ما سرُّ ضربِ الإمامِ الجوادِ (ع) بيدِه الأرض؟

في خبرٍ أوردَه الطبريّ في دلائلِ الإمامةِ (ص400) عن زكريّا بنِ آدم قالَ : إنّي لعندَ الرّضا إذ جيءَ بأبي جعفرٍ عليهِ السلام وسنُّه أقلُّ مِن أربعِ سنين ، فضربَ بيدِه إلى الأرضِ ورفعَ رأسَه إلى السماءِ فأطالَ الفكرَ ، فقالَ لهُ الرّضا عليهِ السلام : بنفسي فلمَ طالَ فكرُك ؟ فقالَ : فيما صُنعَ بأمّي فاطمةَ، أما واللهِ لأخرجنّهما ثمَّ لأحرقنّهما ثمَّ لأذرينّهما ثمّ لأنسفنَّهما في اليمِّ نسفاً ، فاستدناهُ وقبّلَ بينَ عينيه ، ثمَّ قال : بأبي أنتَ وأمّي أنتَ لها يعني الإمامةَ. السؤالُ: ما سرُّ ضربِ الإمامِ الجوادِ (ع) بيدِه الأرض؟

: السيد رعد المرسومي

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،لعلَّ ضربَ الإمامِ عليهِ السلام الأرضَ بيدِه مِن بابِ التصرّفِ التكوينيّ، بمعنى: أنّ الأرضَ تضطربُ عندَما يذكرُ أحدُ الأئمّةِ (عليهم السلام) مصائبَ أهلِ البيتِ (ع) كمُصيبةِ سيّدةِ نساءِ العالمينَ (ع) وما جرى عليها مِن أحداثٍ أليمةٍ، فيلجأ الإمامُ لضربِ الأرضِ بيدِه أو رجلِه لتسكنَ، ويؤيّدُ ذلكَ أنّ هذا الفعلَ لا يفعلهُ إلّا الإمامُ المعصومُ عليهِ السلام، هو ما جاءَ في تتمّةِ هذا الخبرِ أنّ الإمامَ الرّضا (ع) قالَ لولدِه بعدَ هذا الفعل: (بأبي أنتَ وأمّي، أنتَ لها [يعني الإمامة]. وجملةُ ( يعني الإمامةَ ) ليسَت مِن كلامِ الإمام ، بل الظاهرُ أنّها مِن كلامِ الطبري، أو أحدِ رواةِ الحديث، وضميرُ ( لها ) مرجعُه إلى فاطمة - عليها السّلام - أو لهذهِ الأمورِ التي تجري لأجلِها ، وتكونُ بيدِ ابنِ الإمامِ الجوادِ الحجّة عجّلَ اللهُ تعالى فرجَه ، وفيهِ دلالةٌ على الإمامةِ بوجه. [ينظر: بحارُ الأنوار، للعلّامةِ المجلسيّ (ج50/ص61)]. [ومدينةُ المعاجز، ج ٧، السيّدُ هاشم البحراني، ص ٣٢٥]. ومـمّا يؤيّدُ أنَّ الأرضَ إذا اضطربَت واهتزّت، فلا تسكنُ إلّا أن يضربَها الإمامُ المعصومُ بيدِه هو ما وردَ مِن رواياتٍ بهذا الصددِ، فمِنها: ما ذكرَها، الحرُّ العاملي، في كتابِه إثباتُ الهُداةِ بالنصوصِ والمُعجزات، (ج3/ص522)، والسيّدُ هاشمٌ البحراني، في البرهانِ في تفسيرِ القرآن، ج ٥، ص ٧٢٧ بإسنادِهم إلى فاطمةَ عليها السّلام قالَت : أصابَ الناسَ زلزلةٌ على عهدِ أبي بكرٍ وعُمر ففزعَ الناسُ إليهما ، فوجدوهما قد خرجا فزعين إلى عليٍّ عليهِ السّلام ، فتبعَهم الناسُ حتّى انتهوا إلى بابِ عليٍّ عليهِ السّلام : فخرجَ إليهم غيرَ مُكترثٍ لِما هُم فيه ، ومضى وتبعَه الناسُ حتّى انتهى إلى طلعةٍ ، فقعدَ عليها ، وقعدوا حولَه ينظرونَ إلى حيطانِ المدينةِ ترتجُّ ذاهبةً وجائيةً ، فقالَ لهم : كأنّكم قد هالَكم ما ترونَ ؟ قالوا : وكيفَ لا يهولنا ولم نرَ مثلها زلزلةً ! فحرّكَ شفتيه ، ثمَّ ضربَ الأرضَ بيدِه ، ثمَّ قالَ لها : اسكني ، فسكنَت فتعجّبوا مِن ذلكَ ( الحديث ). هذا ما لدينا بخصوصِ هذا السؤال. ودمتُم سالِمين.