حديث المغافير

ما معنى حديث المغافير؟

: الشيخ نهاد الفياض

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

من جملة الأحاديث المعتبرة في تراث أهل الخلاف حديث (المغافير)، والمغافير كما قالوا: هو صمغٌ حلوٌّ ولكنَّ رائحته كريهة.

وملخَّص الواقعة عندهم: أنَّ رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) كان يشرب العسل عند إحدى زوجاته، فعلِمنَ بذلك الأُخريات، فاتَّفقن على الكذِب على رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) بأنْ يقلنَّ له: هل أكلتَ المغافير يا رسول الله؟ اتهاماً له (صلَّى الله عليه وآله) بالرائحة الكريهة ـ حاشاه ـ فأنزل الله قرآناً في ذمِّهنَّ وتقريعهنَّ.

1ـ فقد روى البخاريُّ في الصحيح عن عائشة قالت: «إنَّ النبيَّ (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم) كان يمكث عند زينب بنت جحش، ويشرب عندها عسلاً، فتواصيتُ أنا وحفصة، أنْ أيَّتنا دخل عليها النبيُّ (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم) فلتقلْ: إني أجدُ فيك ريح ‌مغافير، أكلتَ ‌مغافير؟ فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال: «بل شربتُ عسلاً عند زينب بنت جحش، ولن أعود له» فنزلتْ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ ـ إلى ـ إِنْ تَتُوبَا إِلَى الله﴾ لعائشة وحفصة» [صحيح البخاريّ ج5 ص2016]. وأخرجه أيضاً في [ج4 ص1866].

2ـ وروى أيضاً عن عائشة قالت: «كان رسول الله (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم) يحبُّ العسل والحلواء، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، فيدنو من إحداهنَّ، فدخل على حفصة بنت عمر، فاحتبس أكثر ما كان يحتبس، فغرتُ، فسألتُ عن ذلك، فقيل: أهدتْ لها امرأةٌ من قومها عُكَّةً من عسلٍ فسقت النبيَّ (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم) منه شربةً، فقلتُ: أما والله لنحتالنَّ له! فقلتُ لسودةَ بنت زمعة: إنَّه سيدنو منكِ، فإذا دنا منكِ فقولي: أكلت مغافير؟ فإنه سيقول لك: لا، فقولي له: ما هذه الريح التي أجد منك، فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل، فقولي له: جَرَستْ نَحلُه العُرفُط، وسأقول ذلك، وقولي أنت يا صفية ذاك. قالت: تقول سودة: فو الله ما هو إلَّا أنْ أقام على الباب، فأردتُ أنْ أباديه بما أمرتني به فرقاً منك، فلمَّا دنا منها قالت له سودة: يا رسولَ الله! أكلت مغافير؟ قال: لا. قالتْ: فما هذه الريح التي أجد منك؟ قال: سقتني حفصة شربة عسل. فقالت: جَرَستْ نَحلُه العُرفُط، فلما دار إليَّ قلتُ له نحو ذلك، فلما دار إلى صفية قالتْ له مثل ذلك، فلمَّا دار إلى حفصة قالت: يا رسول الله، ألا أسقيك منه؟ قال: لا حاجة لي فيه. قالت: تقول سودة: والله لقد حرمناه، قلتُ لها: اسكتي» [صحيح البخاريّ ج5 ص2017].

3ـ وروى مُسلم في الصحيح عن عائشة قالتْ: «أنَّ النبيّ (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم) كان يمكث عند زينب بنت جحش، فيشرب عندها عسلاً، قالت: فتواطأتُ أنا وحفصة أنْ أيَّتنا ما دخل عليها النبيُّ (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم) فلتقلْ: إني أجدُ منك ريح ‌مغافير، أكلتَ ‌مغافير؟ فدخل على إحداهما، فقالت ذلك له، فقال: بل شربتُ عسلاً عند زينب بنت جحش، ولنْ أعود له، فنزل: ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ﴾ إلى قوله: ﴿إِنْ تَتُوبَا﴾ لعائشة وحفصة» [صحيح مسلم ج4 ص184].

4ـ وروى أحمد بسنده عن عُبيد بن عُمير يخبر، قال: «سمعتُ عائشة زوج النبيِّ (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم)، تخبر أنَّ النبيَّ (صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم) كان يمكث عند زينب بنت جحش، ويشربُ عندها عسلاً، فتواطيتُ أنا وحفصة أنْ أيَّتنا ما دخل عليها النبيُّ فلتقلْ: إني أجدُ منك ريح ‌مغافير، أكلت ‌مغافير؟ فدخل على إحداهما، فقالت ذلك له، فقال: بل شربتُ عسلاً عند زينب بنت جحش، ولنْ أعود له. فنزلت: ﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ﴾ إلى قوله: ﴿إِنْ تَتُوبَا﴾ لعائشة وحفصة» [مسند أحمد ج43 ص41].

5ـ وروى أبو نُعيم بسنده عن عُبيد بن عُمير يقول: «سمعتُ عائشة زوج النبي(صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم) تقول: كان النبيُّ(صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم) يمكثُ عند زينب بنت جحش ويشربُ عندها عسلاً. قالت: فتواطئت أنا وحفصة إذْ دخل علينا النبيُّ(صلَّى الله عليه [وآله] وسلَّم) فلنقل: إنا نجدُ منك ريح ‌المغافير! قالت: فدخل على إحدانا فقالت ذلك، قال: بل شربتُ عسلاً، ولنْ أعود فترك. فنزل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْواجِكَ﴾» [حلية الأولياء ج3 ص276].

ورواه جمعٌ آخرون من علماء العامَّة أيضاً، فانظر: سنن أبي داوود ج3 ص386، مسند البزَّار ج18 ص203، السنن الكبرى للنسائي ج5 ص260، مسند أبي يعلى ج7 ص74، مستخرج أبي عوانة ج11 ص582، الجمع بين الصحيحين ج4 ص132، وغيرها من المصادر الكثيرة.

والنتيجة المتحصَّلة من كلِّ ذلك، أنَّ حديث (المغافير) من الأحاديث الصحيحة عند العامَّة، وأنه يثبت تعمُّد بعض زوجات النبي (صلَّى الله عليه وآله) على الكذب عليه.. والحمد لله ربِّ العالمين.