هل أسس الشيخ المفيد عقائد الشيعة؟!؟

هل صحيحٌ ما يُقال أنّ الشيخَ المُفيد هوَ الذي أسّسَ مذهبَ الإماميّةِ بعقائدِها الموجودةِ، كعددِ الأئمّةِ والنصِّ عليهم والعصمةِ والإمامِ الثاني عشر؟

: الشيخ مروان خليفات

الجواب :

مذهبُ الإماميّةِ هوَ أطروحةُ الإسلام، والذي أسّسَه هوَ النبيُّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّم) وأئمّةُ أهلِ البيت (ع)، فعقائدُ التشيّعِ مذكورةٌ في رواياتِ أهلِ البيت (ع).

فلو أخَذنا النصَّ على الأئمّةِ وعددِهم فهناكَ عشراتُ الرواياتِ في هذا الشأنِ تبلغُ حدَّ التواتر، وقد جمعَها بعضُ المُصنّفينَ في كتبٍ خاصّة.

أمّا العصمةُ فيوجدُ حولَها أكثرُ مِن ثمانينَ نصّاً، ممّا يفيدُ تواترَ هذهِ العقيدة، وكذا الإمامُ المهدي (ع) فالرّواياتُ حولَهُ وحولَ غيبتِه كثيرةٌ جدّاً، تجاوزَت حدَّ التواتر .

إذا فهِمنا هذهِ المُقدّمةَ يتبيّنُ لنا جهلُ أولئكَ الذينَ يزعمونَ تأسيسَ الشيخِ المُفيد للنّهجِ الإمامي.

نعَم لكلِّ مذهبٍ رجالهُ البارزون، فهل نقولُ مثلاً أنَّ أبا الحسنِ الأشعري ( ت 324هـ) هوَ مؤسّسُ المذهبِ الأشعريّ السنّيّ ؟ لا شكَّ أنَّ الأشاعرةَ سيرفضونَ هذا الزعم.

لقد أتيحَت الفرصةُ للشيخِ المُفيد ، فقامَ بصياغةِ أحاديثِ أهلِ البيت (ع) بلُغةٍ كلاميّةٍ تناسبُ عصرَه، وقبلَهُ سبقَه متكلّمو الإماميّةِ أمثالَ : هشامِ بنِ الحكم ومؤمنِ الطاق وعليّ بنِ إسماعيل التمّار ...

ومِن رجالاتِ القرنِ الثالثِ الهجري : بنو نوبخت أمثالَ الحسنِ بنِ موسى وإسماعيلَ بنِ أبي سهل والناشيءِ الصغيرِ تلميذِ إسماعيل المذكور، وأبو عيسى الورّاق وابنِ قبّةَ الرّازي.

هؤلاءِ وغيرُهم لهُم مؤلّفاتٌ كثيرةٌ في الإمامةِ وسائرِ المسائلِ العقائديّة اعتمدوا فيها على القرآنِ الكريم وعلى رواياتِ أهلِ بيتِ العصمة (ع).

وكمثالٍ يُبيّنُ اعتمادَ الشيخِ المُفيد على مَن سبقهُ، قولهُ رحمَه الله في كتابِ الإفصاح : (وفي هذهِ المسألةِ كلامٌ كثير ، قد سبقَ أصحابُنا رحمَهم الله إلى استقصائِه ، وصنّفَ أبو عيسى محمّدُ بنُ هارون الورّاق كتاباً مُفرداً في معناه سمّاهُ كتابَ ( السقيفة ) يكونُ نحوَ مائتي ورقةٍ ، لم يترُك لغيرِه زيادةً عليه )

فهذا مثالٌ يبيّنُ أخذَ الشيخِ المُفيد عمَّن سبقَه مِن أعلامِ الإماميّة، بل كانَ الشيخُ المُفيدُ كثيراً ما يقرأ كتبَ المُتقدّمينَ على تلاميذِه كما في نصوصٍ عديدةٍ للشيخِ النجاشيّ في فهرستِه .

إنَّ الذي يطالعُ كتبَ الشيخِ يلحظُ اعتمادَه الأساسيَّ على القرآنِ الكريم وحديثِ المعصومينَ عليهم السلام.

وبهذا يتبيّنُ بُعدُ هذهِ الشبهةِ عن الصّواب .