ما هو التعليل الأنسب لاستيلاء الإمام الحسين (ع) على أموال معاوية لعنه الله؟
ما هو التوجيه والتعليل الأنسب لاستيلاء الإمام الحسين عليه السلام على أموال لمعاوية لعنه الله، وقد جاء في كتاب (شرح نهج البلاغة ج١٨ / ص ٤٠٩) ما نصّه : ((كان مال حمل من اليمن إلى معاوية فلما مر بالمدينة وثب عليه الحسين بن علي (عليه السلام)، فأخذه وقسمه في أهل بيته ومواليه، وكتب إلى معاوية: من الحسين بن علي إلى معاوية بن أبي سفيان، أما بعد، فإن عيرا مرت بنا من اليمن تحمل مالا وحللا وعنبرا وطيبا إليك لتودعها خزائن دمشق وتعل بها بعد النهل بنى أبيك، وإني احتجت إليها فأخذتها. و السلام)) فهل أخذها الإمام بالولاية والإمامة الشرعية؟
السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،هذه الحكايةُ نقلَها ابنُ أبي الحديدِ المُعتزليّ في [شرحِ نهجِ البلاغة ج18 ص409]، وكأنّها مِن مُنفرداتِه، وقد نقلَها عنه الفقيهُ الأوحديّ السيّدُ محمّد مهدي بحر العلوم في [الفوائدِ الرجاليّةِ ج4 ص48]، وعلّقَ عليها بقولِه: « قلتُ: والحكايةُ الثانية - عندَنا - منَ الأكاذيبِ الباطلة، فإنّ مقامَ الحُسين (عليهِ السلام) يجلُّ عن هذهِ الدنيّةِ، ويأبى تصديقَ تلكَ القضيّة، فإنّ الدّنيا كلّها وإن كانَت له وليسَ لمعاويةَ في العيرِ ولا في غيرِها فتيلٌ ولا نقير، إلّا أنّ الحالَ قد كانَت حالَ مُسالمةٍ وموادعة، والتوثّبَ على أخذِ المالِ شنيعٌ في مثلِ هذه الحال، وليسَ ذلكَ كتعرّضِ النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) لعيرِ قريشٍ، ولا كتعرّضِه (عليهِ السلام) للورسِ المحمولِ إلى يزيدَ منَ اليمن، فإنّهما قد وقعا حالَ المُباينةِ والاختلاف، بخلافِ الأولى، ولو لم يمنَع مِن ذلكَ إلّا كفُّ ألسنةِ المُخالفينَ له والمُبتغينَ سبيلَ الطعنِ عليه لكفى إلّا أن يسلكَ بذلكَ سبيلَ المُطايبةِ والمُعابثة، وفيهِ حزازةٌ أخرى ». هذا ظاهرُ الأمر، ولو افترَضنا أنّها حصلَت بحالِ المُباينةِ والاختلافِ فالوجهُ في مُصادرةِ الإمامِ (عليهِ السلام) لقافلةِ بيتِ المالِ واضحٌ؛ إذ نعتقدُ أنّ بيتَ المالِ بيدِ الإمامِ المعصومِ (عليهِ السلام)، وأنَّ الصرفَ منهُ لإدارةِ شؤونِه وشؤونِ مَن يتّصلُ به منَ الأولويّاتِ، ومعاويةُ غاصبٌ لمقامِ الإمامةِ السياسيّةِ ولبيتِ المال، والغصبُ لا يغيّرُ الملكيّةَ والولاية، فالإمامُ الحُسينُ (عليهِ السلام) أخذَ ما هو حقَّه وفي ولايتِه [ينظر: جواهرُ التاريخ ج3 ص372].
اترك تعليق