ماهو حكم سب اعداء اهل البيت (ع)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
الولايةُ لأهلِ البيتِ (ع) والبراءةُ مِن أعدائِهم، مِن أعمالِ القلوبِ، المُرتبطةِ بالعقيدةِ، فهُما مِن أركانِ الإيمانِ، ولا يستقيمُ الإيمانُ من دونِهما.
وأمّا التولّي والتبرّي (وهُما إظهارُ الولاءِ والبراءِ على الجوارحِ) فمِن فروعِ الدّينِ.
قالَ الشيخُ الصّدوقُ:
بابُ الإعتقادِ في الظّالمينَ : إعتقادُنا فيهم أنّهم ملعونونَ، والبراءةُ منهُم واجبةٌ ... وإعتقادُنا فيمَن جحدَ إمامةَ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ بنِ أبي طالب والأئمّةِ مِن بعدِه - عليهم السّلام - أنّهُ بمنزلةِ مَن جحدَ نبوّةَ جميعِ الأنبياء.
وإعتقادُنا فيمَن أقرَّ بأميرِ المؤمنينَ وأنكرَ واحداً مِن بعدِه منَ الأئمّةِ أنّهُ
بمنزلةِ مَن أقرَّ بجميعِ الأنبياءِ وأنكرَ نبوّةَ محمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّم ... وأمّا فاطمةُ صلواتُ اللهِ عليها فإعتقادُنا فيها أنّها سيّدةُ نساءِ العالمينَ منَ الأوّلينَ والأخيرينَ ، وأنَّ اللهَ يغضبُ لغضبِها ، ويرضى لرضاها ، وأنّها خرجَت منَ الدّنيا ساخطةً على ظالمِيها وغاصبيها ومانعي إرثِها ...
وإعتقادُنا في البراءةِ أنّها واجبةٌ منَ الأوثانِ الأربعةِ ومنَ الأندادِ الأربعةِ ومِن جميعِ أشياعِهم وأتباعِهم، وأنّهم شرُّ خلقِ اللهِ.
ولا يتمُّ الإقرارُ باللهِ وبرسولِه وبالأئمّةِ إلّا بالبراءةِ مِن أعدائِهم .
وإعتقادُنا في قتلةِ الأنبياءِ وقتلةِ الأئمّةِ أنّهم كفّارٌ مشركونَ مُخلّدونَ في أسفلِ دركٍ منَ النّار .
ومَن إعتقدَ فيهم غيرَ ما ذكرناهُ فليسَ عندَنا مِن دينِ اللهِ في شيءٍ . (الإعتقاداتُ للصّدوقِ ص102 – 106).
روى الكُلينيُّ بالإسنادِ عن أبي حمزةَ قالَ : قالَ لي أبو جعفرٍ عليه السّلام : إنّما يعبدُ اللهَ مَن يعرفُ اللهَ ، فأمّا مَن لا يعرفُ اللهَ فإنّما يعبدُه هكذا ضلالاً.
قلتُ : جعلتُ فداكَ فما معرفةُ الله ؟
قالَ : تصديقُ اللهِ عزَّ وجلَّ وتصديقُ رسولِه صلّى اللهُ عليهِ وآله وموالاةُ عليٍّ عليهِ السّلام والإئتمامُ بهِ وبأئمّةِ الهُدى عليهم السّلام والبراءةُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ مِن عدوِّهم ، هكذا يُعرفُ اللهُ عزَّ وجلّ . (الكافي للكُليني: 1 / 180).
وروى الصّدوقُ بالإسنادِ عن رسولِ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) : النّظرُ إلى عليٍّ بنِ أبي طالب عبادةٌ ، وذِكرُه عبادةٌ ، ولا يُقبلُ إيمانُ عبدٍ إلّا بولايتِه والبراءةِ مِن أعدائِه. (الأمالي للصّدوقِ ص201).
والرّواياتُ متواترةٌ في لزومِ البراءةِ مِن أعداءِ الله.
وأمّا سبُّ أعداءِ أهلِ البيتِ (ع):
فقد روى الكُلينيّ بأسانيدَ مُتعدّدةٍ رسالةَ الإمامِ الصّادقِ (ع) إلى شيعتِه حيثُ يقولُ في بعضِ فقراتِها: وإيّاكُم وسبَّ أعداءِ اللهِ حيثُ يسمعونَكم فيسبّوا اللهَ عدواً بغيرِ علمٍ وقد ينبغي لكُم أن تعلموا حدَّ سبِّهم للهِ كيفَ هو ؟ إنّهُ مَن سبَّ أولياءَ اللهِ فقد إنتهكَ سبَّ اللهِ ومَن أظلمُ عندَ اللهِ ممَّن أستسبَّ للهِ ولأولياءِ اللهِ ، فمهلاً مهلاً فاتّبعوا أمرَ اللهِ ولا حولَ ولا قوّةَ إلّا بالله . (الكافي للكُليني: 8 / 8).
قالَ العلّامةُ المجلسي: قولُه: ( حيثُ يسمعونَكم ) بفتحِ الياءِ أي " يسمعونَ منكُم " بل سبّوا أعداءَ اللهِ في الخلواتِ ، وفي مجامعِ المؤمنينَ ، ويُحتملُ أن يُقرأ بضمِّ الياءِ يُقالُ : أسمعَهُ أي شتمَه ، أي إن شتموُكم لا تسبّوا أئمّتَهم ، فإنّهم يسبّونَ أئمّتَكُم ، ثمَّ فسّرَ عليهِ السّلام معنى سبِّ اللهِ بأنّهم لا يسبّونَ اللهَ ، بلِ المُرادُ بسبِّ اللهِ سبَّ أولياءِ اللهِ ، فإنَّ مَن سبَّهم فقد سبَّ اللهَ، ومَن أظلمُ ممَّن فعلَ فِعلاً يعلمُ أنّهُ يصيرُ سبباً لسبِّ اللهِ وسبِّ أوليائِه. (مرآةُ العقولِ: 25 / 16).
وقالَ المازندرانيُّ: ( وإيّاكُم وسبَّ أعداءِ اللهِ . . ) إلخ أي أئمّةَ الجورِ وأتباعَهم .
( حيثُ يسمعونَكم ) دلَّ على جوازِ الشّتمِ حيثُ لا يسمعونَه ويجوزُ أن يُقرأ بضمِّ الياءِ مِن أسمعَهُ إذا شتمَه فدلَّ على النّهي عَن شتمِهم معَ شتمِهم إيّاكم فكيفَ معَ عدمِه .
( فيسبّوا اللهَ عدواً بغيرِ علمٍ ) هذهِ العبارةُ تحتملُ وجهينِ أحدُهما ما ذكرَ الفاضلُ الأمينُ الأسترآبادي : وهوَ أنّهم يسبّونَ مَن ربّاكم ومَن علّمَكم السّبَّ ومنَ المعلومِ أنَّ المُربّي والمعلّمَ هوَ اللهُ تعالى بواسطةِ النّبيّ وآله عليهم السّلام فينتهي سبُّهم إلى اللهِ مِن غيرِ علمِهم بهِ وثانيهما أنّهم يسبّونَ أولياءَ اللهِ كما دلَّ عليه بعضُ الرّواياتِ صريحاً ودلَّ عليه أيضاً ظاهرُ هذهِ الرّوايةِ كما أشارَ إليه بقوله : ( وقد ينبغي لكُم أن تعلموا حدَّ سبِّهم للهِ ) أي معناهُ كيفَ هوَ .
( أنّهُ مَن سبَّ أولياءَ اللهِ فقد إنتهكَ سبَّ اللهِ ) أي دخلَ فيهِ وتناولَه وقد عدَّ سبَّهم سبَّ اللهِ تعظيماً لهم مِن ذلكَ ونظيرُه في آخرِ كتابِ التوحيد .
( ومَن أظلمُ عندَ اللهِ ممَّن إستسبَّ للهِ ولأوليائِه ) قالَ الفاضلُ الأسترآبادي : فيهِ دلالةٌ واضحةٌ على أنّهُ لا يجوزُ السبُّ حيثُ يسمعونَ مُطلقاً عندَ الخوفِ والأمن .
( فمهلاً مهلاً ) منصوبٌ مُقدّرٌ والتّكريرُ للمُبالغةِ ، والمهلُ بالتّسكينِ الرّفقُ بالتّحريكِ الثاني ويُطلقُ على الواحدِ والإثنينِ والجمعُ المُذكّرُ والمؤنّثُ ( فاتّبعوا أمرَ اللهِ ) في جميعِ الأمورِ ومنها الولايةُ والمُجاملةُ معَ النّاسِ والتقيّةُ منهُم . (شرحُ أصولِ الكافي: 11 / 193).
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
اترك تعليق