مواريث الأنبياء والأوصياء عند الإمام المهدي (عج)

السؤال: هل مواريث الأنبياء والأوصياء موجودةٌ عند الإمام المهدي (عجل الله فرجه)؟ وما هي؟

:  الشيخ محمد باقر آل حيدر

الجواب:

إنّ من الأمور الواضحة أنَّ حُجَّة كلِّ عصرٍ - نبيَّاً كان أو اماماً - لابُدَّ أنْ يكون معه مواريث مَن قبله من الأنبياء والأوصياء، ويشهد له ما رواه الكلينيّ بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ومثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل، في أيّ أهل بيتٍ وُجد التابوت على أبوابهم أوتوا النبوَّة، ومن صار إليه السلاح منَّا أوتِيَ الإمامة» [الكافي ج1 ص233].

وما رواه الخزاز القُمّيّ عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: «دخلتُ على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - وهو متفكّرٌ مغمومٌ - فقلت: يا رسول الله ما لي أراك متفكّرا؟ قال: يا بنيَّ، إنَّ الروح الأمين قد أتاني فقال: يا رسول الله، العليُّ الأعلى يقرئك السلام، ويقول لك: إنَّك قد قضيت نبوَّتك واستكملت أيامك، فاجعل الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوَّة عند عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فإنّي لا أترك الأرض إلَّا وفيها عالِمٌ يعرف به طاعتي، ويعرف به ولايتي، فإنّي لم أقطع على النبوَّة من الغيب من ذرّيتك، كما لم أقطعها من ذرّيَّات الأنبياء الذين كانوا بينك وبين أبيك آدم.

قلتُ: يا رسول الله، فمن يملك هذا الأمر بعدك؟

قال: أبوك عليُّ بن أبي طالب أخي وخليفتي، ويملك بعد عليٍّ الحسن، ثم تملك أنت وتسعةٌ من صلبك، يملكه اثنا عشر إماماً، ثم يقوم قائمُنا يملأ الدنيا قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، ويشفي صدور قومٍ مؤمنين هم شيعته» [كفاية الأثر ص178-179].

فهناك ميراثٌ وآثارٌ، يدفعها واحدٌ لواحدٍ، حُجَّةً بعد حُجَّة، عند استكمال الأيام، فقد مرّت المواريث حتى بلغت إمامنا المنتظر (عليه السلام)، حيث روى النعمانيُّ عن أبي جعفر الجواد (عليه السلام) قال: «إذا ظهر القائم (عليه السلام) ظهر براية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وخاتم سليمان، وحجر موسى، وعصاه..» [الغيبة ص244].

وقد عقدتُ هذه الكلمات للكلام في تلك المواريث على وجه الاختصار، فمَن شاء التفصيل يمكنه مراجعة كتب الحديث، ككتاب الشيخ الصفَّار الموسوم بـ [بصائر الدرجات ج1 ص347]، فإنّه عقد باباً لذلك وأورد فيه سبعاً وخمسين رواية.

الأول: المصحف الذي جمعه أمير المؤمنين (عليه السلام):

حيث جمع المصحف بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ودفعه الى أبي بكر فردَّه الآخر، ثمَّ لمَّا تولى الخلافة عمر بن الخطاب، ادّعى رغبته بالاجتماع على مصحف عليٍّ (عليه السلام) قائلاً: يا أبا الحسن! إنْ جئتَ بالقرآن الذي كنتَ قد جئتَ به إلى أبي بكرٍ حتى نجتمع عليه، فقال عليه السلام: «هيهات ليس إلى ذلك سبيل، إنما جئتُ به إلى أبي بكر لتقوم الحُجَّة عليكم، ولا تقولوا يوم القيامة إنَّا كنَّا عن هذا غافلين، أو تقولوا ما جئتنا به.

أنَّ القرآن الذي عندي لا يمسُّه إلَّا المطَّهرون والأوصياء من ولدي. قال عمر: فهل لإظهاره وقتٌ معلومٌ؟

فقال عليه السلام: نعم إذا قام القائم من ولدي، يظهره ويحمل الناس عليه، فتجري السُنَّة به صلوات الله عليه» [الاحتجاج ج1 ص228].

وروى الشيخ الصفَّار بإسناده عن سالم بن أبي سلمة قال: «قرأ رجلٌ على أبى عبد الله (عليه السلام) -وانا اسمع- حروفاً من القرآن ليس على ما يقرؤها الناس. فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فإذا قام [القائم] فقرأ كتاب الله على حدّه، وأخرج المصحف الذي كتبه عليٌّ (عليه السلام)، وقال: أخرجه عليٌّ (عليه السلام) إلى الناس حيث فرغ منه وكتبه فقال لهم: هذا كتاب الله كما انزل الله على محمد، وقد جمعته بين اللوحين، قالوا: هو ذا عندنا مصحفٌ جامعٌ فيه القرآن، لا حاجة لنا فيه. قال: أما والله لا ترونه بعد يومكم هذا أبدا، إنَّما كان عليَّ أنْ أخبركم به حين جمعته لتقرؤوه» [بصائر الدرجات ص213].

الثاني: عمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله):

وتُسمَّى السحاب، وهي التي كساها النبيُّ (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) [ينظر: مكارم الأخلاق ص36]، وقد روي أنّ المهدي يسير إلى قتال الدجال "وعلى رأسه عمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمامة بيضاء» [عقد الدرر ص277].

الثالث: قميص رسول الله (صلى الله عليه وآله) ودرعه:

حيث روى النعمانيُّ (رحمه الله) بإسنادٍ له الى أبي عبد الله (عليه السلام) قال «إنه –يعني القائم- يخرج موتوراً غضبان أسفاً لغضب الله على هذا الخلق، يكون عليه قميص رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان عليه يوم أحد» [الغيبة ص320].

و بإسناده الى يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال: «ألا أريك قميص القائم الذي يقوم عليه؟ فقلت: بلى. قال: فدعا بقمطرٍ ففتحه وأخرج منه قميص كرابيس فنشره، فإذا في كمِّه الأيسر دمٌ، فقال: هذا قميص رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي عليه دم يوم ضربت رباعيته، وفيه يقوم القائم، فقبلت الدَّم ووضعتُه على وجهي، ثم طواه أبو عبد الله (عليه السلام) ورفعه» [الغيبة ص251].

وروى الكلينيّ بإسناده الى معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ولقد لبس أبي درع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخطت على الأرض خطيطاً، ولبستُها أنا فكانت وكانت، وقائمُنا من إذا لبسها ملاها إنْ شاء الله» [الكافي ج1 ص233]، وفي خبرٍ: أنَّ اسم هذه الدرع ذات الفضول [ينظر: الكافي ج1 ص234].

الرابع: سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله):

حيث روى النعمانيُّ بإسنادٍ له عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: «وتعرفه [يعني الحُجَّة] بالحلال والحرام، وبحاجة الناس إليه، ولا يحتاج إلى أحد، ويكون عنده سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله)» [الغيبة 249]. ومن المعلوم أن سلاحه (صلى الله عليه وآله) هو نفسه سيف أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو ذو الفقار [الكافي ج1 ص236]، ولم يخرجه الإمام الحسين (عليه السلام) معه الى كربلاء بل استودعه عند أم سلمة (رضوان الله عليها) مع باقي المواريث [ينظر: الكافي ج1 ص235].

الخامس: راية رسول الله (صلى الله عليه وآله):

روى الشيخ النعمانيُّ بإسنادٍ له الى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا يخرج القائم (عليه السلام) حتى يكون تكملة الحلقة. قلت: وكم تكملة الحلقة ؟ قال: عشرة آلاف جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، ثم يهزُّ الراية ويسير بها فلا يبقى أحدٌ في المشرق ولا في المغرب إلَّا لعنها، وهي راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) نزل بها جبرئيل يوم بدر.

ثم قال: يا أبا محمد، ما هي والله قطنٌ ولا كتَّانٌ ولا قزٌّ ولا حرير. قلت: فمن أي شيء هي؟ قال: من ورق الجنَّة، نشرها رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم بدر، ثم لفَّها ودفعها إلى عليٍّ (عليه السلام)، فلم تزل عند عليٍّ (عليه السلام) حتى إذا كان يوم البصرة نشرها أمير المؤمنين (عليه السلام) ففتح الله عليه، ثم لفَّها وهي عندنا هناك لا ينشرها أحدٌ حتى يقوم القائم (عليه السلام)، فإذا هو قام نشرها فلم يبق أحدٌ في المشرق والمغرب إلَّا لعنها، ويسير الرعب قدامها شهرًا، وورائها شهراً، وعن يمينها شهراً، وعن يسارها شهراً» [الغيبة ص320].

وعن ابي عبد الله (عليه السلام) قال: «ولما كان يوم صفين سألوه نشر الراية فأبى عليهم فتحمَّلوا عليه بالحسن والحسين (عليهما السلام) وعمَّار بن ياسر (رضي الله عنه)، فقال للحسن: يا بني، إنّ للقوم مدةً يبلغونها، وإنَّ هذه راية لا ينشرها بعدي إلا القائم صلوات الله عليه» [الغيبة للنعمانيّ ص319].

وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كأنّي بالقائم (عليه السلام) على نجف الكوفة... فينتشر راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمودها من عمود العرش وسائرها من نصر الله، لا يهوي بها إلى شيءٍ أبداً إلَّا هتكه الله. فإذا هَّزها لم يبق مؤمنٌ إلَّا صار قلبه كزبر الحديد...» [كامل الزيارات ص233]

وروى الصدوق (رحمه الله) بإسنادٍ له إلى الصادق ابي عبد الله (عليه السلام) قال: «كأنّي أنظر إلى القائم عليه السلام على ظهر النجف،، فإذا استوى على ظهر النجف ركب فرسا... فإذا نشر راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) انحط إليه ثلاثة عشر ألف ملكٍ و ثلاثة عشر ملكاً كلُّهم ينتظر القائم (عليه السلام)، وهم الذين كانوا مع نوحٍ (عليه السلام) في السفينة والذين كانوا مع إبراهيم الخليل (عليه السلام) حيث أُلقِي في النار، وكانوا مع عيسى (عليه السلام) حيث رفع، وأربعة آلاف مسوَّمين ومردفين، وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكاً يوم بدر، وأربعة آلاف ملكٍ الذين هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي (عليهما السلام) فلم يُؤذن لهم فصعدوا في الاستئذان وهبطوا وقد قتل الحسين (عليه السلام) فهم شعثٌ غبرٌ يبكون عند قبر الحسين (عليه السلام) إلى يوم القيامة، وما بين قبر الحسين (عليه السلام) إلى السماء مختلف الملائكة» [كمال الدين ص672].

السادس: عصا موسى (عليه السلام):

وهي من شجرٍ يقال له العوسجة –ضربٌ من الشوك-، فقد روى الصدوق (رحمه الله) أنَّ رجلاً سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن أول شجرةٍ غرست في الأرض، فقال (عليه السلام) «العوسجة، ومنها عصا موسى (عليه السلام)» [عيون الأخبار ص221].

روى الشيخ الصفَّار (رحمه الله) بإسناده عن محمد بن الفيض عن محمد بن علي (عليه السلام) قال: «كان عصى موسى لآدم فصارت إلى شعيب ثم صارت إلى موسى بن عمران، وإنَّها لعندنا، وإنَّ عهدي بها آنفاً، وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرها، وانها لتنطق إذا استُنطقت، أُعدَّت لقائمنا ليصنع كما كان موسى يصنع بها، وإنَّها لتروع وتلقف. قال: إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أراد الله أنْ يقبضه أورث علياً (عليه السلام) علمه وسلاحه وما هناك، ثم صار إلى الحسن والحسين، ثم حين قتل الحسين استودعه أم سلمة، ثمَّ قبض بعد ذلك منها. قال: فقلت: ثم صار إلى عليّ بن الحسين ثم صار إلى أبيك ثم انتهى إليك؟ قال: نعم» [بصائر الدرجات ص203].

وعن أبي بصيرٍ عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: «خرج أمير المؤمنين ذات ليلةٍ على أصحابه بعد عتمةٍ وهم في الرحبة وهو يقول: همهمةٌ وليلةٌ مظلمةٌ، خرج عليكم الإمام وعليه قميص آدم، وفى يده خاتم سليمان و عصا موسى (عليه السلام)» [بصائر الدرجات ص198].

السابع: تابوت السكينة:

وهذا التابوت مذكورٌ في قوله تعالى {وَقَالَ لَهُم نَبِيُّهُم إِنَّ آَيَةَ مُلكِهِ أَن يَأتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِن رَبِّكُم وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحمِلُهُ المَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُم إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ} [البقرة: 248] حيث نصَّت الآية على أنَّ التابوت يحتوي على سكينةٍ منَ اللهِ تعالى، وعلى آثارِ آلِ موسى وآلِ هارون، وفي روايةٍ نقلها الشيخُ الكلينيّ أنَّ الإمامَ الباقرَ (عليهِ السلام) سُئلَ عن الآيةِ الكريمة، فقالَ: «رضراضُ الألواحِ فيها العلمُ والحكمة» [الكافي ج8 ص317]، وفي روايةٍ أخرى نقلَها الكلينيّ بإسنادٍ له عن الإمامِ الرّضا (عليهِ السلام): «تلكَ السكينةُ في التابوت، وكانَت فيه طشتٌ تُغسَلُ فيها قلوبُ الأنبياء، وكانَ التابوتُ يدورُ في بني إسرائيلَ معَ الأنبياء» [الكافي ج3 ص472].

وهذا التابوت عند إمامنا المنتظر (عليه السلام) حيث قال أمير المؤمنين (عليه السلام) -في خطبةٍ له- «.. ويسير الصدّيق الأكبر برايةِ الهدى، والسيفِ ذي الفقار، والمخصرة حتّى ينزلَ أرضَ الهجرة مرّتين وهي الكوفة، فيهدمُ مسجدَها ويبنيه على بنائه الأوّل، ويهدمُ ما دونه من دور الجبابرة، ويسيرُ إلى البصرة حتّى يُشرِفَ على بحرها، ومعهُ التابوت، وعصا موسى..» [مختصر بصائر الدرجات ص201].

الثامن: الجفر الأبيض والجفر الأحمر:

روى الشيخ الصفَّار بإسناده عن الحسين بن أبي العلاء قال: «سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: عندي الجفر الأبيض، قال: قلنا: وأيُّ شيءٍ فيه؟ قال: فقال لي: زبورُ داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف إبراهيم، والحلال والحرام، ومصحف فاطمة.

ما أزعم أنَّ فيه قرآنا، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد، حتى أنَّ فيه الجلدة، ونصف الجلدة، وثلث الجلدة، وربع الجلدة، وأرش الخدش، وعندي الجفر الأحمر وما يدريهم ما الجفر؟ قال: قلنَّا: جُعلت فداك، وأيُّ شيءٍ في الجفر الأحمر؟ قال: السلاح، وذلك أنَّها تفتح للدم، يفتحها صاحب السيف للقتل..» [بصائر الدرجات ص170].

وبسناده عن رفيد مولى أبي هبيرة قال: «قلتُ لأبي عبد الله (عليه السلام): جُعلتُ فداك يا بن رسول الله، يسير القائم بسيرة علي بن أبي طالبٍ في أهل السواد؟ فقال: لا يا رفيد، إنَّ علي بن أبي طالب سار في أهل السواد بما في الجفر الأبيض، وإنَّ القائم يسير في العرب بما في الجفر الأحمر.

قال: فقلتُ له: جعلتُ فداك، وما الجفر الأحمر؟ قال: فامرَّ إصبعه إلى حلقه، فقال: هكذا -يعني الذبح-» [بصائر الدرجات ص173].

التاسع: الجامعة:

ومن المواريث الجامعة التي يتناقلها الأئمة واحداً بعد واحدٍ، حيث روى الشيخ الصفَّار (رحمه الله) بإسناده عن أبي عبيدة قال: «سأل أبا عبد الله (عليه السلام) بعضُ أصحابنا عن الجفر، فقال: هو جلد ثورٍ مملوٌّ علماً فقال له: ما الجامعة؟ فقال: تلك صحيفةٌ طولها سبعون ذراعا في عرض الأديم مثل فخذ الفالج فيها كلَّما يحتاج الناس إليه، وليس من قضية إلَّا وفيها [حتى] أرش الخدش» [بصائر الدرجات ص173]، وبإسنادٍ له إلى ابي عبد الله (عليه السلام قال: «ولكن عندنا والله الجامعة فيها الحلال والحرام» [بصائر الدرجات ص177].

وروى الشيخ الصدوق (رحمه الله) عن عليِّ بن موسى الرضا (عليهما السلام) قال: «للإمام علاماتٌ يكون أعلم الناس.. ويكون عنده الجامعة وهي صحيفة طولها سبعون ذراعاً فيها جميع ما يحتاج إليه ولد آدم» [عيون الأخبار ص192].

العاشر: مصحف فاطمة (عليها السلام):

روى الشيخ الصفَّار بإسناده عن أبي عبيدة وقد سأل الصادقَ أبا عبد الله (عليه السلام) عن مصحف فاطمة (عليها السلام) فقال له: «...إنَّ فاطمة مكثت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) خمسةً وسبعين يوماً وقد كان دخلها حزنٌ شديدٌ على أبيها ، و كان جبرئيل يأتيها فيحسن عزاها على أبيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيَّتها، وكان علىٌّ يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة» [بصائر الدرجات ص173].

وروى الشيخ الصدوق عن عليٍّ بن موسى الرضا (عليهما السلام) قال: «للإمام علاماتٌ يكون اعلم الناس.. ويكون عنده مصحف فاطمة (عليها السلام)» [عيون الأخبار ص193].

الحادي عشر: صحيفتان فيها أسماء شيعتهم وأسماء أعدائهم:

وهما مكتوبٌ فيهما اسماء شيعتهم وأعدائهم الى يوم القيامة، حيث روى الشيخ الصدوق (رحمه الله) عن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: «للإمام علاماتٌ، يكون أعلم الناس... ويكون عنده صحيفةٌ فيها أسماء شيعتهم إلى يوم القيامة، وصحيفة فيها أسماء أعدائهم إلى يوم القيامة» [عيون الأخبار ج1 ص192].

الثاني عشر: خاتم نبيّ الله سليمان (عليه السلام):

حيث وعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أميرَ المؤمنين (عليه السلام) أنه سيؤتى خاتم نبي الله سليمان (عليه السلام)، كما في رواية الشيخ الصفَّار (رحمه الله) بإسناده عن جابر قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «ألم تسمع قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عليٍّ (عليه السلام) والله لتؤتينَّ خاتم سليمان، والله لتؤتينَّ عصا موسى» [بصائر الدرجات ص208].

و روى النعمانيُّ عن الجواد أبي جعفرٍ (عليه السلام) قال: «إذا ظهر القائم (عليه السلام) ظهر براية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وخاتم سليمان، وحجر موسى وعصاه...» [الغيبة ص244].

وعن أبي بصيرٍ عن أبي جعفرٍ الباقر (عليه السلام) قال: «خرج أمير المؤمنين ذات ليلةٍ على أصحابه بعد عتمةٍ وهم في الرحبة وهو يقول همهمةٌ وليلةٌ مظلمةُ، خرج عليكم الامام وعليه قميص آدم وفى يده خاتم سليمان وعصا موسى (عليه السلام)» [الكافي ج1 ص231، بصائر الدرجات ص198].

وفي خطبةٍ لأمير المؤمنين (عليه السلام) بعد أنْ سأله الأصبغ بن نباتة: يا أمير المؤمنين من الدجال؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «... ألا وإنَّ أكثر أتباعه يومئذٍ أولاد الزنا، وأصحاب الطيالسة الخضر، يقتله الله (عزَّ وجلَّ) بالشام على عقبةٍ تعرف بعقبة أفيق لثلاث ساعاتٍ مضت من يوم الجمعة، على يد من يصلي المسيح عيسى بن مريم (عليهما السلام) خلفه، ألا إنَّ بعد ذلك الطامَّة الكبرى. قلنا: وما ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: خروج دابَّة (من) الأرض من عند الصفا، معها خاتم سليمان بن داود، وعصا موسى (عليهم السلام)، يضع الخاتم على وجه كلِّ مؤمنٍ فينطبع فيه: هذا مؤمنٌ حقاًّ، ويضعه على وجه كلِّ كافرٍ فينكتب هذا كافرٌ حقا، حتى أنَّ المؤمن لينادي: الويل لك يا كافر، وإنَّ الكافر ينادي طوبى لك يا مؤمن، وددت أنّي اليوم كنت مثلك فأفوز فوزاً عظيما...» [كمال الدين ص527].

الثالث عشر: كتب أنبياء الأمم السابقة:

فقد ثبت من الروايات الشريفة عنهم (عليهم السلام) أنَّ كتب الأنبياء السابقين عندهم يتوارثونها وأنَّها عند حُجَّة كلِّ عصر، فقد روى الكلينيّ بإسناده عن هشام ابن الحكم في حديث (بريه): «أنَّه لما جاء معه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) فلقي أبا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) فحكى له هشام الحكاية، فلما فرغ قال أبو الحسن (عليه السلام) لبريه: «يا بريه كيف علمك بكتابك؟ قال: أنا به عالِم، ثم قال: كيف ثقتك بتأويله؟ قال: ما أوثقني بعلمي فيه، قال: فابتدأ أبو الحسن (عليه السلام) يقرأ الإنجيل؟ فقال بريه: إياك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك، قال: فآمن بريه وحسن إيمانه، وآمنت المرأة التي كانت معه.

فدخل هشام وبريه والمرأة على أبي عبد الله (عليه السلام) فحكى له هشام الكلام الذي جرى بين أبي الحسن موسى (عليه السلام) وبين بريه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ذريَّةٌ بعضها من بعضٍ والله سميعٌ عليمٌ. فقال بريه: أنَّى لكم التوراة والإنجيل وكتب الأنبياء؟ قال: هي عندنا وراثةً من عندهم نقروها كما قروها، ونقولها كما قالوا، إنَّ الله لا يجعل حُجَّةً في أرضه يسأل عن شيءٍ فيقول لا أدري» [الكافي ج1 ص227 الاختصاص ص292].

وروى العياشيُّ بإسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كلُّ كتابٍ أُنزل فهو عند أهل العلم» [تفسير العياشيّ ج1 ص369]، وفي الخبر: «إذا قام قائم آل محمد (عليه السلام) حكم بحكم داود وسليمان، لا يسأل بينة» [الكافي ص397].

وفي بعض الأخبار أنَّ هذه الكتب المقدَّسة في الجفر، وقد ذكرنا واحداً منها في النقطة الثامنة.

الرابع عشر: صحيفةٌ بخط أمير المؤمنين (عليه السلام):

روى المسعوديُّ بإسناده عن أبي دعامة عن الهادي علي بن محمد (عليه السلام) قال: قال لي: «يا أبا دعامة قد وجب حقُّك، أفلا أحدثك بحديثٍ تسر به ؟ قال: فقلتُ له: ما أحوَجَنِي إلى ذلك يا ابن رسول الله. قال: حدَّثني أبي محمد بن علي، قال: حدَّثني أبي علي بن موسى، قال: حدَّثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدَّثني أبي جعفر بن محمد قال: حدَّثني أبي محمد بن علي، قال: حدَّثني أبي علي بن الحسين، قال: حدَّثني أبي الحسين بن علي، قال: حدَّثني أبي علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم ! قال: قال رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم): أكتب يا علي، قال: قال: قلت: وما أكتب؟ قال لي: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، الإيمان ما وقَّرته القلوب، وصدَّقته الأعمال، والإسلام ما جري به اللسان، وحلَّت به المناكحة.

قال أبو دعامة: فقلتُ: يا ابن رسول الله، ما أدري والله أيُّهما أحسن الحديث أم الإسناد؟ فقال: إنَّها لصحيفةٌ بخطِّ علي بن أبي طالب بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نتوارثها صاغراً عن كابر» [مروج الذهب ج4 ص85].

وغير ذلك من المواريث، كلُّها لدى صاحب العصر والزمان إمامنا المنتظر، عجل الله تعالى فرجه وسهّل مخرجه، اللَّهم وهب لنا رأفته ورحمته ودعاءه وخيره، والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة على محمد وآله الطاهرين.