مصادرُ إنكار زواجِ أمِّ كلثوم ابنةِ الإمامِ عليٍّ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) في كتبِ العامّة.

: السيد عبدالهادي العلوي

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاتُه،المعروفُ عن أبناءِ العامّةِ هوَ القولُ بوقوعِ الزواجِ، وليسَ لهُم قولٌ معروفٌ في إنكارِ الزواجِ منَ الأساسِ وإن كانَ هناكَ اختلافٌ في التفاصيل، ولم أعثُر على مصدرٍ مُعتمدٍ عندَهم يُنكرُ الزواجَ مِن أصله، عدا ما قد يظهرُ منَ العلّامة مُحيي الدينِ النووي في [تهذيبِ الأسماءِ واللغات ج2 ص369]، إذ يقول: « أختا عائشة.. هُما أسماءُ بنتُ أبي بكر وأمُّ كلثوم.. وأمُّ كلثوم هذه تزوّجَها عمرُ بنُ الخطاب »، فقد يُقال: إنّ كلامَه ظاهرٌ في أنّ أمّ كلثوم التي تزوّجَها عمرُ بنُ الخطّابِ هيَ بنتُ أبي بكرٍ لا بنتُ أميرِ المؤمنين (عليهِ السلام). والإنصافُ أنّ كلامَه غيرُ واضحٍ في إنكارِ زواجِ السيّدةِ أمِّ كلثوم بنتِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) مِن عُمرَ بنِ الخطّاب؛ إذ إنّه يقولُ قبلها في [ج2 ص365]: « أمّ كلثوم بنتُ عليٍّ بنِ أبي طالب (رضيَ اللهُ عنه وعنها).. تزوّجَها عمرُ بنُ الخطّاب.. فولدَت له زيداً ورقيّة، وتوفّيَت أمُّ كلثوم وابنُها زيدٌ بنُ عُمر في يومٍ واحد.. »، ومُقتضى الجمعِ بينَ عبارتيه أنّهُ قائلٌ بزواجِ بنتِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام)، وقائلٌ بزواجِ أمِّ كلثوم بنتِ أبي بكرٍ أيضاً.  ثمّ إنّ كلامَه المُتقدّمَ حولَ زواجِ بنتِ أبي بكرٍ ظاهرٌ في النكاحِ والزواجِ، إلّا أنّ الخبرَ المرويَّ هو أنّ عُمرَ بنَ الخطّابِ خطبَها فرفضَته، فلعلَّ النوويَّ يعني بقولِه: « تزوّجَها » أي خطبَها. فقد جاءَ في [تاريخِ الطبري ج3 ص270]: « قالَ المدائنيُّ: وخطبَ أمَّ كلثومٍ بنتَ أبي بكرٍ وهيَ صغيرةٌ، وأرسلَ فيها إلى عائشة، فقالت: الأمرُ إليك، فقالَت أمُّ كلثوم: ولا حاجةَ لي فيه، فقالَت لها عائشة: ترغبينَ عن أميرِ المؤمنينَ؟ قالت: نعَم، إنّهُ خشنُ العيشِ، شديدٌ على النساء، فأرسلَت عائشةُ إلى عمرو بنِ العاص فأخبرَته، فقالَ: أكفيكِ، فأتى عُمر، فقالَ: يا أميرَ المؤمنين، بلغني خبرٌ أعيذكَ باللهِ منه، قالَ: وما هو؟ قالَ: خطبتَ أمَّ كلثوم بنتَ أبي بكر، قالَ: نعم، أفرغبتَ بي عنها أم رغبتَ بها عنّي؟ قال: لا واحدة، ولكنّها حدثةٌ، نشأت تحتَ كنفِ أمّ المؤمنينَ في لينٍ ورفق، وفيكَ غلظةٌ ونحنُ نهابُك وما نقدرُ أن نردّكَ عن خُلقٍ مِن أخلاقِك، فكيفَ بها إن خالفتكَ في شيءٍ فسطوتَ بها كنتَ قد خلفتَ أبا بكرٍ في ولدِه بغيرِ ما يحقُّ عليك؟! قالَ: فكيفَ بعائشةَ وقد كلّمتُها؟ قالَ: أنا لكَ بها، وأدلّكَ على خيرٍ منها، أمُّ كلثومٍ بنتِ عليٍّ بنِ أبي طالب، تعلق منها بنسبٍ مِن رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ [وآله] وسلّم ».  نعم، ذهبَ بعضُ علمائِنا (رضوانُ اللهِ عليهم)، كالسيّدِ شهابِ الدينِ المرعشيّ في [شرحِ إحقاقِ الحق ج2 ص490] إلى أنّ عُمرَ بنَ الخطّاب « تزوّجَ أمَّ كلثوم بنتَ أبي بكر، أمُّها أسماءُ بنتُ عميس، وولدَ لهُ منها زيدٌ بنُ عمر، فهيَ أختُ محمّدٍ بنِ أبي بكر لأبيهِ وأمّه، وحيثُ كانَت ربيبةَ مولانا أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) وبمنزلةِ بنتِه في بيتِه وحجرِ تربيتِه سرى الوهمُ إلى أكثرِ المؤلّفينَ، وعندَنا شواهدُ قويّةٌ على ذلك»، وهذا أحدُ الأقوالِ في هذا الزواج.