موقف علماء الشيعة الإمامية من روايات أهل السنة

سؤال: هل يعمل الشيعة بروايات أهل السنة، وماذا ينبغي أن يكون موقفنا تجاه مرويات أهل السنة؟

: السيد رعد المرسومي

الجواب:

اعلم أخي السائل الكريم أنّ التعامل مع روايات أهل السنة يكون بحسب ما ورد في متونها ومضمونها ودلالاتها، وذلك لأن روايات أهل السنة تارة تكون متعارضة مع روايات أهل البيت (عليهم السلام)، ومخالفة لهم، وتارة تكون متوافقة مع رواياتهم. وتارة تكون رواياتهم غير متعارضة مع رواياتنا ولا متوافقة معها.

فإنْ كانت روايات أهل السنة تتعارض مع ما ثبت من روايات عن أهل بيت العصمة (سلام الله عليهم أجمعين) فلا عبرة بها، بل يضرب بها عرض الجدار، كما في رواياتهم الواردة في كتبهم في مسألة غسل الأرجل في الوضوء، التي تخالف صريحاً الروايات الواردة عن أهل بيت العصمة (سلام الله عليهم أجمعين) في وجوب مسح القدمين، وليس غسلهما. ونحو ذلك من الروايات التي تخالف روايات أهل البيت (ع).

وإن كانت رواياتهم متوافقة مع روايات أهل البيت عليهم السلام، فحينئذٍ ستكون روايات أهل البيت (عليهم السلام) هي الأصل في الباب، وروايات أهل السنة ستكون مؤيدة لها. فيستأنس بها حينئذٍ من هذا الباب، كما هو الحال مع حديث الثقلين وحديث الغدير وحديث المنزلة وغيرها من الأحاديث التي رواها الشيعة والسنة على سواء.

وإن كانت روايات أهل السنة لا تتعارض مع روايات أهل البيت (ع) ولا تتوافق معها، فينظر في هذا النوع من الروايات فإن كانت مما يرويها رواة معرفون لدى علماء الشيعة الإمامية ومترجم لهم في كتبنا الرجالية بالتوثيق والمدح، فحينئذٍ تخضع مثل هذه الروايات لمعايير التدقيق العلمي والضوابط التي درج عليها علماء مدرسة أهل البيت (ع) لبيان ما تدل عليه من حكم بحسب ما يتوصل إليه الفقيه، كما صرح شيخ الطائفة الطوسي في كتابه (عدة الأصول) في مبحث حجية خبر الواحد، إذ صرح هناك بأن الطائفة عملت بمرويات السكوني وحفص بن غياث وغياث بن كلوب وغيرهم من أبناء العامة.

وإن لم تكن الروايات في هذا النوع مما يرويها رواة معروفون ومترجم لهم في كتبنا الرجالية، فستكون مثل هذه الروايات في عداد الروايات المهجورة، لجهالة حال رواتها عندنا، وإنْ كان رواتها معروفون بالوثاقة لدى العامة، وذلك لاختلاف المباني وأسس الجرح والتعديل بين الفريقين (الشيعة والسنة) كما هو مفصل في كتب الأصول في مبحث حجية خبر الآحاد وعلم الرجال.

بقي أن ننبه على وجود طائفتين من الأخبار والروايات:

إحدى الطائفتين: هي تلك الروايات التي تروى في باب الأدعية والأخلاق وفضائل الأعمال ونحوها، فهذه مما لا إشكال في روايتها وإن كان رواتها من أبناء العامة، مادامت هذه الروايات لا يترتب عليها حكم شرعي.

والطائفة الأخرى: من الروايات هي تلك التي تروى في باب السير والتاريخ فهذه الروايات إذا كانت عليها أمارات الوثوق والشواهد المؤيدة لها حسب مباني المنهج التاريخي فيؤخذ بها، وإلا فلا. 

ودمتم سالمين.