هل الاعتقاد بالتناسخ باطل؟
السؤال: يعتقد بعض الغلاة بالتناسخ أو التقمّص، ويقولون: إنّه لتصحيح أخطاء في الحياة السابقة تحقيقاً لعدل الله تعالى في الأرض. فهل القول به ضلال أم كفر؟ وهل في الإسلام ما يدلّ عليه؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
في بادئ الأمر نسوق عدّة أسئلة لا بُدّ منها: إذا مات الإنسان، هل يستمرّ في وجوده أو يعدم؟ وهل يعدُّ الموت نهاية له أو بداية لشيء جديد؟ إذْ طرحت فرضيّات قديمة وحديثة يسعى الإنسان من خلالها إلى معالجة أهمّ حقيقة وأصدق واقع، وهي: ماذا بعد الموت؟ وما مصير الإنسان الذي ينتظره؟ هل يفارق أحبابه من آباء وأبناء؟ هل سيلتقي بهم في هذه الحياة؟ هل هناك لقاء آخر في هذا العالم بأشكال وصور جديدة؟
فللإجابة عن هذا السؤال، طرح البشر منذ القدم أجوبة متعدّدة عن حقيقة الموت ونهاية البشر.
فمنها ما طرحه بعضهم من خلال الاستعانة ببعض الفلسفات الباطلة، هي القول بالتقمّص والتناسخ، قائلين: إنّ النفس البشريّة حين تموت تنتقل من قميصها وبدنها الذي كانت فيه إلى قميص وبدن آخر من نفس نوع البدن الأوّل؛ فقد تنتقل بعد الموت من بدن إنسان إلى بدن إنسان آخر، أو تنتقل بعد الموت إلى جسم من نوع آخر مثل جسم حيوان، ويسمّى مسخاً، أو جسم نبات، ويسمّى فسخاً، أو جسم حجر، ويسمّى رسخاً، وهكذا تبقى النفس تنتقل من جسم إلى آخر وتتردّد بين الأجسام المختلفة لا إلى نهاية. [الإسلام والتناسخ للعامليّ ص 71].
نعم، قال به بعض الناس من الفرق التي لم تهتدِ إلى الحقّ ولم تعرف له طريقاً، كفرقة الكيسانيّة والخطّابيّة وغيرهما. [طائفة النصيريّة للحلبيّ ص 85].
وما دفعهم إلى الإيمان بمثل هذه الدعاوى الباطلة هو إنكارهم وعدم إيمانهم بالمعاد، إذْ لـمّا اعتقدوا بعدم وجود حياة أخرى في عالم آخر، أنكروا اليوم الآخر الذي تحدّث عنه القرآن الكريم في آياته كثيرًا، واعتقدوا أيضاً بعدالة الله تعالى وكونه لا يظلم أحداً، وأنّ الله تعالى يجزي المحسنين لإحسانهم، وذلك من خلال إعادة أرواحهم عند موتهم إلى هذا العالم، في جسد آخر يكون أفضل من الجسد السابق الذي كانوا فيه إن كانوا من المحسنين. وكذلك يجزي المسيئين على أعمالهم السيّئة القبيحة، فيجعل أرواحهم الشريرة في بدن ناقص يعاني من المشاكل والأمراض الكثيرة، غير تامّة الخلقة، فيه نقائص، من أجل أن يعاقبهم على تلك الأعمال، لِيُطَهِّرهم ويُكَمِّلهم. [طائفة النصيريّة للحلبيّ ص 85، والإسلام والتناسخ للعامليّ ص 71].
والقرآن العزيز يكذّبهم في آياته، كما في قوله تعالى: {حتى إذا جاء أحدهم الموتى قال ربّ ارجعوني لعلّي أعمل صالحا فيما تركت كلّا إّنها كلمة هو قائلها، ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون }. [سورة المؤمنين: آية 99-100].
وقال إِمامنا الصادق (ع): «إنّ أصحاب التناسق قد خلّفوا ورائهم منهاج الدين وزيّنوا لأنفسهم الضلالات، وزعموا أَنّ السماء خاوية ما فيها شيءٌ ممّا يوصف» (بحار الأنوار ج 4، ص 320، ح 3).
وعن الإمام الرضا (ع) أنّه قال: «من قال بالتناسخ فهو كافر بالله العظيم، مكذّبٌ بالجنّة والنار» [بحار الأنوار ج 4، ص 320، ح 2]. والحمد لله ربّ العالمين.
اترك تعليق