لِمَاذَا اخْتَرَمَ المَوْلَى سُبْحَانَهُ أَبْنَاءَ النَّبِيِّ (ص) بِالمَوْتِ مُبَكِّرًا؟!!
سِهَامُ /: مَا هُوَ السَّبَبُ الَّذِي يَدْعُوا إلَهَ الكَوْنِ إِلَى أنْ يُحْزِنَ نَبِيَّهُ وَيُمِيتَ أَوْلَادَهُ الذُّكُورَ مُبَكِّرًا، حَيْثُ إنَّ مُحَمَّدًا كَانَ حَزِينًا جِدًّا لِوَفَاتِهِمْ وَقَالَ جُمْلَتَهُ المَعْرُوفَةَ: "إنَّ العَيْنَ لَتَدْمَعُ، وَإنَّ القَلْبَ لَيَحْزَنُ، وَإنَّا لِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لمَحزُونُونَ"؟
الأُخْتُ سِهَامُ المُحْتَرَمَةُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
الحِكْمَةُ مِنْ المَوْتِ المُبَكِّرِ لِأَبْنَاءِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) هِيَ لِمَنْعِ حُصُولِ الشُّبْهَةِ بِنُبُوَّتِهِمْ، فَقَدْ جَرَتْ العَادَةُ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّ أَبْنَاءَ الأَنْبِيَاءِ يَكُونُونَ أَنْبِيَاءَ كَذَلِكَ، وَهَذَا المَعْنَى تَجِدُهُ بِوُضُوحٍ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ القُرْآنِ الكَرِيمِ حِينَ نَصَّ المَوْلَى سُبْحَانَهُ عَلَى نُبُوَّةِ أَبْنَاءِ الأَنْبِيَاءِ بَعْدَ آبَائِهِمْ.
قَالَ تَعَالَى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86)) سُورَةُ الأنْعَامِ.
وَقَالَ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمُ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)) سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ.
وَقَالَ تَعَالَى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16)) سُورَةُ النَّمْلِ: 16.
وَقَالَ تَعَالَى: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6))سُورَةُ مَرْيَمَ: 5.
وَقَالَ تَعَالَى: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ) سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 39.
فَبِلِحَاظِ هَذِهِ الآيَاتِ جَرَى العُرْفُ الشَّرْعِيُّ وَكَذَلِكَ العُرْفُ الإجْتِمَاعِيُّ بِجَرَيَانِ النُّبُوَّةِ فِي أَبْنَاءِ الأَنْبِيَاءِ، وَبِمَا أَنْ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) هُوَ خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ وَلَا نُبُوَّةَ بَعْدَهُ أَرَادَ المَوْلَى سُبْحَانَهُ أَنْ يَرْحَمَ هَذِهِ الأُمَّةَ مِنْ وُقُوعِهَا فِي الشُّبْهَةِ مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ، فَاخْتَرَمَ أَبْنَاءَ النَّبِيِّ (ص) الذُّكُورَ مُبَكِّرِينَ حَتَّى لَا يَحْصُلَ الإشْتِبَاهُ المَذْكُورُ.
وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ.
اترك تعليق