موقف الشيعة من العبّاس بن عبد المطّلب

ما رأي الشيعة في العباس بن عبد المطلب عم النبي(ص)؟

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أقول: إنّ موقف الشيعة الإماميّة من العبّاس بن عبد المطّلب عمِّ النبيّ صلّى الله عليه وآله يتّضح من خلال ما أورده السيّد الخوئي (قدّس) في ترجمته في كتابه معجم رجال الحديث في (ج10/ص252)، إذْ يقول: عدّه الشيخ في رجاله ( تارة ) من أصحاب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ). و ( أخرى ) من أصحاب عليّ ( عليه السلام ) ، عند ذكره ابنه عبد الله. وعدّه البرقيّ من أصحاب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، قائلا : العباس بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف ، عمّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله ) .

روى الكلينيّ - قدّس سره - عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن عليّ بن النعمان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن سدير ، قال : كنا عند أبي جعفر ( عليه السلام ) ، فذكرنا ما أحدث الناس بعد نبيّهم ( صلّى الله عليه وآله ) واستذلالهم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقال رجل من القوم :

أصلحك الله تعالى فأين كان عزّ بني هاشم وما كانوا فيه من العدد ، فقال أبو جعفر ( عليه السلام ): ومن كان بقي من بني هاشم ؟ إنّما كان جعفر وحمزة فمضيا ، وبقي معه رجلان ضعيفان ذليلان حديثا عهد بالإسلام ، عباس وعقيل وكانا من الطلقاء ، أما والله لو أنّ حمزة وجعفرا كانا بحضرتهما ما وصلا إلى ما وصلا إليه، ولو كانا شاهديهما لأتلفا نفسيهما . روضة الكافي : الحديث ( 216 ) .

وروى الكشيّ في ترجمة عبد الله بن العباس بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام أنّه نزل قوله تعالى : ( ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلا ) ، وقوله تعالى : ( ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم ) في العباس بن عبد المطلب . وروى في ترجمة عبيد الله بن العباس عن كتاب الفضل بن شاذان ، عن قيس بن سعد بن عبادة : أنّه قال : إنّ هذا ( عبيد الله بن العباس ) وأباه لم يأتيا قط بخير ! ! .

ثُمَّ إنّه ورد في العباس بن عبد المطلب : عدّة روايات مادحة : منها روايات عن الديلميّ في إرشاده ، ولكنّها لا تدلّ إلّا على أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يعظّم عمّه العباس ، ولا دلالة فيها على وثاقته أو ورعه وقوّة إيمانه ، على أنّها روايات مرسلة لا يمكن الاعتماد عليها . ومنها : ما رواه الصدوق ، عن محمّد بن عمر بن محمّد بن سلم بن البراء الجعابيّ ، قال : حدّثني أبو محمّد الحسن بن عبد الله بن محمّد بن العبّاس الرازيّ التميميّ ، قال : حدّثني سيّدي عليّ بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدّثني أبي جعفر بن محمّد ، قال : حدّثني أبي محمّد بن عليّ ، قال : حدّثني أبي عليّ بن الحسين ، قال : حدّثني أبي الحسن بن عليّ ، قال : حدّثني أبي عليّ بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لعليّ وفاطمة والحسن والحسين والعباس بن عبد المطلب وعقيل: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم . العيون : الجزء 2 ، الباب 31 ، الحديث 223 .

قال الصدوق : ذكر عقيل وعباس غريب في هذا الحديث ، لم أسمعه إلّا من محمّد بن عمر الجعابيّ في هذا الحديث ( انتهى ) .

أقول : الحسن بن عبد الله بن محمّد الرازيّ مجهول ، فلا اعتماد على الرواية . ومنها : ما في أمالي الشيخ أبي عليّ الطوسيّ ، عن أبيه ، قال : حدّثنا أبو عمر ، قال : حدّثنا أحمد ، قال : حدّثنا أحمد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : من آذى العباس فقد آذاني ( الجزء الأول : صفحة 280 ) .

أقول : أبو عمر ، هو عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مهدي ، وأحمد الأوّل هو أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة ، وأحمد الثاني هو أحمد بن يحيى ( كما صرّح بذلك في صفحة 252 ، من الجزء الأوّل ) ، عبد الواحد أبو عمر ، وأحمد بن يحيى ، كلاهما مجهول ، على أنّ الرواية مرسلة ، وهي مرويّة عن ابن عباس ، وكيف يمكن الاعتماد على مثل ذلك . ومنها : ما في الأمالي أيضا ، عن أبيه ، عن أبي الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار ، عن إسماعيل بن عليّ الدعبليّ، عن أبيه ، عن عليّ بن رزين ، عن عليّ بن موسى الرضا ، عن آبائه ( عليهم السلام ) ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، قال: قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : احفظوني في عمّي العباس فإنّه بقيّة آبائي .

أقول : إسماعيل ضعيف ، وهلال وعليّ بن رزين مجهولان .

ومنها : ما ورد من التسليم عليه في زيارة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) من بعيد .ولكن هذا أيضا لا يتمُّ ، فإنّه لا إشكال في إسلام العباس ، فلا مانع من التسليم عليه كرامة لرسول الله صلّى الله عليه وآله، على أنّه لم يثبت صدور هذه الزيارة من المعصومين ( عليهم السلام ) .

وملخص الكلام : أنّ العباس لم يثبت له مدح ، ورواية الكافي الواردة في ذمّه صحيحة السند ، ويكفي هذا منقصة له ، حيث لم يهتم بأمر عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ولا بأمر الصدّيقة الطاهرة في قضيّة فدك ، معشار ما اهتمّ به في أمر ميزابه. هذا ما لدينا عن شخصيّة العباس بن عبد المطّلب. ودمتم سالمين.