دعاء المُجير
ما هو دعاءُ المُجير، ومن هم العلماء الذين نقلوه وأقرُّوا بصحَّته؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم أنَّ المراد من (دعاء المُجير) هو الدعاء المشهور الذي يبدأ بقول: «سُبحانك يا الله، تعاليتَ يا رحمن، أجرنا من النار يا مجير. سُبحانك يا رحيم، تعاليت يا كريم، أجرنا من النار يا مجير...». وقد سُمِّي بهذا الاسم؛ لأنَّه يُذكر بعد اسمين من أسماء الله تعالى عبارة: «أجرْنا من النار يا مجير».
وللجواب عن هذا السؤال ينبغي الكلام في أمرين:
الأمر الأوَّل: مصدر الدعاء وفضله:
إنَّ أقدم مَن نقل هذا الدعاء ـ حسب بحثنا واستقرائنا - هو الشيخ إبراهيم الكفعميُّ [ت٩٠٥هـ]، في كتابيه [المصباح ص308، والبلد الأمين ص362]. وقد ذكر (طاب ثراه) بأنه مرويٌّ عن النبيِّ الأعظم (صلَّى الله عليه وآله) عن جبرئيل (عليه السلام)، ثمَّ أشار في هامش الكتاب إلى اعتباره ونُسَخِهِ وفضله، نذكر ما أفاده بنصِّه لِـما فيه من فوائد:
قال (طاب ثراه): (هذا الدعاء يُسمَّى «دعاء المجير»: رفيع الشأن، عظيم المنزلة، وله نُسخٌ كثيرةٌ، أكملها ما رقمناه، وهو مرويٌّ عن النبيِّ (صلَّى الله عليه وآله). نزل جبرئيل (عليه السلام) وهو يُصلِّي في مقام ابراهيم الخليل (عليه السلام).
وملخَّص فضله: أنَّه من قرأه في الأيام البيض من شهر رمضان غفرت ذنوبه، ولو كان عدد قطر المطر، وورق الشجر، ورمل البر. وبه أُنزل إلى الأرض وأصعد إلى السماء.
وهو مكتوبٌ على حجرات الجنَّة ومنازلها.
ومَن حافظ على قراءته أمن من كلِّ آفة، وكان رفيقك في الجنَّة، وحشر ووجهة كالقمر ليلة البدر.
ومَن صام ثلاثاً وقرأ سبعاً ونام على ظهره رآك في نومه.
ومَن قرأ عشراً أركبه الله بُراقاً من نورٍ عليه سرج من زبرجد أخضر حتَّى يقف بين يدي الله تعالى فيحسبه أهلُ الموقف من بعض أنبياء الله تعالى، وثواب قارئه لا يحصى خيره، فلو كانت البحار مداداً والإنس والجنُّ والملائكة كتَّاباً ما أُحصي ثواب قارئه.
وبه يشفي الله تعالى المريض، ويقضي الدين، ويُغني الفقير، ويعتق المملوك، ويفرِّج الغم، ويكشف الكرب، وينجي من جور السلطان وكيد الشيطان.
ومَن ضاع له شيءٌ أو سُرِق فليصلِّ أربع ركعات يقرأ في كلِّ ركعة الحمد مرَّة والتوحيد إحدى عشر مرَّة ثمَّ يقرأ الدعاء ويضعه تحت رأسه فإنَّه تعالى يرد عليه ما ذهب له، ولو قرأ بإخلاصٍ على ميِّت لعاش، أو على جبل يجعله الله دكَّاً دكَّاً، وأنا ضامنٌ لمَن دعاء به عشر مرَّات أنْ لا يعذِّبه الله تعالى بالنار، ومَن دعا به في حاجةٍ قُضيَت، أو على عدو كبت، وفيه الاسم الأعظم، فلا تُعلِّمه – يا محمَّد – إلَّا لمَن تثق به من أهل الصلاح، وأسماء الله تعالى التي خلق بها الخلائق كلَّها داخلة في هذا الدعاء) [المصباح ص308 الهامش].
ومن ثُمَّ نقله عنه جمعٌ من العلماء، كالميرزا النوريِّ (طاب ثراه) في كتابه [دار السلام ج3 ص7]، وتلميذه الشيخ عبَّاس القمِّيّ (طاب ثراه) في كتابه [مفاتيح الجنان ص١٥٣]، والشيخ مكارم الشيرازيّ في [المفاتيح الجديدة ص87]، وغيرهم.
الأمر الثاني: اعتبار الدعاء وصحته:
إنَّ الأدعية بشكلٍ عامٍ ـ ومنها دعاء المجير ـ لا يشترط فيها صحَّة السند، وإنَّما المدار على صحَّة المضمون كما صرَّح بذلك الأعلام [يُنظر: استفتاءات مكتب السيِّد السيستاني دام ظلُّه ص479].
على أنَّ الدعاء المذكور قد نقله الشيخ الكفعميُّ في المصباح الذي التزم بأنْ لا ينقل فيه إلَّا ما أخذه من الكتب المعتمد على صحَّتها، المأمور بالتمسُّك بها، قال في مقدِّمة الكتاب: (وقد جمعتُه من كتبٍ مُعتمدٍ على صحَّتها، مأمورٍ بالتمسُّك بوثقى عروتها، لا يغيرها كـرُّ العصرين، ولا مـرُّ الملوين) [المصباح ص10].
وقد وصفه ـ كما نقلنا عنه آنفاً ـ بأنَّه (رفيع الشأن، عظيم المنزلة). وذكره الشيخ القمِّي في المفاتيح ضمنَ الأدعية المشهورة، وقال: (دعاء المُجير، وهو دعاء رفيع الشأن).
والنتيجة من كلِّ ما تقدَّم: أنَّ دعاء (المُجير) من الأدعية المشهورة والمعروفة، التي تُقرأ في شهر رمضان وغيره، وله فضلٌ عظيم، نقله الشيخ الكفعميُّ عن النبي الأعظم (صلَّى الله عليه وآله) عن الأمين جبرئيل (عليه السلام).. والحمد لله ربِّ العالمين.
اترك تعليق