حقيقةُ الصّلاةِ على محمّدٍ وآلِ محمّد ليسَت مُجرّدَ أقوال
إن الصلاة على محمد وآل محمد هو قول وليس عمل بينما في الروايات ورد افضل الاعمال ولم يقل افضل الاقوال.. فما الفرق بينهما ولماذا قال أفضل الاعمال وما قال أفضل الاقوال
السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاته:
إنّ أصلَ الصّلاةِ على مُحمّدٍ وآله الطّاهرينَ وإن كانَت تُعَدُّ منَ الأقوالِ، لكنّها ليسَت مُجرّدَ أقوالٍ ولَقْلَقَةَ لسانٍ، وإنّما هذا القولُ بحدِّ ذاتِه إذا خرجَ مِن فمِ المُكلّفِ عَن يقينٍ ومعرفةٍ وإعتقادٍ فإنَّ النّتيجةَ المُترتّبةَ عليه ستكونُ أفضلَ منَ الأعمالِ الأخرى التي كُنتَ تعملها وترجو فضلها منَ الباري عزَّ وجلّ، ولذا فإنّ عُلماءَنا الأعلامَ لَـمّا سلّطوا الضّوءَ على معنى هذهِ الصّلاةِ وحقيقتِها وفضلِها توصّلوا إلى ما يلي: أنّ الصّلاةَ على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ في حقيقتِها تُمثّلُ العلاقةَ والصّلةَ بينَ العبدِ والمعبودِ، وبينَ الموالي وأولياءِ النّعمةِ والهداية. فأمّا مِن جهةِ الصّلةِ معَ المعبودِ فهيَ دعاءٌ ومناجاةٌ لقولكَ: «اللهمَّ» وأصلُها- يا اللهُ- مُشتملة على نداءٍ ومُنادى، ومعناها: يا اللّهُ إرحَم مُحمّداً وآلَ محمّدٍ، وإرفَع ذكرَهُم، وأعلِ درجتَهُم، وإبعثهُم المقامَ المحمودَ الذي يغبطهم عليهِ الأوّلونَ والآخرونَ. وأمّا مِن جهةِ الصّلةِ بينَ الموالي وأولياءِ النّعمةِ مُحمّدٍ وعترتِه الطّاهرينَ، فهيَ الدّعاءُ لهُم وطلبُ الرّحمةِ والبركةِ وعلوِّ الدّرجاتِ والقُربِ منَ اللهِ تعالى، وهيَ تُمثّلُ الشّكرَ والعرفانَ بالجميلِ لهم- صلواتُ اللّهِ عليهم- على ما بذلوهُ في سبيلِ نشرِ الدّينِ والدّعوةِ إلى سعادةِ الدّارين، مِن خلالِ الرّسالةِ التي بلّغوها عنِ اللّهِ تعالى، ففي دعاءِ يومِ الجُمعةِ للإمامِ زينِ العابدينَ عليهِ السّلام: (أدّى ما حمّلتَهُ إلى العبادِ وجاهدَ في اللهِ عزّ وجلّ حقَّ الجهادِ ...إلى آخرِ الدّعاءِ الذي قصدَ بهِ نبيّنا الأكرمَ محمّداً (صلّى اللهُ عليهِ وآله). والعقلُ والنّقلُ يأمران بوجوبِ شُكرِ المُنعمِ والمُتفضّلِ عليكَ بالإحسانِ والمعروفِ، فلذا وردَ (مَن لَم يشكُر المخلوقَ لم يشكُر الخالق).
نعَم يختلفُ الشّكرُ كمّاً وكيفاً بإختلافِ المُنعمِ عليكَ، فشكرُ اللّهِ تعالى يتحقّقُ بعبادتِه وطاعتِه والتّحدّثِ بنعمِه، وشكرُ الأنبياءِ والأولياءِ عليهم السّلام بإتّباعِهم، ونُصرتِهم، وإعلاءِ ذكرِهم، ولـمّا كانَ الإنسانُ عاجزاً عَن شُكرِ النّبيّ الأعظمِ صلّى اللّهُ عليهِ وآله والأئمّةِ المعصومينَ عليهم السّلام حقّ الشّكرِ فإنّهُ يتوجّهُ إلى اللّهِ تعالى بالدّعاءِ لهُم بطلبِ الرّحمةِ وعلوِّ الدّرجة.
وفي نهايةِ المطافِ نستأنسُ بهذا الحديثِ المرويّ في كتابِ ثوابِ الأعمالِ رقمُ (38) للشّيخِ الصّدوقِ (ره): بإسنادِه إلى أبي المُغيرةِ قالَ:سمعتُ أبا الحسنِ عليه السّلام يقولُ: مَن قالَ في دبرِ صلاةِ الصّبحِ وصلاةِ المغربِ قبلَ أن يثني رجليهِ أو يكلّمَ أحداً: (إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النّبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا ، صلّوا عليه وسلّموا تسليماً)، اللّهُمَّ صلِّ على محمّدٍ وذرّيّتِه، قضى اللهُ لهُ مائةَ حاجةٍ سبعينَ في الدّنيا، وثلاثينَ في الآخرةِ، قالَ: قلتُ لهُ: ما معنى صلاةِ اللهِ وصلاةِ ملائكتِه وصلاةِ المؤمنينَ؟ قالَ: صلاةُ اللهِ رحمةٌ منَ اللهِ، وصلاةُ ملائكتِه تزكيةٌ منهُم له، وصلاةُ المؤمنينَ دعاءٌ منهُم له. ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق