فرحة الزهراء (ع)
مصطفى: ما هي حقيقة ما يسمى بــ (فرحة الزهراء)؟ وهل هو اليوم الذي قتل فيه الخليفة الثاني؟ وما رأيكم بما يقوم به البعض من الشيعة من احتفالات في هذا اليوم بسبب مقتل الثاني كما يدعون؟ وفقكم الله لكل خير
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم - رعاك الله - أنَّ أصحابنا الإماميّة (أعلى الله برهانهم) ذكروا سببين وجيهين في تسمية هذا اليوم بفرحة الزهراء (عليها السلام).
أحدهما: أنَّ هذا اليوم يصادف تتويج الإمام الحجَّة (عليه السلام)، وذلك لأنَّ الإمام العسكريَّ (عليه السلام) قد استشهد في اليوم الثامن من ربيع الأوَّل، فيكون اليوم التاسع منه هو اليوم الأوَّل من أيّام إمامة صاحب الزمان (صلوات الله عليه)، وقد ذهب إلى هذا الرأي بعض الأعلام، ومن ثُمَّ أصبح رائجاً بين أهل الإيمان.
1ـ قال السيِّد ابن طاووس: (في كتاب دلائل الإمامة، أنَّ وفاة مولانا الحسن العسكريّ (عليه السلام) كانت لثمان ليالٍ خلون من شهر ربيع الأوَّل، وكذلك ذكر محمَّد بن يعقوب الكلينيّ في كتاب الحجَّة، وكذلك قال محمَّد بن هارون التلعكبري، وكذلك ذكر حسين بن حمدان بن الخطيب، وكذلك ذكر الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد، وكذلك قال المفيد أيضاً في كتاب مولد النبيّ والأوصياء، وكذلك ذكر أبو جعفر الطوسيّ في كتاب تهذيب الأحكام، وكذلك قال حسين بن خزيمة، وكذلك قال نصر بن عليّ الجهضميّ في كتاب المواليد، وكذلك الخشَّاب في كتاب المواليد أيضاً، وكذلك قال ابن شهر آشوب في المناقب؛ فإذا كانت وفاة مولانا الحسن العسكريّ (عليه السلام) كما ذكر هؤلاء لثمان ليالٍ خلون من ربيع الأوَّل فيكون ابتداء ولاية المهديّ (عليه السلام) على الأمَّة يوم تاسع ربيع الأوَّل، فلعلَّ تعظيم هذا اليوم ـ وهو يوم تاسع ربيع الأوَّل ـ لهذا الوقت المفضَّل والعناية بالمولى الأعظم المكمَّل). [إقبال الأعمال ص76].
2ـ وقال المحدِّث الشيخ عبَّاس القمِّي (رحمه الله): (اليوم التاسع: عيدٌ عظيم، وهو عيد البَـقْر، وشرحه طويل مذكور في محلِّه، وروي: أنَّ من أنفق شيئاً في هذا اليوم غُفرتْ ذُنوبه، وقيل: يُستحب في هذا اليوم إطعام الإخوان المؤمنين وإفراحهم والتوسُّع في نفقة العيال ولبس الثياب الطيِّبة، وشكر الله تعالى وعبادته، وهو يوم زوال الغُموم والأحزان، وهو يوم شريف جدَّاً. واليوم الثامن من الشهر كان يوم وفاة الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) فهذا اليوم يكون أوَّل يومٍ من عصر إمامة صاحب العصر أرواح العالمين له الفداء، وهذا ممّا يزيد اليوم شرفاً وفضلاً). [مفاتيح الجنان ص335].
3ـ وقال السيد الكاشانيّ: (اليوم التاسع: عيدٌ عظيمٌ وفيه سرور المؤمنين؛ لأنَّه يوم جلوس صاحب الأمر الإمام المهدي (عجَّل الله فرحه) على كرسيّ الخلافة، وتقلُّده منصب الإمامة، وقد ورد فيه: أنَّه من أنفق فيه شيئاً غُفر له، ويُستحبُّ فيه إطعام الطعام، ومصافحة الإخوان، وتطيِّبهم، والتوسعة في النفقة على العيال، ولبس الجديد، والتزاور بين الناس بعضهم بعضاً، والعيادة، وإظهار السرور، والنشاط، وشكر الله تعالى، والتصدُّق فيه على الفقراء، ومن عمل ذلك غفر الله له، وهو يوم نفي الهموم). [مصابيح الجنان ص655].
والآخر: أنَّ هذا اليوم يصادف هلاك أحد أعداء الزهراء (عليها السلام) ممّن اعتدوا عليها بعد شهادة أبيها (صلَّى الله عليه وآله)، وقد استند أصحاب هذا الرأي إلى رواية أحمد بن إسحاق القمِّي (رحمه الله) التي رواها جملةٌ من أعلام الطائفة، منهم المحدِّث الشيخ الحسن بن سُليمان الحلِّي (رحمه الله) [يُنظر: المحتضر ص185]، والعلَّامة ياسين الصوَّاف (رحمه الله) [يُنظر: عقد الدرر ص27]، والعلَّامة المجلسي (رحمه الله) [يُنظر: البحار ج31 و ج98].
1- قال السيِّد ابن طاووس: (اعلم أنَّ هذا اليوم [أي: التاسع من ربيع الأوَّل] وجدنا فيه روايةً عظيمة الشأن، ووجدنا جماعةً من العجم والإخوان يعظِّمون السرور فيه، ويذكرون أنّه يوم هلاك بعض من كان يهون بالله جلَّ جلاله ورسوله (صلَّى الله عليه وآله) ويعاديه). [إقبال الأعمال ص82].
2- قال العلَّامة المجلسيّ في البحار: (والمشهور بين الشيعة في الأمصار والأقطار في زماننا هذا هو أنّه [أي القتل] التاسع من ربيع الأوَّل، وهو أحد الأعياد، ومستندهم في الأصل ما رواه خلف السيِّد النبيل عليّ بن طاووس ـ رحمة الله عليهما ـ في كتاب زوائد الفوائد، والشيخ حسن بن سُليمان في كتاب المحتضر). [بحار الأنوار ج31 ص120].
3- قال الميرزا الملكيّ: (اليوم التاسع: ورد فيه رواية واحدة فاخرة في كونه يوم هلاك عدو الله، وفي فضله وفضل الفرح فيه، وأنّه يوم السرور لشيعة آل محمَّد (صلوات الله عليهم أجمعين)، واشتهر بين الشيعة بذلك، وإنْ كان لا يساعده سائر الروايات، ولكنْ يمكن أنْ تكون التقيّة اقتضت تغيير الوقت، ومع ذلك لا يبعد أنْ يكون لهذا جهة انطباق بوجهٍ من الوجوه، وكيف كان ينبغي لموالي آل محمَّد ولو تعبُّداً لهذه الرواية إظهار السرور، لهلاكه في ذلك اليوم). [المراقبات ص46]. والحمد لله ربّ العالمين.
اترك تعليق