ما صحة رواية ان أمُّ الإمامِ الصّادق هي فاطمةُ بنتُ القاسمِ بنِ أبي بكرٍ وأمُّها أسماءُ بنتُ أبي بكر؟
إنَّ هذهِ العبارةَ موضعُ ريبٍ وشكٍّ لعدّةِ أمورٍ مِنها: أوّلاً: لم يروِها الشيعةُ، بل هيَ مِن مرويّاتِ أهلِ السنّةِ، وعليهِ: فكيفَ يصحُّ الاحتجاجُ على الشيعةِ بما لم يُروَ عندَهم؟ ثانياً: حتّى لو كانَ الشيعةُ هُم الذينَ رووها، فإنّها لا تتضمّنُ افتخاراً، ولا تصويباً لأبي بكرٍ فيما فعل، بل هيَ تقريرٌ لأمرٍ واقع، لا يفيدُ مدحاً ولا ذمّاً, فإنَّ قولَك: فلانٌ ابنُ فلان، أو عمُّه، أو ابنُه، أو فلانةُ زوجةُ فلان، أو فلانٌ زوجُ فلانة لا يفيدُ ذمّاً ولا مدحاً لكلٍّ منَ الطرفين. وقد وردَت الإشارةُ إلى أمثالِ هذهِ الأمورِ في القرآنِ الكريم، فراجِع سورةَ التحريم وغيرَها. ومِن بابِ المِثالِ القريبِ نقول: نحنُ لسنا ببعيدينَ عن عمّي النبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) الحمزةِ وأبي لهب, ومكانُ كلٍّ مِنهما واضحٌ لدى عمومِ المُسلمين فتدبّر. ثالثاً: إنَّ مَن ينتسبُ إلى رسولِ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) لا يحتاجُ إلى الافتخارِ بالانتسابِ إلى أحدٍ سواه, خصوصاً معَ ما صدرَ مِن أبي بكرٍ تجاهَ الزهراءِ (عليها السلام)، التي هيَ جدّةُ الصّادقِ (عليهِ السلام), وتجاهَ الإمامِ عليّ (عليهِ السلام) الذي هوَ جدُّ الإمامِ الصّادقِ (عليهِ السلام), وهوَ مِـمّا لا يجهلهُ أحد. رابعاً: في صحّةِ حديثِ: ولدني أبو بكرٍ مرّتين نقاشٌ، وذلكَ لِما يلي: 1 ـ ذكرَ القرمانيّ في (أخبارِ الدولِ وآثارِ الأُوَلِ (بهامشِ الكاملِ في التاريخِ سنةَ 1302 هـ) ج1 ص234): أنَّ أمَّ الإمامِ الصّادقِ «عليهِ السلام» هيَ «أمُّ فروة بنتُ القاسمِ بنِ محمّدٍ بنِ أبي سمرة». وعدمُ ورودِ القاسمِ بنِ مُحمّد بنِ أبي سمرة في كتبِ الرّجالِ لا يعني أنّه شخصيّةٌ موهومة، إذ ما أكثرَ الشخصيّاتِ الحقيقيّةَ التي أهملَ التاريخُ ذكرَها لأكثرِ مِن سبب. ولعلَّ هذا هوَ السببُ في أنّ الشهيدَ قد اكتفى بالقولِ: «أمُّ فروة بنتُ القاسمِ بنِ محمّد». (ينظر: راجِع: بحارُ الأنوار ج47 ص1). 2 ـ هناكَ جماعةٌ ـ ومِنهم الجنابذيّ ـ تقولُ: إنَّ أمَّ فروة هيَ جدّةُ الإمامِ الباقرِ «عليهِ السلام» لأمِّه، وليسَت زوجته، ولا هيَ أمُّ الإمامِ الصّادقِ «عليهِ السلام» ( ينظر: كتابُ كشفِ الغمّةِ (ط سنة 1381 هـ المطبعةِ العلميّة ـ قم) ج2 ص120 وناسخُ التواريخِ، حياةُ الإمامِ الصّادق ج1 ص11 وبحارُ الأنوار ج46 ص218). 3 ـ لعلَّ شُهرةَ القاسمِ بنِ محمّدٍ بنِ أبي بكر تجعلُ اسمَه دونَ سواه يسبقُ إلى ذهنِ الرّواة، فإذا كتبوا القاسمَ بنَ محمّدٍ، فإنّهم يضيفونَ كلمةَ «ابنِ أبي بكر»، جرياً على الالفةِ والعادةِ، أو الميلِ والهوى القلبيّ. أضِف إلى ذلكَ: أنَّ القاسمَ بنَ محمّدٍ أكثرُ مِن رجلٍ، كما يُعلَم مِن مُراجعةِ كتبِ التاريخِ والتراجم. هذا ما عندَنا عَن هذه العبارة ِالتي يُردّدُها بعضُهم دونَ التأمّلِ في الإشكالاتِ الواردةِ نحوَها. ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق