العلة التي من أجلها خص أمير المؤمنين بقول: «كرم الله وجهه»
السؤال: ما هو أصل عبارة «كرّم الله وجهه» التي يُستخدمها معظم أهل السنّة عند ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم – أيّدك الله – أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) خصّ بميّزات عديدة تميّزه عن بقيّة الصحابة، من بين هذه الخصائص، أنّه (عليه السلام) لم يشرك بالله طرفة عين، ولم يسجد لصنم قطّ. وقد وجدنا العامّة عندما يذكرون عليّاً في كتبهم أو بألسنتهم، يقولون: «كرّم الله وجهه»، يعنون بذلك تنزيه الله سبحانه له من عبادة الأصنام [ينظر: مناقب آل أبي طالب ج2 ص177].
وفيما يلي نذكر بعضاً من علماء العامّة الذين صرّحوا بذلك:
1- قال أبو عبد الله الحاكم: معنى قولهم عليّ «كرم الله وجهه»؛ لم يسجد لصَنَمٍ قطّ [مرآة الزمان ج6 ص434].
2- قال المبارك بن أحمد الإِربليّ: (حدّثني القاضي أبو الفضل خداذاذ ابن أبي القاسم بن خداذاذ بن يعقوب البيلقانيّ- أيّده الله- من لفظه وحفظه بإربل، قال: كنت لا أزال أرى في الكتب عند ذكر عليّ «كرّم الله وجهه» ، فقلت في نفسي ما بالهم لم يكتبوا عند ذكر سواه من الصحابة «كرّم الله وجهه» ؟ ما هذا إلّا لشأن، فأريت في منامي رجلا شيخا مهيبا، وسألته عن ذلك، فقال: إنّما اختصّ بقولهم «كرّم الله وجهه» ، لأنّه- رضي الله عنه لم يسجد لصنم قطّ [تاريخ إربل ج1ص101].
3- في الفتاوى الحديثيّة لابن حجر الهيتميّ المكّيّ: (وسئل عن حكمة استعمال كرّم الله وجهه في حقّ عليّ رضي الله عنه دون غيره عوضا عن الترضّي وهل يستعمل ذلك لغيره من الصحابة؟ فأجاب بقوله: حكمة ذلك أنّ عليّاً كرّم الله وجهه ورضي الله عنه لم يسجد لصنم قطّ، فناسب أن يدّعى له بما هو مطابق له من تكرمة الوجه والمراد به حقيقة أو الكناية عن الذات. أيْ حفظه عن أن يتوجّه لغير الله تعالى في عبادته) [الفتاوى الحديثيّة ص41].
4- قال أبو العون السفارينيّ الحنبليّ: (قد ذاع ذلك وشاع وملأ الطروس والأسماع. قال الأشياخ: وإنّما خصّ عليّ رضي الله عنه بقول كرّم الله وجهه لأنّه ما سجد إلى صنم قطّ، وهذا إن شاء الله تعالى لا بأس به، والله الموفّق) [غذاء الألباب ج1 ص33].
فما يذكره بعض الوهابيّة - من أنّ هذا التكريم في المصادر سببه النسّاخ، أو أنّه لا ينبغي تخصيص أمير المؤمنين به - فهو ناشئ من عقدة نفسيّة تجاه أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولذا لا تحتمل قلوبهم اختصاص الأمير (عليه السلام) بمثل هذه الخصيصة التي تتضمّن إشارة لتفضيله وتميّزه على غيره من الصحابة.
ومن هذا المنطلق تجدهم يردّون كثيراً من خصائص أمير المؤمنين (عليه السلام) التي لم يشاركه فيها أحد ولاسيّما أبي بكر وعمر، وقد نبّه على ذلك المحدّث عبد الله الغماريّ - في معرض مناقشته لبعض تضعيفات الذهبيّ لمناقب أمير المؤمنين - إذ قال:(إنّ الذي حمله على الحكم بوضع الحديث فهمه أنّه يدلّ على تفضيل عليٍّ على الشيخين، وعلى أساس ذلك ردّ كثيراً من الأحاديث) [القول المقنع في الردّ على الألبانيّ المبتدع ج1 ص7].
نكتفي بهذا القدر، والحمد لله أوّلاً وآخراً.
اترك تعليق