عبد الملك بن مروان

السؤال: ما هو حال الخليفة عبد الملك بن مروان؟

: - اللجنة العلمية

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأمويّ.

هو سليل الوزع ابن الوزع، اللعين ابن اللعين على لسان النبي (ص) وفي كتاب الله المبين: {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآن}، والشجرة الخبيثة، والعروق المخبثة الخسيسة، الذين رآهم النبيّ (صلى الله عليه وآله) ينزون على منبره نزو القردة.

أعرق الناس في الكفر والانحراف، فهو سليل (بني أمية)، وحالهم في الجاهليّة والإسلام أشهر من أن يُوصف..

جدّه لأبيه هو الحكم بن أبي العاص، لعين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وطريده، وذلك أنّه حكى النبيَّ في مشيته وفي بعض حركاته، فالتفت إليه النبيّ يوماً فرآه يتخلج في مشيته، فقال: كن كذلك، فلم يزل يرتعش في مشيته من يومئذٍ إلى يوم هلاكه، ولعنه النبيّ وطرده إلى الطائف، وبعد شهادته توسّط عثمان بن عفان عند أبي بكر أن يرجعه فأبى عليه ذلك، ثمّ عند عمر فلم يقبل أيضاً، ولـمّا صار الخليفة أرجعه، وكان هذا ممّا نقمه المسلمون عليه.

وجدّه لأمّه هو معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية (وهو أبو عائشة، أمّ عبد الملك بن مروان)، الذي اشترك مع هند بنت عتبة في التمثيل بجثة سيّد الشهداء حمزة بن عبد المطلب (عليه السلام)، فهو الذي جدع أنفه، وكان جاسوساً من جواسيس مكّة، طرده رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثمّ قتله أمير المؤمنين (عليه السلام) صبراً.

قال المقريزي: (فعبد الملك بن مروان أعرق الناس في الكفر؛ لأنّ أحد أبويه الحكم بن أبي العاصي لعين رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - وطريده، والآخر معاوية بن المغيرة) [النزاع والتخاصم ص60].

وأبوه هو مروان بن الحكم، الوزع ابن الوزع، اللعين ابن اللعين، لعنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في صلب أبيه، ولـمّا تولّى على المدينة لمعاوية كان يسبّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كلَّ جمعة على المنبر، وكان مستمرّاً على ذلك أيّام خلافته، وكان يقول: (لا يستقيم لنا الملك إلّا بشتم عليّ)، وكان هو – إضافة لعائشة – مَن منع دفن سيّد شباب أهل الجنّة الحسن (عليه السلام) عند جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتسبب في رمي جثمانه الطاهر بالنبال.

وجدّته لأبيه (أمّ الحكم) هي الزرقاء بنت موهب، من البغايا وذوات الأعلام أيّام الجاهليّة، وكانت أقلّ البغايا أجرة، ويُعرَف بنوها بـ(بني الزرقاء)، وقد ردّ الإمام الحسين (عليه السلام) على مروان قائلاً: (يا ابن الزرقاء الداعية إلى نفسها بسوق عكاظ)، ولـمّا تولّى عبد الملك كان يُقال له ولولده – ذمّاً وعيباً -: (بنو الزرقاء) [الكامل في التاريخ ج4 ص194].

هذا حال نسب عبد الملك وحسبه، فأكرم به من حسب ونسب.

ولد عبد الملك بن مروان في المدينة سنة (26 هـ)، وتولّـى مقاليد الحكم سنة (65 هـ)، وهلك في دمشق سنة (86 هـ)، معايبه كثيرة، ومخازيه شهيرة، لا تكاد تعدّ وتحصى، تلوّثت المدوّنات بذكرها، نذكر في المقام بعضاً منها:

ينقل المخالفون أنّه كان متعبّداً في أوّل أمره، ولـمّا استلم الحكم نكص على عقبيه، قال ابن أبي عائشة: (أفضى الأمر إلى عبد الملك والمصحف في حجره، فأطبقه وقال: هذا آخر العهد بك) [تاريخ الخلفاء ص237].

ويُنقل أنّ عبد الملك كتب إلى محمّد بن الحنفية: (من عبد الملك أمير المؤمنين إلى محمّد بن الحنفيّة، فلمّا نظر إلى عنوان الصحيفة استرجع وقال: الطلقاء ولعناء رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم - على سائر الناس! والذي نفسي بيده إنّها لأمور لا يقرّ قرارها) [النزاع والتخاصم ص54].

وقد كان واليه أوّل مَن أكل على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، غير مبالٍ بالحرمة العظيمة، قال الشعبيّ: (أول مَن خطب جالساً معاوية، حين كثر شحمه وعظمت بطنه.. فعدَّ الناسُ خطبته جالساً من البدع، حتى بعث عبدُ الملك بن مروان حبيشَ بن دلجة فدعا بخبزٍ ولحم فأكله على منبر رسول الله - صلى الله عليه [وآله] وسلم -، ثمّ دعا بماء فتوضّأ عليه، ودعا الناس إلى بيعة عبد الملك فبايعوه كرهاً) [الأوائل للعسكري ص241].

وهو أوّل مَن غدر في الإسلام، وذلك أنّه أعطى الأمان لعمرو بن سعيد بن العاص، ثمّ قتله، قال العسكريّ: (أوّل غدر كان في الإسلام ما كان من أمر عبد الملك بن مروان مع عمرو بن سعيد،... عن ابن الكلبيّ قال: كان مروان بن الحكم ولّى العهد عمرو بن سعيد ابن العاص بعد أبيه، فقتله عبد الملك، وكان قتله أوّل غدر في الإسلام، فقال بعضهم: (يا قوم لا تقلبوا عن داركم فلقد … جرّبتم الغدر من أبناء مروانا) (أمسوا وقد قتلوا عمرا وما رشدوا … يدعون غدرا بعهد الله كيسانا) (يقتّلون الرّجال البزل ضاحية … لكى يولوا أمور النّاس ولدانا) (تلاعبوا بكتاب الله واتّخذوا … هواهم في معاصي الله قربانا) (فهدّموا ما أطاقوا من مدائننا … ونحن نحسب ذا عدلا وإحسانا) (ويقطعون بنا أعناق سادتنا … ويغلقون بنا أبواب دنيانا) [الأوائل ص248].

وهو أوّل مَن نهى عن الأمر بالمعروف، فقد روى العسكريّ – تحت عنوان: « أول من نهى عن الأمر بالمعروف » - عن أبي خديج عن أبيه قال: (خطبنا عبد الملك بن مروان بالمدينة، بعد قتل ابن الزبير، في العام الذى حجّ فيه، سنة خمس وسبعين فقال - بعد حمد الله والثناء عليه -: أمّا بعد، فلستُ بالخليفة المستضعف [يعني عثمان]، ولا الخليفة المداهن [يعني معاوية]، ولا الخليفة المأفون [يعني يزيد]، ألا وإن مَن كان قبلي من الخلفاء كانوا يأكلون ويطعمون من هذه الأموال، ألا وإنّي لا أداوي أدواء هذه الأمّة إلّا بالسيف حّتى تستقيم لي، فكأنكم تكلفوننا أعمال المهاجرين الأوّلين، ولا تعملون مثل أعمالهم، فلن يزدادوا إلّا اجتراحاً، ولا تزدادوا إلّا عقوبة، حتّى حكم السيف بيننا وبينكم، هذا عمرو بن سعيد، قرابته قرابته، وموضعه موضعه، قال برأسه هكذا، فقلنا بسيوفنا هكذا، ألا وإنّا نحتمل لكم كلّ شيء، إلّا وثوباً على منبر، أو نصب راية، ألا إنّ الجامعة التي جعلتها في عنق عمرو بن سعيد عندي، والله لا يفعل أحد فعله إلّا جعلتها في عنقه، ثمّ لا أخرج نعشه إلّا صعداً، وزاد غيره: والله لا يأمرني أحد بتقوى الله إلّا ضربتُ عنقه، ثمّ نزل فركب ناقته وأخذ بزمامها البهيُّ بن رافع فقال: (فصحت ولا شلّت وضرّت عدوّها … يمين هراقت مهجة بن سعيد) [الأوائل ص250].

وقال العسكريّ: (‌‌أوّل مَن نهى الناس عن الناس عن الكلام بحضرة الخلفاء: أوّل مَن فعل ذلك ‌عبد ‌الملك بن مروان، وكان الناس قبله يراجعون الخليفة فيما يقول، ويعترضون عليه فيما يفعل، وأكثروا من ذلك على عثمان، ثمّ على معاوية، وكان يجري في مجلسه من المنازعات والخصومات ما يجلّ وصفه، وكان يحتمل ذلك تحلّماً وإبقاء على ملكه، فلمّا صار الأمر إلى ‌عبد ‌الملك، أخذ الناس مأخذ ملوك الأعاجم، فنهاهم عن الكلام بحضرته، والمنازعة في مجلسه، وتوعّدهم على مخالفة رسمه في ذلك، وكان يقول: لستُ بالخليفة المستضعف - يعني عثمان -، ولا الخليفة المداهن - يعنى معاوية -، ولا الخليفة المأفون - يعني يزيد -) [الأوائل ص251].

وروى العسكريّ – تحت عنوان: « أوّل خليفة بخل عبد الملك بن مروان » - عن أبي خالد القرشي - من ولد أمية بن خالد - قال: (قال ‌عبد ‌الملك- وكان أول خليفة بخل- أيّ الشعراء أفضل؟ فقال له كثير بن هراسة - يعرِّض به -: أفضلهم المقنع الكنديّ حيث يقول: (إنّي أحرّص أهل البخل كلّهم … لو كان ينفع أهل البخل تحريضى) (ما قلّ مالى إلّا زادنى كرما … حتّى يكون برزق الله تعويضى) (فالمال ينفع من لولا دراهمه … امسى يقلّب فينا طرف محفوض) (لن تخرج البيض عفوا من اكفّهم … الّا على وجع منهم وتمريض) (كأنّها من جلود الباخلين بها … عند النّوائب تحذى بالمقاريض)، فقال عبد الملك- وقد عرف ما أراد-: الله أصدق من المقنع حيث يقول: {وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا}. وكان عبد الملك يسمى رشح الحجارة لبخله، ويكنى أبا الذّبان لبخره [الأوائل ص251-252].

وقد كان في سبّ أمير المؤمنين (عليه السلام) على سنّة معاوية ويزيد وأبيه مروان، وقد ورد أنّ الحسن البصريّ: « بلغه أنّ عبد الملك بن مروان يشتم عليّاً (عليه السلام) في خطبته، فقال: ما لعبد الملك، ويله، يسبّ أخا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الدنيا والآخرة.. » [الأصول الستة عشر ص106].

وقد حمل الإمام السجّاد (عليه السلام) مثقلاً بالحديد مكبّلاً إلى الشام، وحصلت هناك كرامة للإمام (عليه السلام)، روى الزهريّ قال: (شهدت علي بن الحسين - عليهما السلام - يوم حمله عبد الملك بن مروان من المدينة إلى الشام وأثقله حديداً، ووكّل به حفاظاً في عدّة وجمع، فاستأذنتهم في السلام عليه والتوديع له، فأذنوا لي، فدخلتُ عليه وهو في قبّةٍ، والأقياد في رجليه والغلّ في يديه، فبكيت، وقلتُ: وددت أنّي مكانك وأنت سالم، فقال - عليه السلام -: يا زهريّ، أو تظنّ ما ترى عليّ وفي عنقي يكربني؟ أما لو شئتُ ما كان، فإنّه وإنْ بلغ بك ومن أمثالك ليذكرني عذاب الله، ثمّ أخرج يديه من الغلّ ورجليه من القيد...) [نوادر المعجزات ص127، الثاقب في المناقب ص353].

وقد ساء حال شيعة أهل البيت (عليهم السلام) في زمانه وعهده، قال ابن أبي الحديد: (ثمّ تفاقم الأمر بعد قتل الحسين - عليه السلام -، وولي عبد الملك بن مروان فاشتدّ على الشيعة، وولّى عليهم الحجّاج بن يوسف، فتقرب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة أعدائه وموالاة مَن يدّعى من الناس أنهم أيضاً أعداؤه، فأكثروا في الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم، وأكثروا من الغضّ من عليّ - عليه السلام - وعيبه والطعن فيه والشنان له، حتّى أنّ إنساناً وقف للحجاج - ويُقال إنّه جدّ الأصمعي عبد الملك بن قريب - فصاح به: أيّها الأمير، إنّ أهلي عقّوني، فسمّوني عليّاً، وإنّي فقير بائس، وأنا إلى صلة الأمير محتاج، فتضاحك له الحجاج وقال: للطف ما توسّلت به قد ولّيتك موضع كذا) [شرح نهج البلاغة ج11 ص46].

وهو الذي ولّى الحجّاج بن يوسف الثقفيّ سنة (75 هـ)، الذي فعل ما فعل من الفظائع والشنائع، فقد لاحق شيعة أهل البيت (عليهم السلام) تحت كل حجر ومدر، قال العسكريّ: (والحجّاج أوّل مَن حبس الرجال مع النساء في قيد واحد، ووثاق قد شدّ، وأمر السياسة متشبّه فيه بزياد، وكان مَن قتل أكثر ممّن قتل زياد، وهاب الناس زيادا أكثر مما هابوا الحجاج. وذكر أنّه قتل أكثر من مائة ألف رجل، أكثرهم لم يستحق القتل، ومات في حبسه اثنا عشر ألف رجل، أكثرهم لم يستحق الحبس، وأخرجوا وأخرج معهم أعرابي ذكر أنّه حبس سبع سنين لأنّه بال في أصل ربض واسط)، وهو الذي بنى مدينة واسط [الأوائل ص329].

والحجّاج هذا هو الذي كان ينتقض عرى الإسلام عروة عروة [العقد الفريد ج5 ص310]، وكان من المغالين في بني أمية وفي عبد الملك بن مروان، ويعطيهم منزلة الأنبياء والمرسلين، بل فوقهم، من ذلك: قوله في خطبته: (إن مثل عثمان عند الله كمثل عيسى ابن مريم، قال الله فيه: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ}) [العقد الفريد ج5 ص310].

ومن مغالاته في عبد الملك: أنّه (كتب إلى عبد الملك في عطسةٍ عطسها فشمّته أصحابه وردّ عليهم: بلغني ما كان من عطاس أمير المؤمنين وتشميت أصحابه له وردّه عليهم، فيا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً) [العقد الفريد ج2 ص198].

ومن ذلك: ما قاله في كتابه إليه: (إنّ خليفة الرجل في أهله أكرم عليه من رسوله إليهم، وكذلك الخلفاء - يا أمير المؤمنين - أعلى منزلة من المرسلين) [العقد الفريد ج2 ص199]. ونقل ابن عبد ربّه (عن أبي عياش قال: كنا عند عبد الملك بن مروان إذ أتاه كتاب الحجّاج يعظم فيه أمر الخلافة، ويزعم: أنّ ما قامت السماوات والأرض إلّا بها، وأنّ الخليفة عند الله أفضل من الملائكة المقرّبين، والأنبياء والمرسلين؛ وذلك أن الله خلق آدم بيده، وأسجد له الملائكة، وأسكنه جنته، ثمّ أهبطه إلى الأرض وجعله خليفته، وجعل الملائكة رسلا إليه. فأعجب عبد الملك بذلك، وقال: لوددت أن عندي بعض الخوارج بهذا الكتاب) [العقد الفريد ج5 ص310-311].

وكان الحجّاج هذا يلقّن الناس بأنّ عبد الملك أفضل من النبيّ (صلى الله عليه وآله)! قال المقريزي وغيره: (صعد الحجاج بن يوسف يوماً أعواد منبره وقال على رؤوس الأشهاد: أرسولك أفضل أم خليفتك؟ يعرِّض بأنّ عبد الملك بن مروان بن الحكم أفضل من رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم) [النزاع والتخاصم ص71، العقد الفريد ج5 ص311].

وكان ينتقص قدر النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله)، إضافةً لما تقدّم، فإنّه – لـمّا رأى الناس يطوفون بقبر النبيّ ومنبره – قال: (إنّما يطوفون بأعواد ورمّة)، وبقوله هذا كفّرته العلماء؛ لأنّه تكذيب للحديث النبويّ: « إنّ الله حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء » [العقد الفريد ج5 ص310]، وذكر ابن أبي الحديد: (وخطب الحجاج بالكوفة، فذكر الذين يزورون قبر رسول الله - صلى الله عليه [وآله وسلم - وآله بالمدينة، فقال: تبا لهم، إنّما ‌يطوفون ‌بأعواد ورمّة بالية، هلّا طافوا بقصر أمير المؤمنين عبد الملك؟ ألا يعلمون أن خليفة المرء خير من رسوله) [شرح نهج البلاغة ج3 ص470].

وقال الحجّاج للحطيط الخارجيّ: ما تقول في عبد الملك بن مروان؟ قال: ما أقول في رجل أنت خطيئة من خطاياه؟! [الأمالي للمرتضى ج1 ص211]، وقال الحجاج يوما لشخص: ما تقول في عبد الملك بن مروان؟ فقال الرجل: ما أقول في رجل أنت سيئة من سيئاته؟ [السيرة الحلبية ج1 ص293].

فالحجّاج كان سيف بني مروان على رقاب المسلمين، لم يُبقِ حرمة إلّا هتكها، وكان عبد الملك شديد الامتنان له، وكانت وصيّته لابنه أن يتلطّف به ويستعمله، فقال في وصيّته: (يا وليد، اتّقِ الله فيما أخلفك فيه - إلى أن قال - وانظر الحجّاج فأكرمه، فإنّه هو الذي وطّأ لكم المنابر، وهو سيفك - يا وليد - ويدك على مَن ناوأك، فلا تسمعنّ فيه قولَ أحد، وأنت إليه أحوج منه إليك، وادعُ الناس إذا متّ إلى البيعة، فمَن قال برأسه هكذا فقل بسيفك هكذا) [تاريخ الخلفاء ص240].