رأي العلامة الميرزا الشيخ الشعراني في كتاب سليم بن قيس الهلالي

يقولُ العلّامةُ الشعرانيّ: كلُّ ما رأيناهُ منقولاً عن سُليمٍ فهوَ مِن هذا الكتابِ المعروف، وقد طُبعَ أخيراً، وفيهِ أمورٌ فاسدةٌ جدّاً كما ذكروا، فلا عبرةَ بما يُروى عنهُ إلّا أن يُؤيّدَ بقرينةٍ عقليّةٍ أو نقليّة، وقد ذكرَ إبنُ الغضائريّ أنّه وجدَ ذكرَ سُليمٍ في مواضعَ مِن غيرِ جهةِ كتابِه وروايةِ أبانَ بنِ أبي عيّاش عنه، ونقلَ عنهُ ابنُ عُقدة أحاديثَ في رجالِ أميرِ المؤمنين (عليهِ السلام)، ولكنّا ما رأينا في كُتبِنا التي بأيدينا حديثاً عنه وحينئذٍ فينحصرُ الأمرُ في الكلامِ على الكتابِ الموجود، وهوَ ضعيفٌ جدّاً، فكأنّهُ نظيرُ كتابِ الحسنيّةِ وكتابِ عبدِ المحمودِ النصرانيّ الذي أسلمَ وتحيّرَ في المذاهبِ حتّى هداهُ اللهُ للتشيّعِ موضوعٌ لغرضٍ صحيح، وإن لم يكُن لهُ واقعٌ وحقيقة. ---------------------------- تعليقاتُ العلّامةِ الميرزا الشيخِ أبو الحسنِ الشعراني (قدّس سرّه) , سؤالٌ : ما موقعُ كلامِ العلّامةِ الشعرانيّ التالي في الميزانِ العِلمي، حيثُ قالَ حولَ كتابِ سُليمِ بنِ قيس: (كلُّ ما رأيناهُ منقولاً عن سُليم فهوَ مِن هذا الكتابِ المعروف، وقد طُبعَ أخيراً، وفيهِ أمورٌ فاسدةٌ جدّاً كما ذكروا، فلا عبرةَ بما يُروى عنه إلّا أن يُؤيّدَ بقرينةٍ عقليّةٍ أو نقليّة، وقد ذكرَ إبنُ الغضائريّ أنّه وجدَ ذكرَ سُليم في مواضعَ مِن غيرِ جهةِ كتابِه وروايةِ أبانَ بنِ أبي عيّاش عنه، ونقلَ عنهُ ابنُ عُقدةَ أحاديثَ في رجالِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام)، ولكنّا ما رأينا في كُتبِنا التي بأيدينا حديثاً عنه وحينئذٍ فينحصرُ الأمرُ في الكلامِ على الكتابِ الموجود، وهوَ ضعيفٌ جدّاً، فكأنّه نظيرُ كتابِ الحسنيّةِ وكتابِ عبدِ المحمودِ النصرانيّ الذي أسلمَ وتحيّرَ في المذاهبِ حتّى هداهُ اللهُ للتشيّعِ موضوعٌ لغرضٍ صحيحٍ، وإن لم يكُن له واقعٌ وحقيقةٌ) تعليقاتُ الميرزا الشعرانيّ على شرحِ أصولِ الكافي للمازندراني ج2 ص 139

: الشيخ مروان خليفات

الجواب : 

 

ما ذكرَه الشيخُ الشعرانيّ حولَ كتابِ سُليمِ بن قيس لا يقومُ على دليلٍ متين، وهوَ مخالفٌ لِما أقرّه أعلامُ الطائفةِ عبرَ القرونِ مِن وجودِ الكتابِ ونسبتِه لسُليمِ بنِ قيس الهلالي (ت 75هـ) ، مِن هؤلاءِ الذينَ أثبتوا الكتابَ : المسعوديّ ( ت 346هـ)، الشيخُ النُّعماني ( ت 360هـ) في كتابِ الغيبة، الشيخُ الصّدوق ( ت 381هـ) في كتابِه مَن لا يحضرُه الفقيه، ابنُ النديم ( ت 384هـ) في فهرستِ ابنِ النديم، الشيخُ النجاشي ( ت 450هـ) في فهرستِ أسماءِ مُصنّفي الشيعة، الشيخُ الطوسي ( ت 460هـ) في الفهرستُ، ابنُ شهرآشوب ( ت 588هـ)، السيّدُ ابنُ طاووس (ت 664هـ )، العلّامةُ الحلّي ( ت 726هـ) ، القاضي بدرُ الدينِ السبكيّ الشافعيّ (ت 756هـ) في ( محاسنِ الوسائلِ في معرفةِ الأوائل) ، الشيخُ المجلسي ( ت 1111هـ)، الحرُّ العامليّ (ت 1104هـ)، المُحقّقُ التفريشيّ ( ت بعدَ سنة 1044هـ) ، النوريّ الطبرسي ( ت 1320هـ ) السيّدُ الخوئي ( ت 1413هـ) هؤلاءِ وغيرُهم كثيرٌ جدّاً أثبتوا الكتابَ لسُليم واعتمدوه، لكنَّ بعضَهم تكلّمَ بسندِ الكتاب ، ويمكنُ حلُّ هذا الإشكالِ مِن خلالِ الشواهدِ التي توافقُ ما جاءَ في متنِ الكتاب، وشواهدُه موجودةٌ بكثرةٍ في كتبِ مُختلفِ الطوائف.

أمّا استشهادُ الميرزا الشعرانيّ بابنِ الغضائريّ فهوَ غيرُ تام، لأنَّ كتابَ إبنِ الغضائري لم يصِلنا مُسنداً عن مؤلّفِه، والكتابُ لم يثبُت عن مؤلّفِه كما قالَ السيّدُ الخوئي .

لهذا فقولُ الشعرانيّ هذا شاذٌّ لا يمكنُ الرّكونُ إليه.

 

سؤالٌ : ما موقعُ كلامِ العلّامةِ الشعرانيّ التالي في الميزانِ العِلمي، حيثُ قالَ حولَ كتابِ سُليمِ بنِ قيس: (كلُّ ما رأيناهُ منقولاً عن سُليمٍ فهوَ مِن هذا الكتابِ المعروف، وقد طُبعَ أخيراً، وفيهِ أمورٌ فاسدةٌ جدّاً كما ذكروا، فلا عبرةَ بما يُروى عنهُ إلّا أن يُؤيّدَ بقرينةٍ عقليّةٍ أو نقليّة، وقد ذكرَ إبنُ الغضائريّ أنّه وجدَ ذكرَ سُليم في مواضعَ مِن غيرِ جهةِ كتابِه وروايةِ أبانَ بنِ أبي عيّاش عنه، ونقلَ عنهُ ابنُ عُقدة أحاديثَ في رجالِ أميرِ المؤمنين (عليهِ السلام)، ولكنّا ما رأينا في كُتبِنا التي بأيدينا حديثاً عنه وحينئذٍ فينحصرُ الأمرُ في الكلامِ على الكتابِ الموجود، وهوَ ضعيفٌ جدّاً، فكأنّه نظيرُ كتابِ الحسنيّةِ وكتابِ عبدِ المحمودِ النصرانيّ الذي أسلمَ وتحيّرَ في المذاهبِ حتّى هداهُ اللهُ للتشيّعِ موضوعٌ لغرضٍ صحيح، وإن لم يكُن له واقعٌ وحقيقة)

 

تعليقاتُ الميرزا الشعرانيّ على شرحِ أصولِ الكافي للمازندرانيّ ج2 ص 139

 

 

الجوابُ :

ما ذكرَه الشيخُ الشعرانيّ حولَ كتابِ سُليمِ بنِ قيس لا يقومُ على دليلٍ متين، وهوَ مخالفٌ لِما أقرّهُ أعلامُ الطائفةِ عبرَ القرونِ مِن وجودِ الكتابِ ونسبتِه لسُليمِ بنِ قيسٍ الهلالي (ت 75هـ) ، مِن هؤلاءِ الذينَ ذكروا كتابَ سليمِ بنِ قيس : المسعوديّ ( ت 346هـ) في التنبيهِ والإشراف، الشيخُ النّعماني ( ت 360هـ) في كتابِ الغيبة، الشيخُ الصّدوق ( ت 381هـ) في كتابِه مَن لا يحضرُه الفقيه، إبنُ النديم ( ت 384هـ) في فهرستِ إبنِ النديم، الشيخُ النجاشيّ ( ت 450هـ) في فهرستِ أسماءِ مُصنّفي الشيعة، الشيخُ الطوسي ( ت 460هـ) في الفهرست، إبنُ شهرآشوب ( ت 588هـ) في معالمِ العُلماء، السيّدُ إبنُ طاووس (ت 664هـ )، العلّامةُ الحلّي ( ت 726هـ) في خُلاصةِ الأقوال، القاضي بدرُ الدينِ السبكيّ الشافعيّ (ت 756هـ) في ( محاسنِ الوسائلِ في معرفةِ الأوائل) ، الشيخُ المَجلسي ( ت 1111هـ) في مرآةِ العقولِ وفي بحارِ الأنوار، الحرُّ العاملي (ت 1104هـ) في الفوائدِ الطوسيّة، المُحقّقُ التفريشيّ ( ت بعدَ سنةِ 1044هـ) في نقدِ الرّجال، النوريّ الطبرسي ( ت 1320هـ ) في مُستدركِ الوسائلِ، السيّدُ الخوئي ( ت 1413هـ) في مُعجمِ رجالِ الحديثِ، هؤلاءِ وغيرُهم كثيرٌ جدّاً أثبتوا الكتابَ لسُليم.

وهذهِ بعضُ كلماتِهم، واستقصاؤها يطولُ جدّاً، معَ أنَّ ذكرَ الشيخين النجاشيّ والطوسيّ لسُليمٍ وكتابِه كافٍ في إثباتِ المطلوب.

قالَ الشيخُ النّعماني ( ت 360هـ) وقولهُ هذا يُعبّرُ عن رأي الشيعةِ خلالَ ثلاثةِ قرون ونصف، قالَ : (وليسَ بينَ جميعِ الشيعةِ ممّن حملَ العلمَ ورواهُ عن الأئمّةِ ( عليهم السلام ) خلافٌ في أنَّ كتابَ سُليمِ بنِ قيس الهلاليّ أصلٌ مِن أكبرِ كتبِ الأصولِ التي رواها أهلُ العلم ومِن حملةِ حديثِ أهلِ البيت ( عليهم السلام ) وأقدمِها ، لأنَّ جميعَ ما اشتملَ عليه هذا الأصلُ إنّما هوَ عن رسولِ الله ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) وأميرِ المؤمنينَ والمقدادِ وسلمانَ الفارسيّ وأبي ذرٍّ ومَن جرى مجراهُم ممّن شهدَ رسولَ الله ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) وأميرَ المؤمنين ( عليهِ السلام ) وسمعَ مِنهُما ، وهوَ منَ الأصولِ التي ترجعُ الشيعةُ إليها ويعوّلُ عليها )

الغيبةُ ، ص 103

و قالَ المؤرّخُ المسعودي : (( و القطعيّةُ بالإمامةِ ، الاِثنا عشريّة منهم، الذينَ أصلُهم في حصرِ العددِ ما ذكرَه سليمُ بنُ قيس الهلاليّ في كتابِه )

التنبيهُ والإشراف، ص 198.

وقالَ الشيخُ إبنُ شهرِ آشوب: ( سليمُ بنُ قيس الهلالي، صاحبُ الأحاديثِ لهُ كتاب )

معالمُ العلماء، ص 93.

وقالَ السيّدُ ابنُ طاووس : ( تضمّنَ الكتابُ ما يشهدُ بشُكرِه وصحّةِ كتابِه )

التحريرُ الطاووسيّ، حسنُ بنُ زينِ الدينِ العامليّ، ص 253 .

وقالَ العلّامةُ الحِلّي ( ت 726هـ) قالَ : ( روى الكشيُّ أحاديثَ تشهدُ بشُكرِه وصحّةِ كتابِه وفي الطريقِ قول)

خلاصةُ الأقوال.

وقالَ الشيخُ المجلسيّ (ت 1111هـ) : ( إذ كتابُ سليمٍ مقبولٌ عندَ القدماءِ ، اعتمدَ عليهِ الكُلينيّ والصّدوقُ وغيرُهما ، وهُم أعرفُ بأحوالِ الرّجالِ ممَّن تأخّرَ عنهم) .

مرآةُ العقولِ في شرحِ أخبارِ آلِ الرّسول ، ج 3 - شرح ص 291

 

وقالَ أيضاً : ( و كتابُ سُليمِ بنِ قيس في غايةِ الاشتهار ، وقد طعنَ به جماعةٌ ، والحقُّ أنّهُ منَ الأصولِ المُعتبرة)

بحارُ الأنوار، ج1 ص 32 .

وقالَ الشيخُ الحرُّ العاملي : ( وهذا كتابُ سليمِ بنِ قيس الهلاليّ الذي صنّفَه في زمانِ أميرِ المؤمنينَ عليهِ السّلام وكتبَه وعرضَه على الأئمّةِ ( ع ) مشهورٌ معروفٌ مذكورٌ في كتبِ الرّجالِ موجودٌ إلى الآن وعندَنا منهُ نُسختانِ ونسختُه كثيرةٌ مُتعدّدةٌ في أصفهانَ وقُم وقزوينَ وكاشان وجبلِ عامل وغيرِ ذلك )

الفوائدُ الطوسيّة ، ص 243

وقالَ الشيخُ النوريّ الطبرسيّ عن كتابِ سُليم: ( قلتُ : كتابُه منَ الأصولِ المعروفةِ ، وللأصحابِ إليه طرقٌ كثيرة)

خاتمةُ المُستدرك ، ج 6 - ص 158

وقالَ السيّدُ الخُوئي : (إنَّ كتابَ سُليمِ بنِ قيس - على ما ذكرَه النّعماني - منَ الأصولِ المُعتبرةِ بل مِن أكبرِها ، وإنَّ جميعَ ما فيهِ صحيحٌ قد صدرَ منَ المعصومِ عليهِ السلام أو ممّن لا بدَّ مِن تصديقِه وقبولِ روايتِه ، وعدّهُ صاحبُ الوسائلِ في الخاتمةِ ، في الفائدةِ الرّابعة ، منَ الكتبِ المُعتمدةِ التي قامَت القرائنُ على ثبوتِها وتواترَت عن مؤلّفيها أو عُلمَت صحّةُ نسبتِها إليهم بحيثُ لم يبقَ فيهِ شكّ)

معجمُ رجالِ الحديث، ص 230

 

لكن يبقى الكلامُ حولَ سندِ الكتاب ، وهذا الإشكالُ يمكنُ حلّهُ مِن خلالِ الشواهدِ التي توافقُ ما جاءَ في متنِ كتابِ سُليم، قالَ المُحقّقُ مُحمّد تقي التستري، قالَ : ( فالعملُ منهُ بما لم يقُم على صحّتِه شاهدٌ غيرُ جائز) .

قاموسُ الرّجال ، ج 10 - ص 500

وشواهدُ الكتابِ موجودةٌ بكثرةٍ في كتبِ مُختلفِ الطوائف : الإماميّةِ وأهلِ السنّةِ والزيديّة.

أمّا استشهادُ الميرزا الشعرانيّ بابنِ الغضائري فهوَ غيرُ تامّ، لأنَّ كتابَ ابنِ الغضائريّ لم يصِلنا مُسنداً عن مؤلّفِه، والكتابُ لم يثبُت عن مؤلّفِه. قالَ السيّدُ الخوئي : (وأمّا الكتابُ المنسوبُ إلى ابنِ الغضائريّ فهوَ لم يثبُت ، ولم يتعرّض لهُ العلّامةُ في إجازاتِه ، وذكرِ طُرقِه إلى الكتبِ ، بل إنّ وجودَ هذا الكتابِ في زمانِ النجاشيّ والشيخِ أيضاً مشكوكٌ فيه...)

معجمُ رجالِ الحديث، ج 1 - ص 95

 

لهذا فقولُ الشعرانيّ هذا شاذٌّ لا يمكنُ الرّكونُ إليه.