هل صحيح ان رسول الله (ص)قد غمر آبار بدر؟

السلام عليكم....هل صحيح ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قد غمر آبار بدر كما في فيلم الرسالة؟ اليس الماء مباحا للصديق والعدو؟ واذا كان للصديق فقط فلماذا نشنع على ابن سعد حين منع الامام الحسين عليه السّلام من الماء؟...افيدونا جزاكم الله خيرا

الجوابُ»:

بِسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

روَت العامّةُ في كُتبِهم خبرَ إشارةِ الحبّابِ بنِ المُنذرِ على النبيّ بمنعِ المُشركينَ مِن ماءِ آبارِ بدرٍ فأخذَ برأيه. ولم تروهِ كُتبُنا فقد رواه: ابنُ إسحاقَ في المغازي كما في سيرةِ ابنِ هشام (2/ 272) بإسنادٍ مُنقطِعٍ، وأخرجَه البيهقيُّ في الدلائل (3/ 31 - 35).

والحديثُ مِن روايةِ ابنِ هشامٍ ضعيفٌ جدّاً، لأنّهُ مُعضِلٌ مُنقطِعٌ.

ومِن روايةِ البيهقي ضعيفٌ لإرساله.

ومتنُ الروايةِ مردودٌ لأسباب:

أوّلُها: متى كانَ النبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وآله مُحتاجاً إلى مَن يُرشِدُه منَ الناسِ فإنَّ اللهَ تعالى دائمُ الرعايةِ لنبيّهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله، والتسديدِ له بألطافِه وبجبريلَ وبالملائكةِ المُقرّبينَ، فغيرُ مُحتاجٍ لأحدٍ كي يُصحّحَ خطأه فإِن كَانَ فِي اَلأُمَّةِ مَن يُنَبِّهُ النبيَّ كَانَ هَذَا اَلمُنَبِّهُ إمَّا مَعصُوماً أَو مِمَّن يَجُوزُ عَلَيهِ اَلخَطَأُ فَإِن كَانَ اَلثَّانِيَ اِفتَقَرَ النبيُّ لِغَيرِهِ ولَزِمَ اَلتَّسَلسُلُ.

وَمَن لَا يَهدِي إِلَّا أَن يُهدَى خَلِيقٌ أَلَّا يُتبَعَ لِمَا دَلَّ إِنكَارُ اَللَّهِ تَعَالَى ذَلِكَ وَوَبَّخَ عَلَيهِ بِقَولِهِ تَعَالَى: (أَفَمَن يَهدِي إِلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهدَى فَمَا لَكُم كَيفَ تَحكُمُونَ) [يُونُس: 35].  

ثانيها: النبيُّ كريمٌ لا يمنعُ الماءَ حتّى لأعدائِه لأنّهُ خلافُ المروءةِ والخُلقِ المُحمّديّ الأصيل الذي قالَ اللهُ تعالى فيه:《وإنّكَ لعُلى خُلقٍ عظيم》[القلم:4] .

كيفَ والعفو سجيّتُه وهوَ الذي قالَ يومَ الفتحِ اذهبوا فأنتُم الطّلقاء..

ثالثها: لا يخفى على كلِّ ذي فطنةٍ أنَّ القومَ يضعونَ مثلَ تلكَ الأكاذيبِ على النبيّ تبريراً لأفعالِ أئمّتِهم فمعاويةُ منعَ الماءَ عن جيشِ أميرِ المؤمنينَ عليهِ السلام في صفّينَ بينَما الأميرُ عليهِ السلام عندَما كشفَ الماءَ لم يمنَع جيشَ الشامِ عَنه.

وكذا ولدُه الحسينُ الشهيد عليهِ السلام قد ارتوى مِن مائِه جيشُ يزيد بنِ معاوية بينَما هُم منعوهُ وعيالَهُ عنه.

والحمدُ للهِ أوّلاً وآخراً.