ما الحاجة الى الائمة ؟

لماذا نحتاجُ إلى أئمّةٍ في حينِ أنَّ كُلَّ ما يجبُ أن ينزلَ قد نزلَ على نبيّهِ (ص) ولا يوجدُ شيءٌ آخر؟

: السيد علي المشعشعي

الجوابُ:

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم،

الحاجةُ الداعيةُ الى أئمّةِ هُدى بعدَ النبيّ -صلّى اللهُ عليهِ وآله- بيانُه مِن مُقدّمتين:

المُقدّمةُ الأولى: أنَّ الكتابَ والسّنّةَ غيرُ رافعَينِ للخِلافِ والواقعُ يشهدُ أنَّ النّاسَ بعدَ النبيّ -صلّى اللهُ عليهِ وآله- افترقَت إلى فِرقٍ شتّى كما أشارَ -صلّى اللهُ عليهِ وآله- إلى أنَّ الناسَ ستفترقُ إلى ثلاثٍ وسبعينَ فرقةً.. فوجبَ أن يكونَ هناكَ أئمّةٌ يرفعونَ الاختلافَ وقد كانَ النبيُّ -صلّى اللهُ عليهِ وآله- المرجعَ عندَ الاختلافِ في حياتِه كما في قولِه تعالى: (وما أنزَلنا عليكَ الكتابَ إلّا لتُبيّنَ لهُم الذي اختلفوا فيهِ وهُدىً ورحمةً لقومٍ يؤمنون) [النّحل: 64].

فلابدَّ للنّاسِ مِن إمامٍ بعدَ مماتهِ هوَ عليٌّ عليهِ السلام كما نصَّ -صلّى اللهُ عليهِ وآله- عليهِ بقوله: «أنتَ تُبيّنُ لأمّتي ما اختلفوا فيهِ مِن بعدي».

قد شهدَ عُلماءُ مُخالفينِا برجوعِ كبارِ الصّحابةِ إليه:

أبو زكريّا يحيى بنُ شرفِ النووي (المُتوفّى: 676 ه).

قالَ : سؤالُ كبارِ الصحابةِ له ، ورجوعُهم إلى فتاواه وأقوالِه في المواطنِ الكثيرة ، والمسائلِ المُعضلاتِ مشهورٌ (1).

أحمدُ بنُ عبدِ الله الطبريّ (المُتوفّى: 694 ه).

ذكرَ في كتابِه : «مناقبُ ذوي القُربى» باباً في ذكرِ رجوعِ أبي بكرٍ وعُمر إلى قولِ عليٍّ وأوردَ جُملةً منَ الأحاديث (2).

عليُّ بنُ أبي الكرمِ ابنِ الأثيرِ الجزريّ (المُتوفّى: 630 ه).

قالَ: ولو ذكَرنا ما سألَهُ الصحابةُ مثلَ عُمر وغيرِه لأطَلنا (3).

محمّدُ بنُ يوسفَ الكنجي (المُتوفّى: 658 هجريّة).

قالَ : وقد كانَ أبو بكرٍ وعُمر وعُثمان وغيرُهم مِن عُلماءِ الصّحابةِ يشاورونَهُ في الأحكام ، ويأخذونَ بقولِه في النّقضِ والإبرام (4).

عليُّ بنُ سلطان محمّد ، أبو الحسنِ القارّي (المُتوفّى: 1014 ه).

قالَ : المُعضلاتُ التي سألَهُ كبارُ الصحابةِ ورجعوا إلى فتواه (5).

المُقدّمةُ الثانية: بعدَ أن اتّضحَ قصورُ الكتابِ والسنّةِ عن تفاصيلِ أحكامِ الجُزئيّاتِ الواقعةِ إلى يومِ القيامة فلابدَّ مِن إمامٍ قيّمٍ مُبينٍ ومُفسّرٍ لتفاصيلِ الأحكامِ والجُزئيّاتِ الواقعةِ في الكتابِ والسُّنّةِ وحافظٍ لهُما منَ التحريفِ والتبديل وقد أشارَ النبيُّ -صلّى اللهُ عليهِ وآله-: (في كلِّ خلفٍ مِن أمّتي عدولٌ مِن أهلِ بيتي، ينفونَ عن هذا الدينِ تحريفَ الضالّين، وانتحالَ المُبطلين، وتأويلَ الجاهلين، ألا وإنَّ أئمّتَكم وفدُكم إلى الله فانظروا مَن تَفِدون) (6).

ففي الحديثِ الإشارةُ بكُلِّ وضوحٍ إلى أنَّ الإمامَ منَ العترةِ تتحقّقُ معَه العِصمةُ منَ الضّلال.

والحمدُ للهِ أوّلاً وآخراً..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- تهذيبُ الأسماءِ واللّغات ج1ص346.

2 - العُقبى في مناقبِ ذوي القُربى ج1ص80.

3 - أسدُ الغابةِ في معرفةِ الصّحابة ج3ص598

4 - كفايةُ الطّالب ص 223.

5 - شرحُ الفِقهِ الأكبر ص113.

6- الصواعقُ المُحرقة 3: 441، ذخائرُ العُقبى: 17 - المعيارُ والموازنة: 204