إذا كانَت الحاجةُ إلى الإمامِ قائمةً فلماذا خُتمَت الرّسالةُ بمُحمدٍ بنِ عبدِ الله (ص)؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد دلّت البراهينُ العقليّةُ والشرعيّةُ على أنّ الأرضَ لا تخلو مِن حُجّةِ اللهِ وخليفتِه، الذي يهتدي بهِ العبادُ إلى الصّراطِ المُستقيم، وقد رُويَ عنِ الإمامِ الصّادقِ عليه السّلام، قالَ: « لم تخلُ الأرضُ منذُ كانَت مِن حجّةٍ عالمٍ يُحيي فيها ما يُميتونَ منَ الحقّ» (كمالُ الدّين ص221)، وقد وردَ بمعناهُ رواياتٌ كثيرة.
إذا عرفتَ هذا، نقولُ: إنّ ختمَ النّبوّةِ والرّسالةِ بالنبيّ محمّدٍ صلّى اللهُ عليه وآله بمعنى أنّ النّبيّ محمّداً هوَ آخرُ الأنبياءِ فلا نبيّ بعدَه، وأنّ رسالتَه هيَ آخرُ الرّسالاتِ، والإسلامُ هوَ الدّينُ المُرتضى عندَ اللهِ تعالى.. ومنَ الواضحِ أنّ هذا لا يتنافى معَ وجودِ حُججٍ إلهيّينَ بعدَ خاتمِ الأنبياءِ صلّى اللهُ عليهِ وآله، دورُهم هدايةُ النّاسِ وتعليمُهم أحكامَ الإسلامِ والأخذُ بيدِهم لطريقِ النّجاةِ وتكونُ لهُم المرجعيّةُ الدّينيّةُ والعلميّةُ.. بَل وجودُ الإمامِ بعدَ النّبيّ الخاتمِ ضروريٌّ؛ باعتبارِ أنّ النبوّةَ والرّسالةَ خُتمَت، فلن يأتي نبيٌّ ولا رسولٌ ليقومَ بدورِ حفظِ الدّينِ وهدايةِ النّاس، فلابدَّ مِن وجودِ إمامٍ يكونُ هوَ المرجعَ في الشّؤونِ الدّينيّةِ والعلميّةِ، في العقيدةِ والأحكامِ والتّفسيرِ ونحوِها، فالإمامُ هوَ الذي ترجعُ إليهِ الأمّةُ للحصولِ على التّفسيرِ الصّحيحِ والبتِّ في حالاتِ الإختلافِ بينَ الأمّةِ وكشفِ الغثِّ منَ السّمينِ وتمييزِ الحقِّ منَ الباطلِ، فإذا لم يكُن هناكَ إمامٌ يخلفُ الخاتمَ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ سيتعرّضُ الدّينُ إلى التّحريفِ حتّى لا يبقى منهُ شيءٌ، وهذا يعني أنّ أصلَ الخاتمةِ يقتضي ضرورةَ وجودِ الإمامِ المعصومِ ليكونَ حافِظاً للدّينِ عَن تأويلِ الجاهلينَ وإنتحالِ المُبطلينَ وتزييفِ المُضلّينَ، وقد وردَ بهذا المعنى أخبارٌ كثيرةٌ، ينظرُ مثلاً: بصائرُ الدّرجاتِ ص30، الكافي ج1 ص32، كمالُ الدّين ص221، وغيرُها.
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
اترك تعليق