كيفَ تمَّ تحديدُ أماكنِ قطعِ كفوفِ أبي الفضلٓ العبّاس (عليهِ السلام)

كيفَ تمَّ تحديدُ أماكنِ قطعِ كفوفِ أبي الفضلٓ العبّاس (عليهِ السلام) الموجودةِ حاليّاً ناحيةَ السوقِ في مدينةِ كربلاء المقدسة، أعني كيفَ تمَّ الوصولُ إلى المكانِ وتحديدُه بدقّة؟

الجوابُ: 

السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،

قالَ العلّامةُ السيّد عبدُ الرزّاقِ المُقرّم في كتابه [العبّاسِ بنِ أميرِ المؤمنين ص301ـ302] تحتَ عنوان (مشهدُ الكفّين):

« لم يفتأ شيعةُ أهلِ البيت (عليهم السلام) ـ كما أنّهم يقتصّونَ آثارَهم في معارفِهم وتعاليمِهم ـ يتبرّكونَ بتعيينِ كلِّ ما يتعلّقُ بهم مِن مشهدٍ أو معبدٍ أو مقام، فيتبعونَها بالحفاوةِ والتبجيل، ويرونَ ذلكَ منَ متمّماتِ الولاءِ ولوازمِ الاتّباعِ والمُشايعة. 

وهوَ كما يرون؛ لأنّه إمّا مشهدٌ يُزار، أو معبدٌ يُقصَدُ للعبادة، أو محلُّ مسرّةٍ فيسرُّهم ذلك، أو موقفُ مأساةٍ فيستاؤونَ لهم، وهذا هوَ التشيّعُ المحضُ والاقتداءُ الصحيح. 

ومِن ذلك: ما نشاهدُه في كربلاء المُشرّفةِ منَ المقام (لكفَّي أبي الفضل العبّاس) اللتينِ تناقلَت حديثَهما الألسنُ، وأخذَ الخلفُ عن السلف، والسيرةُ المستمرّةُ بينَ الإماميّةِ كافيةٌ في القطعِ بثبوتِ (المقامين)، ولولاها لانتقضَ الأمرُ في كثيرٍ منَ المشاهدِ والمعابدِ والمقامات.

يقعُ مقامُ (الكفِّ اليُمنى) في جهةِ الشمالِ الشرقيّ على حدِّ محلّةِ بابِ بغداد ومحلّةِ بابِ الخان قريباً مِن بابِ الصحنِ المُطهَّرِ الواقعةِ في الجهةِ الشرقيّة، وعلى جدارِ إلمقامِ شبّاكٍ صغير، وعلى جبهتِه بيتانِ بالفارسيّة، لم يُكتَب اسمُ ناظمُهما، ولا تاريخُ البناء، ولا وضعُ الشبّاك، والبيتان: 

افتاد دست راست خدا يا زپيكرم * بر دا من حسين پرسان دست ديگرم

دست چپم بجاست اگرينست دست راست * اما هزار حيف كه يك دست بيصداست

ويقعُ مقامُ (الكفِّ اليُسرى) في السوقِ الصغيرِ الريب منَ البابِ الصغيرِ للصّحنِ الواقعةِ في الجنوبِ الشرقيّ، ويُعرفُ بسوقِ بابِ العبّاسِ الصغير، وعلى الجدارِ شبّاك، وكُتبَ بالقاشانيّ عليه (هذا نظمُ الشيخِ محمّد المعروف بالسراج).

سَل إذا ما شئتَ واسمَع واعلمِ * ثمَّ خُذ منّي جوابَ المُفهم

إنَّ في هذا المقامِ انقطعَت * يُسرةُ العبّاسِ بحرِ الكرم 

ههُنا يا صاحُ طاحَت بعدَما * طاحَت اليُمنى بجنبِ العلقم

أجرِ دمعَ العينِ وابكيهِ أساً * حقٌّ أن يبكى بدمعٍ عن دم ». 

وذكرَ الشيخُ عبدُ الواحدِ المُظفّر في [موسوعةِ بطل العلقميّ ج3 ص260 وما بعدَه] أشياءَ حولَ هذينِ المقامين، وقالَ بعدَ ذكرِ الأبياتِ المنسوبةِ للشيخِ محمّد السراج: « ويظهرُ منَ الشعرِ لمَن تأمّلَه أنّ الموضعينِ أُشيدَ فيهما البناءُ تذكاراً لسقوطِهما فيهما، لا أنّهما دُفنا فيهما.. » اهـ.