هل هناكَ علاقةٌ بينَ علمِ الرّجالِ والحديثِ وبينَ علمِ الأنسابِ؟ وهل تنطبقُ صفاتُ الرّاوي على الرّجلِ النسّاب؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أمّا الشقُّ الأوّلُ منَ السّؤالِ، فنقولُ: إنّ العلاقةَ بينَ علمِ الرّجالِ والحديثِ وبينَ علمِ النّسبِ يمكنُ أن تكونَ علاقةَ العمومِ والخصوصِ مِن وجهٍ، إذ كلٌّ منهُما يجتمعانِ في تناولِ الفردِ الإنسانيّ مِن جهةِ الإسمِ فقط، ويفترقُ كلٌّ منهُما عنِ الآخرِ في أنّ علمَ النّسبِ يبحثُ عن شخصيّةِ الفردِ مِن جهةِ التّعريفِ بهِ وبأبيهِ وجدِّه وإنتمائِه لأيّ قبيلةٍ، وهل لهُ عقبٌ أو لا. وأمّا علمُ الرّجالِ والحديثِ فيبحثُ عَن هذا الفردِ نفسِه بعدَ تحديدِ هويّتِه عَن كونِه ثقةً أو لا؛ ضعيفاً أو غيرَ ضعيفٍ، وهل يصلحُ حديثُه للإحتجاجِ أو لا.
إذن: فهُما يجتمعانِ في تحديدِ إسمِ الفردِ فقط، ويفترقُ كلٌّ منهُما عنِ الآخرِ في جهاتِ البحثِ. أي أنّ جهةَ البحثِ في علمِ النّسبِ هيَ غيرُ جهةِ البحثِ في علمِ الرّجالِ والحديثِ. ولنأخُذ مثالاً توضيحيّاً على ذلكَ: فلو جِئنا إلى بعضِ أفرادِ الإنسانِ، وليكُن إسمُه (عليٌّ بنُ محمّد)، فنقولُ: إنّ عليّاً بنَ محمّدٍ موجودٌ في كتابِ علمِ النّسبِ، وهوَ نفسُه موجودٌ في كتابِ علمِ الرّجالِ والحديثِ، ولكن معَ أنّ هذهِ الشخصيّةَ واحدةٌ، ومعروفةٌ باسمِ (عليٍّ بنِ محمّدٍ)، غيرَ أنّ البحثَ عنها في علمِ النّسبِ مُختلفٌ عمّا هوَ في علمِ الرّجالِ والحديثِ، فجهةُ الإشتراكِ بينَ العلمينِ تجتمعانِ وتتّفقانِ في تحديدِ الإسمِ فقط، وجهةُ الإفتراقِ بينَهما في أنّ ما يُبحثُ فيهِ في علمِ الرّجالِ عَن هذهِ الشخصيّةِ هوَ غيرُ ما يُبحثُ في علمِ النّسب.
وأمّا الجوابُ عنِ الشقّ الثاني منَ السّؤالِ، فنقولُ: ينبغي بل يجبُ أن يكونَ الرّجلُ النسّابُ المُتصدّي للتّعريفِ بهويّةِ الأشخاصِ وإنتمائِهم القبليّ، أن يكونَ ثقةً مُتحرّزاً منَ الكذبِ، فلا يُدخلُ في النّسبِ مَن ليسَ منه، ولا يُخرجُ منه مَن هوَ فيهِ داخلٌ أصلاً، لئلّا يكونَ سبباً رئيساً في تغيّرِ النّسب، فتصيبه حينئذٍ دعوةُ الرّسولِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) في الحديثِ المشهورِ والمعروفِ عنه لـمّا قالَ: ملعونٌ مَن إنتسبَ إلى غيرِ أبيه. ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق