في إثباتِ الوصيّة : في سياقِ قصّةِ عيسى عليه السّلام : ثمَّ نزلَت المائدةُ عليهم ، أمرَ عليه السّلام بتغطيتِها ، وأن لا يأكلَ الرّجلُ منها شيئاً حتّى يأذنَ لهم ، ومضى في بعضِ شأنِه ، فأكلَ منها رجلٌ منهم ، فقالَ بعضُ الحواريّينَ : يا روحَ اللهِ ، قَد أكلَ منها رجلٌ [ فقالَ لهُ عيسى : أكلتَ منها ] ، فقالَ الرّجلُ : لا ، فقالَ الحواريّونَ : بلى يا روحَ الله ، لقَد أكلَ منها ، فقالَ عليه السّلام : صدِّق أخاكَ وكذِّب بصرَك .
5- محمّد بن إدريس في السّرائر: نقلاً منَ المحاسنِ، بإسنادِه قال : قالَ أميرُ المؤمنينَ عليه السّلام : " لا تظنّنَ بكلمةٍ خرجَت مِن أخيكَ سوءاً وأنتَ تجدُ لها في الخيرِ محملاً " .
6- المفيدُ في أماليه : عن إبنِ قولويه ، عَن أبيه ، عن سعدٍ بنِ عبد الله ، عَن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى [ عن الحُسين بن سعيد ] عن محمّد بن أبي عُمير ، عنِ الحارثِ بن بهرام ، عن عمرو بن جميع قالَ : قالَ لي أبو عبدِ اللهِ جعفر بن محمّد عليهما السّلام : " مَن جاءنا يلتمسُ الفقهَ والقرآنَ والتفسيرَ فدعوه ، ومَن جاءنا يُبدي عورةً قد سترَها اللهُ فنحّوه " . الخبرُ.
7- القطبُ الرّاونديّ في لبِّ اللّبابِ : عَن أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام ، أنّه قالَ له النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله : " لو رأيتَ رجلاً على فاحشةٍ ، قالَ : أسترُه ، قالَ : إن رأيتَه ثانياً ، قالَ : أسترُه بإزاري وردائِي ، إلى ثلاثِ مرّاتٍ ، فقالَ النّبيّ صلّى اللهُ عليه وآله : لا فتى إلّا عليّ " . وقالَ صلّى اللهُ عليهِ وآله : " إستروا على إخوانِكم " .
8- الآمدي في الغُرر : عن أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام ، أنّهُ قالَ : " إستُر عورةَ أخيكَ لِما تعلمُه فيك " .
وقالَ عليه السّلام : " إنَّ للنّاسِ عيوباً فلا تكشِف ما غابَ عنكَ ، فإنَّ اللهَ يحلمُ عليها ، واستُر العورةَ ما إستطعتَ ، يسترُ اللهُ عليكَ ما تُحبّ سترَه ".
وقالَ عليه السّلام : " شرُّ النّاسِ مَن لا يغفرُ الزّلّةَ ولا يسترُ العورةَ".
إنتهى النّقلُ عنِ المُستدركِ .
أقولُ : وفي هذهِ الأحاديثِ وغيرِها لزومُ السّترِ وحُرمةِ نشرِ عيوبِ المؤمنينَ وعوراتِهم وما يشينُهم ويسقطُهم إجتماعيّاً ، وحرمةُ فضحِهم وهتكِهم ، قالَ تعالى : ﴿إِنَّ الَّذينَ يُحِبّونَ أَن تَشيعَ الفاحِشَةُ فِي الَّذينَ آمَنوا لَهُم عَذابٌ أَليمٌ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمونَ﴾ [النّور: ١٩] .
اترك تعليق