خصائص الشهيد عبد الله الرضيع (عليه السلام)
السؤال: هل هنالك خصائص وميّزات يمتاز بها مولانا عبد الله الرضيع بن الإمام الحسين (عليهما السلام)؟.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
عمر مولانا عبد الله الرضيع (عليه السلام) حين شهادته كان حوالي ستّة أشهر[ينابيع المودّة ج3 ص79، معالي السبطين ج1 ص424]، إلّا أنّ له أسوة حسنة بسائر أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) في عدم الخروج من الدنيا إلّا بجملة كبيرة من الخصائص والفضائل القدسيّة، وها نحن نذكر بعضاً من خصائصه (عليه السلام):
الخصّيصة الأولى: أنّ أباه الحسين (عليه السلام) كان يكنّى باسمه حتّى من قبل أن يُولد:
قال ابن طلحة الشافعيّ: (كنيته: أبو عبد الله لا غير) [مطالب السؤول ص374]، وهو المشهور عند أهل العلم والمعروف به عند الخاصّة والعامّة.
ويدلّ على أنّ هذه الكنية كانت ثابتة له (عليه السلام) قبل ولادة طفله الرضيع:
ما رواه المحدّثون بإسنادهم إلى عبد الله بن نجيّ الحضرميّ عن أبيه أنّه سافر مع عليّ [عليه السلام] - وكان صاحب مطهرته - فلمّا حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفّين قال: «صبراً أبا عبد الله صبراً بشطّ الفرات» [مصنف ابن أبي شيبة ج8 ص632، الآحاد والمثانيّ ج1 ص309، المعجم الكبير ج3 ص106].
وما ورد من أنّ الإمام المجتبى (عليه السلام) قال له - حينما دُسَّ له السمّ -: «لا يوم كيومك يا أبا عبد الله ...» [أمالي الصدوق ص177].
الخصّيصة الثانية: مواساة السماء فيه لأبيه الحسين (عليهما السلام) حينما استشهد بين يديه:
فقد روى سبط ابن الجوزيّ أنّه: لما استُشهد عبد الله الرضيع بين يدي الحسين (عليهما السلام) بكى عليه وقال: «اللّهُمّ احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا، فنودي من الهواء: دعه يا حسين فإنّ له مرضعاً في الجنّة» [تذكرة الخواص ج2 ص164].
الخصّيصة الثالثة: ورود التسليم عليه بالخصوص من قبل الإمام المعصوم (عليه السلام):
فقد ورد في زيارة الناحية العسكريّة لشهداء الطفّ: «السلام على عبد الله بن الحسين، الطفل الرضيع، المرميّ الصريع، المتشحَّط دماً، المصَّعد دمه في السماء، المذبوح بالسهم في حجر أبيه، لعن الله راميه حرملة بن كاهل الأسديّ وذويه» [المزار الكبير للمفيد ص286، المزار الكبير للمشهديّ ص488، إقبال الأعمال ج3 ص74].
الخصّيصة الرابعة: كثرة ألقابه (عليه السلام) بالرغم من صغر سنّه:
فهنالك جملة من الألقاب لمولانا الرضيع (عليها السلام)، منها ما ذكرته النصوص صريحاً، ومنها ما هو منتزع من أحواله وسيرته من الولادة إلى الشهادة، وإليك بعضاً من تلك الألقاب:
1ـ المرميّ الصريع: أي المرميّ بالسهم حتّى خرّ صريعاً.
2ـ المتشحّط دماً: أي المتخبّط والمضطرب والمتقلِّب الذي يتمرّغ في دمه [لسان العرب ج7 ص328].
3ـ المصَّعَد دمه إلى السماء: وذلك حينما رمى الحسين (عليه السلام) بدمه على السماء فلم ترجع منه قطرة إلى الأرض. [ينظر: مقاتل الطالبيّين ص60، مناقب ابن شهرآشوب ج3 ص257].
4ـ المذبوح بالسهم في حجر أبيه: وفيه تنبيه على بشاعة الجريمة التي ارتكبت بحقّه (عليه السلام).
5ـ الشهيد: حيث استشهد وهو في حضن أبيه الحسين (عليه السلام) في سبيل الله تعالى.
6ـ الشاهد: فإنّ المعروف أنّ من أسباب تسمية الشهداء بهذا الاسم هو: (لأنّهم أحياء عند ربّهم ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم، فكأنَّ أرواحهم شاهدة أي حاضرة ؛ ولأنّهم قاموا بشهادة الحقّ في الله حينما نصروا دينه وجادوا بأنفسهم في سبيله ؛ ولأنّهم ممّن يَشهد على أعمال الخلائق يوم القيامة) [يُنظر: فتح الباري ج6 ص43، لسان العرب ج3ص242]؛ بناءً على ذلك يكون عبد الله الرضيع بمقتله وعطشه شاهداً على جرائم بني أميّة.
7ـ المفطوم بالسهم: حيث فُطِم قبل أوان فطامه وعلى غير المعتاد.
8ـ الغريب: كونه تغرّب مع أبيه وأهل بيته (عليهم السلام) عن وطن جدّهم (صلّى الله عليه وآله).
9ـ المظلوم: كونه قُتل على صغر سنّه بلا ذنب يُذكر.
10ـ العطشان: حيث خرج به الحسين (عليه السلام) إلى القوم ليسقوه الماء فسقوه بسهم الشهادة.
الخصّيصة الخامسة: إخبار الله تعالى بمصيبته لموسى الكليم (عليه السلام)، فقد روى العلّامة المجلسيّ حديثاً قدسيّاً جاء فيه: «... فلمّا ناجى ربّه قال له: يا ربّ العالمين أسألك وأنت العالم قبل نطقي به، فقال تعالى: يا موسى ما تسألني أعطيك، وما تريد أبلّغك، قال : ربّ إنّ فلاناً عبدك الإسرائيلي أذنب ذنباً ويسألك العفو، قال: يا موسى أعفو عمَّن استغفرني إلّا قاتل الحسين، قال موسى: يا ربّ ومَن الحسين؟ قال له: الذي مرّ ذكره عليك بجانب الطور، قال: يا رب ومن يقتله؟ قال: يقتله أمّة جدّه الباغية الطاغية في أرض كربلا وتنفر فرسه وتحمحم وتصهل، وتقول في صهيلها: "الظليمة الظليمة من أمة قتلت ابن بنت نبيها"، فيبقى ملقى على الرمال من غير غُسل ولا كفن، ويُنهب رحله، ويُسبى نساؤه في البلدان، ويُقتل ناصره، وتشهر رؤوسهم مع رأسه على أطراف الرماح، يا موسى! صغيرهم يُميته العطش، وكبيرهم جلده منكمش، يستغيثون ولا ناصر ويستجيرون ولا خافر...» [بحار الأنوار ج44 ص308].
ويمكن مراجعة ما دوّنه الشيخ محمود الشريفيّ في كتابه [خصائص الطفل الرضيع]، فقد أحصى له اثنتين وستين خصيصة.
ختاماً، جعلنا الله وإياكم من الطالبين بثاراتهم (عليهم السلام) جميعاً، ورزقنا زيارتهم في الدنيا وشفاعتهم في الآخرة، والحمد لله ربّ العالمين.
اترك تعليق