نسب أمّ البنين

هل أمُّ البنين -عليها السلام- بدويّةٌ إعرابيّة أم عربيّةُ النّسب.. وما هوَ الفرقُ بينَ الأعرابيّ والعربي؟

: السيد علي المشعشعي

الجواب:

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم،

أمُّ البنين تنحدرُ مِن بيتٍ عريقٍ في العروبةِ والشجاعة، و قالَ عَنها عقيلُ بنُ أبي طالب : ليسَ في العربِ أشجعُ مِن آبائِها و لا أفرس وهيَ فاطمةُ بنتُ حزام ، بنِ خالد ، بنِ ربيعة ، بنِ عامر ، بنِ كلاب ، بنِ ربيعة ، بنِ عامر ، بنِ صعصعةَ الكلابيّة.

وهيَ زوجةُ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ -عليهِ السلام-، وأنجبَت لهُ العبّاسَ وإخوتَه الثلاثةَ الذينَ استشهدوا في واقعةِ كربلاء، توفّيَت سنةَ 64 هـ، وقبرُها في البقيع.

وأمّا لقبُها فإنّها لُقّبَت "البدويّة" وهوَ منَ الألقابِ الأكثرِ شُهرةً عندَ عمومِ الناسِ نسبةً إلى سُكّانِها الأصل وهيَ الباديةُ ومعناهُ الكرم والشجاعة والشرف والإيمانُ الفِطري..

وﻛﺎنَ ولدُها اﻟﻌﺒّﺎسُ بنُ عليّ ﻳُﻜﻨّﻰ (اﺑﻦَ اﻟﺒﺪوﻳّﺔ)، وذلكَ لأنّها ﻛﺎﻧَﺖ ﻣﻦَ اﻟﻌﺮبِ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻄﻦُ اﻟﺒﺎدﻳﺔَ، أي اﻟﻌﺮبَ اﻷﻗﺤﺎحَ النّسب.

لهذا السّببِ تزوّجَها الإمامُ عليّ -عليهِ السلام- بإشارةٍ مِن أخيهِ عقيل -حينَ طلبَ منهُ أن يختارَ له امرأةً ولدَتها الفحولُ منَ العربِ ليتزوّجَها فتلدَ لهُ غلاماً فارساً، وكانَ عقيلٌ نسّابةً عالماً بأخبارِ العربِ وأنسابِهم فاختارَها له- وقالَ: أينَ أنتِ مِن فاطمةَ بنتِ حزام الكلابيّة، فإنّهُ ليسَ في العربِ أشجعُ مِن آبائِها ولا أفرس (1) ثمَّ أرسلَه فخطبَها وتزوّجَها، فولدَت لهُ العبّاس، ثمَّ عبدَ الله، ثمَّ جعفر، ثمَّ عُثمان، وكلّهم قُتلوا معَ أخيهم الإمامِ الحُسين -عليهِ السلام- يومَ الطفِّ في كربلاء.

وكانَت أمُّ البنينِ شاعرةً فصيحةً، تخرجُ كلَّ يومٍ إلى البقيعِ ومعَها حفيدُها عبيدُ اللهِ بنُ العبّاس وهوَ طفل، فتندبُ أولادَها الأربعةَ أشجى ندبةٍ وأحرقَها.

وأمّا سؤالُكم عن الفارقِ بينَ الأعرابيّ والعربي؟

فيقالُ في الجواب: الفوارقُ بينَ العربِ والأعرابِ، فالعربُ هُم أهلُ الصحراءِ الأصليّون الذينَ نشأوا حولَ شبهِ الجزيرةِ العربيّة، ولغتُهم الأساسيّةُ هيَ اللغةُ العربيّة، وقد اشتهروا بالفصاحةِ والشعر.

أمّا الأعرابُ: فهُم سُكّانُ الرّيف، وغالبُهم لا يرجعُ نسبُهم إلى العرب، ولكنَّ الأعرابَ القُدماءَ تعلّموا اللّغةَ العربيّةَ وعاشوا في الصّحراءِ ويتميّزونَ بالقسوةِ وشدّةِ التحمّل.

ولهذا المعنى أشارَ الإِمامُ عليٌّ بنُ أبي طالب -عليهِ السَّلام- فقال: «النباتاتُ البَدَويَّة أَقوى وَقُوداً وأَبطَأُ خُموداً» (2). إشارةً لشدّةِ التحمّلِ والقوّة..

يقولُ ابنُ الجزري في «النهايةِ في غريبِ الحديثِ والأثر»: الأعرابُ: ساكنو الباديةِ منَ العربِ الذينَ لا يقيمونَ في الأمصارِ ولا يدخلونَها إلّا لحاجة.

والعربُ: اسمٌ لهذا الجيلِ المعروفِ منَ الناسِ ولا واحدَ له مِن لفظِه وسواءٌ أقامَ بالباديةِ أو المدنِ والنسبُ إليهما: أعرابيٌّ وعربي (٣).

إذَن: الأعرابُ هُم مَن سكنَ البوادي، بخلافِ العربِ فإنّه عامٌّ لهذا النوعِ مِن بني آدم سواءٌ سكنوا البواديَ أو القُرى أو المُدن.

والحمدُ للهِ أوّلاً وآخراً..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- تنقيحُ المقال 2|128.

2- نهجُ البلاغة ـ خطبة 45.

3- النهايةُ في غريبِ الحديثِ والأثر ج3ص202.