فرح عائشة بقتل الأمير(ع)

السؤال: هل ثبت فرح عائشة عند مقتل أمير المؤمنين (عليه السلام)؟

: الشيخ نهاد الفياض

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكرنا في جوابٍ سابقٍ تحت عنوان (العلاقة بين علي وفاطمة، وبين أبي بكر وعائشة): أنَّ العلاقة بين أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين عائشة بنت أبي بكر تصلُ إلى حدِّ التقاطع والاختلاف الكبيرين، فراجع - إنْ أحببت - ذلك.

إذا بان هذا التمهيد فليُعلم بأنَّ مصادر الفريقين قد نقلت فرح عائشة بنت أبي بكر بمقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وإليك جملةً منها.

القسم الأول: روايات العامَّة:

1ـ فقد روي في جملةٍ من مصادرهم أنَّها حين بلغها خبر استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) في الكوفة تمثَّلت بقول الشاعر:

فألقتْ عصاها ‌واستقرَّتْ ‌بها ‌النوى * كما قـرَّ عينا بالإياب المسافر

وهو من الأشعار التي تقال عند الفرح، ثمَّ قالت: من قتله؟ فقيل لها: رجلٌ من مراد، فتمثَّلت بقول الآخر:

فإنْ يكُ نائياً فلقد نعاه * غلامٌ ليس في فيه التراب

الدالُّ على القبول والرضا، فقالت لها زينب ابنة أبي سلمة: ألعليٍّ تقولين هذا؟! فقالت: إني أنسى، فإذا نسيتُ فذكروني. [يُنظر: تاريخ الطبريّ ج5 ص150، الكامل في التاريخ ج2 ص743، مقاتل الطالبيين ص55، الطبقات الكبرى ج3 ص38، العلل ومعرفة الرجال ج1 ص13، تجارب الأمم ج1 ص569] وغيرها.

2ـ وروى أبو الفرج الأمويُّ بسنده عن أبي البختريّ، قال: (‌لما ‌أنْ ‌جاء ‌عائشة ‌قتل ‌عليٍّ (عليه السلام) سجدت) [مقاتل الطالبيين ص55].

القسم الثاني: روايات الخاصَّة:

1ـ فقد قال شيخنا المفيد (طاب ثراه): إنَّ (الأخبار التي لا ريب فيها ولا مرية في صحَّتها - لاتفاق الرواة عليها -: أنها لما قُتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) جاء الناعي فنعاه لأهل المدينة، فلمَّا سمعت عائشة بنعيه استبشرت وتمثَّلت بقول الشاعر: (فإنْ يكُ ناعياً فلقد نعاه * بناعٍ ليس في فيه التراب). فقالت لها زينب بنت أبي سلمة: ألعليٍّ تقولين هذا؟! فتضاحكتْ ثمَّ قالتْ: أنسى، فإذا نسيتُ فذكِّروني، ثمَّ خرَّت ساجدةً شكراً على ما بلغها من قتله) [كتاب الجمل ص159].

2ـ وقال أيضاً (طاب ثراه): (روي عن مسروق أنه قال: دخلتُ عليها، فاستدعتْ غلاماً باسم عبد الرحمن، فسألتها عنه، فقالتْ: عبدي. فقلتُ: كيف سمَّيته بعبد الرحمن؟! قالتْ: حباً لعبد الرحمن بن ملجم قاتل علي) [كتاب الجمل ص 159، الشافي في الامامة ج4 ص356، وقعة الجمل لابن شدقم ص27].

3ـ وروى الحافظ البرسيّ: (لما قدم الحسن بن علي (عليهما السلام) من الكوفة جاءت النسوة يُعزِّينه بأمير المؤمنين (عليه السلام) ومن ضمنهن عائشة حيث قالت للإمام الحسن (عليه السلام): يا أبا محمَّد، ما فقد جدك إلَّا يوم فقد أبوك. فردَّ عليها بقوله: نسيت نبشك في بيتكِ ليلاً بغير قبسٍ بحديدةٍ ـ حتَّى ضَربتْ الحديدة كفَّك فصارت جرحاً إلى الآن ـ تبغين جراراً خضراً، فأخذتِ منها أربعين ديناراً، لتفرِّقيها في مبغضي عليٍّ (عليه السلام)، وقد تشفَّيتِ بقتله، فقالتْ: قد كان ذلك) [مشارق أنوار اليقين ص١٢٩، بحار الأنوار ج32 ص276].

والنتيجة المتحصَّلة من كلِّ ذلك، هي ثبوت فرحها بمقتل أمير المؤمنين وسيِّد الوصيين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في روايات الفريقين، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..

والحمد لله ربِّ العالمين.