جزئية حيَّ على خير العمل

ما هو الدليل على أنَّ «حيَّ على خير العمل» جزءٌ من الأذان؟

: الشيخ نهاد الفياض

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيَّم

في البدء لا بأس أنْ يُعلم بأنَّ بداية تشريع الأذان كان في حادثة (الإسراء والمعراج) حيَّث أذَّن جبرئيل (عليه السلام) وأقام هناك، وبعدها تقدَّم رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) للصلاة واصطفَّ الملائكة والنبيُّون خلفه، وليس كما يقوله البعض من أنَّ أُبَيَّ بن كعب قد رآه في المنام [يُنظر: الكافي ج3 ص302 وص482].

إذا بان هذا فنقول: لقد أجمع شيعة أهل البيت ـ تبعاً للنبيِّ الأكرم وأهل بيته (عليهم السلام) ـ بأنَّ فقرة «حيَّ على خير العمل» من أجزاء الأذان، وقد وردت فيها الأحاديث الكثيرة والآثار الوفيرة في مصادر المسلمين، وسنذكر نُبذاً منها روماً للاختصار:

أوَّلاً: مصادر الإماميَّة:

1ـ ما رواه الشيخ الصدوق عن سيِّدنا وإمامنا الصادق (عليه السلام) أنه قال: «مَنْ قال حيَّن يسمع أذان الصبح ـ إلى قوله ـ وكان ابن النبَّاح يقول في أذانه: «حيَّ على خير العمل» «حيَّ على خير العمل»، فإذا رآه عليٌّ (عليه السلام) قال: مرحباً بالقائلين عدلاً، وبالصلاة مرحباً وأهلاً» [من لا يحضره الفقيه ج1 ص287].

2ـ وما رواه الشيخ الطوسيُّ بسنده عن زرارة والفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لـمَّا أُسري برسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فبلغ البيت المعمور حضرت الصلاة، فأذَّن جبرئيل (عليه السلام) وأقام، فتقدَّم رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وصفَّ الملائكة والنبيُّون خلف رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، قال: فقلنا له: كيف أذَّن؟ فقال: الله أكبر الله أكبر، أشهد أنْ لا إله إلَّا الله أشهد أْن لا إله إلَّا الله، أشهد أنَّ محمَّداً رسول الله أشهد أنَّ محمَّداً رسول الله، حيَّ على الصلاة حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح حيَّ على الفلاح، حيَّ على خير العمل، حيَّ على خير العمل ـ إلى قوله ـ فأمر بها رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بلالاً، فلم يزل يُؤذِّن بها حتَّى قُبض الله رسوله (صلَّى الله عليه وآله)» [تهذيب الأحكام ج2 ص60].

3ـ وما رواه أيضاً بسنده عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان قال: «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الأذان، فقال: تقول: الله أكبر الله أكبر، أشهد أنْ لا إله إلَّا الله أشهد أنْ لا إله إلَّا الله، أشهد أنَّ محمَّداً رسول الله (صلَّى ‌الله‌ عليه‌ وآله) أشهد أنَّ محمَّداً رسول الله (صلَّى ‌الله‌ عليه‌ وآله)، حيَّ على الصلاة حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح حيَّ على الفلاح، حيَّ على خير العمل حيَّ على خير العمل، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلَّا الله، لا إله إلَّا الله» [الاستبصار ج1 ص305].

إلى غير ذلك من الروايات المصرِّحة بفقرة «حيَّ على خير العمل» في الأذان.

4ـ وقال السيِّد المرتضى ـ في فقرة «حيَّ على خير العمل» ـ: (مما انفردت به الإمامية: أنَّ تقول في الأذان والإقامة بعد قول: حيَّ على الفلاح: حيَّ على خير العمل. والوجه في ذلك: إجماع الفرقة المحقِّة عليه) [الانتصار ص137].

وقال في موضعٍ آخر: (استعمال حيَّ على خير العمل في الأذان، وأنَّ ترْكَهُ كترك شيءٍ من ألفاظ الأذان. والحجَّة أيضاً اتّفاق الطائفة المحقِّة عليه، حتَّى صار لها شعاراً لا يُدفَع، وعَلَماً لا يُجحَد) [رسائل الشريف المرتضى ج1 ص ٢٥٩].

ثانياً: مصادر العامَّـة:

ثبت في بعض مرويات أهل العامَّة: أنَّ الأذان بـ «حيَّ على خير العمل» كان في زمن النبيِّ (صلَّى ‌الله‌ عليه‌ وآله) وأنَّ جملة من الصحابة والتابعين أذَّنوا فيه أيضاً، وأنَّ الذي حذفها هو عمر بن الخطَّاب، كما سوف يتَّضح.

1ـ فقد روي: أنَّ بلالاً كان يؤذِّن بـ «حيَّ على خير العمل» [يُنظر: السنن الكبرى للبيهقيّ ج3 ص191، كنز العمال ج8 ص342].

2ـ وروي: أنَّ عبد الله بن عمر كان يؤذِّن بذلك أيضاً في بعض الأحيَّان [يُنظر: مصنَّف ابن أبي شيبة ج1 ص196، مصنَّف عبد الرزاق ج2 ص164وص168، السنن الكبرى للبيهقيّ ج3 ص190].

3ـ وروي عندهم أيضاً: أنَّ عليَّ بن الحسين (عليه السلام) كان يقول في أذانه إذا قال: (حيَّ على الفلاح. قال: حيَّ على خير العمل) [يُنظر: السنن الكبرى للبيهقيّّ ج3 ص191، نيل الأوطار للشوكاني ج2 ص47].

4ـ وروي عندهم أيضاً: أنَّ زيد بن أرقم أذَّن بذلك [يُنظر: نيل الأوطار للشوكانيّ ج2 ص47].

5ـ وروي: أنَّ أبا أُمامة بن سهل بن حنيف أذَّن بها أيضاً [يُنظر: السنن الكبرى للبيهقيّ ج3 ص190، المحلَّى بالآثار لابن حزم ج2 ص194].

6ـ وروي عن عمر بن الخطّاب أنّه قال: «ثلاث كنَّ على عهد رسول الله (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم) أنا أنهى عنهن وأحرمهن وهي: متعة النساء، ومتعة الحج، وحيَّ على خير العمل» [شرح المقاصد ج2 ص٢٩٤].

فهو يعترف بأنَّ «حيَّ على خير العمل» كانت على عهد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وهو الذي نهى عنها، ونحن نقبل بنقله ـ من كونها كانت على عهد رسول الله ـ دون نهيه، لعدم ثبوت كونه مشرِّعاً في دين الله تعالى، كما هو واضح.

ولمعرفة المزيد عن هذا الموضوع يُمكن مراجعة كتاب (الأذان بحيَّ على خير العمل) للحافظ أبي عبد الله محمَّد بن علي العلويّ، وكتاب (حيَّ على خير العمل) للمحقق السيِّد محمَّد مهدي الموسوي الخرسان، وكتاب (حيَّ على خير العمل، الشرعية والشعارية) للمحقق السيِّد على الشهرستاني، وغير ذلك.

والنتيجة المتحصَّلة من كلِّ ذلك، أنَّ فقرة «حيَّ على خير العمل» من أجزاء الأذان الإسلامي كما صار واضحاً.. والحمد لله ربِّ العالمين.