الذَّهَبِيُّ وَحَدِيثُ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْبَرَرَةِ.

جَلِيلٌ / السَّلَامُ عَلَيْكُمْ؟.       قَالَ الحَاكِمُ :[4644] حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الفَقِيهُ الإِمَامُ الشاشي بِبُخَارَى، ثنا النُّعْمَانُ بْنُ هَارُونَ البَلَدِيُّ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الحرَّانِي، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثمَانَ بْنِ خثيم عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَهُوَ آخِذٌ بِضبعِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ: هَذَا أَمِيرُ البَرَرَةِ، قَاتِلُ الفَجَرَةِ، مَنْصُورٌ مِنْ نَصرَهُ، مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ. ثُمَّ مَدَّ بِهَا صَوْتَهُ.. [المُستَدْرَكُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ ج3ص140].

: اللجنة العلمية

      وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ

    (1) - تَخْرِيجُ الحَدِيثِ: أَخْرَجَهُ ابْنُ حَبَّانَ فِي المَجْرُوحِينَ ج1ص 152. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِي فِي الكَامِلِ ج1ص  195. وَأَخْرَجَهُ الخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ ج2ص 377. وَأَخْرَجَهُ السُّيُوطيُّ فِي الجَامِعِ الصَّغِيرِ ج2ص104.

      (2) - الحُكْمُ عَلَى الحَدِيثِ :

     (الحَاكِمُ): هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.

     (الذَّهَبِيُّ) فِي التَّلْخِيصِ: بَلْ وَاللهِ مَوْضُوعٌ، فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الحرَّانِي كَذَّابٌ، فَمَا أَجْهَلَكَ عَلَى سَعَةِ مَعْرِفَتِكَ!!

     (3) - مُنَاقَشَةُ الحُكْمِ عَلَى الحَدِيثِ:

     (أَوَّلًا): قَدْ عَرَفْتَ اسْتِيَاءَ الذَّهَبِيِّ الشَّدِيدَ مِنْ إِخْرَاجٍ الحَاكِمِ لِهَذَا الحَدِيثِ، وَقَدْ رَمَاهُ بِالجَهْلِ وَحَكَمَ بِوَضْعِ الحَدِيثِ كَعَادَتِهِ!

     (ثَانِيًا) - الذَّهَبِيُّ قَلَّدَ ابْنُ عَدِي فِي تَكْذِيبِهِ لِلمُؤَدَّبِ.

     قَالَ ابْنُ عَدِي: كَانَ بِسُرَّ مَنْ رَأَى يَضَعُ الحَدِيثَ [الكَامِلُ فِي ضُعَفَاءِ الرِّجَالِ ج1ص192].

     وَقَدْ اتَّهَمَهُ ابْنُ عَدِي بِوَضْعِ الحَدِيثِ بِسَبَبِ هَذَا الحَدِيثِ! 

     قَالَ: وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ مَوْضُوعٌ لَا أَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَلَّا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ المُؤَدَّبُ هَذَا. [الكَامِلُ فِي ضُعَفَاءِ الرِّجَالِ ج1ص192].

     وَنَسِيَ الذَّهَبِيُّ أَنَّهُ قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ يَعْرِفُ الأُمُورَ، فَمَا جَسرَ يُحَدِّثُ بِهَذَا أَلَا سِرًّا لِأَحْمَدَ بْنِ الأَزْهَرِ وَلِغَيْرِهِ. [مِيزَانُ الإعْتِدَالِ ج1ص213].

     فَلَمْ يُمْكِنْهُ تَكْذِيبُ الإمَامِ (الصَّنعَانِي) فَصَبُّوا وَيْلَهُمَ عَلَى مَنْ رَوَى عَنْهُ تِلْكَ الآثَارَ فِي فَضْلِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَكْذِيبُ ابْنِ مُعِينٍ لِأبِي الأَزْهَرِ دُونَ أنْ يَعْرِفَ أَنَّهُ هُوَ حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِحَدِيثِ (يَا عَلِيُّ، أَنْتَ سَيِّدٌ فِي الدُّنْيَا سَيِّدٌ فِي الآخِرَةِ) ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ وَقَالَ: الذَّنْبُ ذَنْبُ غَيْرِكَ.

      وَقَالَ الدَّارقطْني: يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَغَيْرِهِ بالمَنَاكِيرِ [تَارِيخُ بَغْدَادَ ج 4ص 218].

     (قُلْتُ): مِنْ خِلَالِ كَلِمَاتِهِمْ يَتَبَيَّنُ تَكْذِيبُهُمْ لِأَبِي جَعْفَرٍ المُؤَدَّبِ فِي رَأْيِهِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِ، فَلَا يُمْكِنُ قَبُولُهُمْ أَنَّ عَلِيًّا (قَاتِلُ الفَجَرَةِ) وَهُمْ يُوَالُونَ النَّاكِثِينَ والقَاسِطِينَ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).

     (ثَالِثًا) - قَوْلُ الذَّهَبِيِّ: إنَّ عَبْدَ الرَّزَّاقِ كَانَ يَعْرِفُ الأُمُورَ لَمْ يَتَجَاسَرْ أَنْ يُحدِّثَ بِهَا. يُبَيِّنُ أَنَّ الحَدِيثَ بِفَضَائِلِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) الَّتِي فِيهَا تَقْدِيمٌ لَهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَلَى غَيْرِهِ جَسَارَةٌ، وَمَنْ يُحَدِّثُ بِهَا لَا يَطَالُه الرَّمْيُ بالتَّشَيُّعِ وَالتَّكْذِيبِ فَقَطْ، بَلْ يُنَكَّلُ بِهِ وَتَحْصُلُ لَهُ أُمُورٌ لَا يُحْسَنُ عُقْبَاهَا، وَقَدْ وَقَعَ لِمَجْمُوعَةٍ مِنْ المُحَدِّثِينَ ذَلِكَ، نَذْكُرُ أَرْبَعَةً مِنْهُمْ:

     * الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ المَعْرُوفُ بِابْنِ السَّقَّاءِ الوَاسِطِي.

     قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَاتَّفَقَ أَنَّهُ أَمْلَى حَدِيثَ الطَّيْرِ فَلَمْ تَحْتَمِلْهُ نُفُوسُهُمْ فَوَثَبُوا بِهِ وَأَقَامُوهُ وَغَسَّلُوا مَوْضِعَهُ، فَمَضَى وَلَزِمَ بَيْتَهُ فَكَانَ لَا يُحَدِّثُ أَحَدًا مِنْ الوَاسِطيِّينَ; فَلِهَذَا قَلَّ حَدِيثُهُ عِنْدَهُمْ [تَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ ج3ص117 - سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ ج16ص352].

*      الحَافِظُ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النِّسَائِيُّ صَاحِبُ السُّنَنِ.

      قَالَ الْمزيُّ: وَسَمِعْتُ قَوْمًا يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ كِتَابَ "الخَصَائِصِ" لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَتَرَكَهُ لِتَصْنِيفِ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ صَنَّفَهَا [تَهْذِيبُ الكَمَالِ لِلمزيِّ ج 1 ص 338].

     وَيَقُولُ المَأمُونيُّ: سَأَلْتُهُ عَنْ تَصْنِيفِهِ كِتَابَ الخَصَائِصِ، فَقَالَ: دَخَلْتُ دِمَشْقَ وَالمُنْحَرِفُ بِهَا عَنْ عَلِيٍّ كَثِيرٌ، وَصَنَّفْتُ كِتَابَ الخَصَائِصِ رَجَاءَ أَنْ يَهْدِيَهُمْ اللهُ [تَهْذِيبُ التَّهْذِيبِ ج 1 ص 33].

     (قُلْتُ): بَعْدَ اسْتِيَاءِ النَّوَاصِبِ مِنْ تَصْنِيفِهِ كِتَابَ "خَصَائِصِ عَلِيٍّ"، أَلَّفَ كِتَابًا آخَرَ أسْمَاهُ: (فَضَائِل الصَّحَابَةِ)، وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقْتَنِعْ بِهِ النَّوَاصِبُ حَتَّى طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَكْتُبَ فِي فَضَائِلِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، لَكِنَّهُ رَفَضَ فَضَرَبُوهُ ضَرْبًا مُبْرِحًا أَمْرَضَهُ وَأَدَّى بِهِ إِلَى الوَفَاةِ.

     قَالَ أَبُو بَكْرٍ المَأمُونيُّ: ثُمَّ صَنَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ كِتَابَ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ وَقَرَأهَا عَلَى النَّاسِ، وَقِيلَ لَهُ وَأَنَا حَاضِرٌ: أَلَا تُخْرِجُ فَضَائِلَ مُعَاوِيَةَ؟ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أُخْرِجُ اَللَّهُمَّ لَا تُشْبِعْ بَطْنَهُ! وَسَكَتَ، وَسَكَتَ السَّائِلُ [تَهْذِيبُ التَّهْذِيبِ ج 1 ص 33].

     وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: صَنَّفَ الخَصَائِصَ فِي فَضْلِ عَلِيٍّ وَأَهْلِ البَيْتِ، لِأَنَّهُ رَأَى أَهْلَ دِمَشْقَ حِينَ قَدِمَهَا فِي سَنَةِ اثنَتَينِ وَثَلَاثِمِائَةٍ عِنْدَهُمْ نَفْرَةً مِنْ عَلِيٍّ، وَسَأَلُوهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ مَا قَالَ، فَدَقَّقُوهُ فِي خُصْيَتَيْهِ فَمَاتَ [البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ ج 11 ص 141].

      * الحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الأزْدِي الجَهضمِي.

       قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ: نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ لَمَّا حَدَّثَ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ فَقَالَ: مَنْ أَحَبَّنِي وَأَحَبَّ هَذَيْنِ وَأَبَاهُمَا وَأَمَّهُمَا كَانَ فِي دَرَجَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ. أَمَرَ المُتوَكِّلُ بِضَرْبِهِ أَلْفَ سَوْطٍ فَكَلَّمَهُ فِيهِ جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ وَجَعَلَ يَقُولُ لَهُ: هَذَا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى تَرَكَهُ [تَهْذِيبُ التَّهْذِيبِ ج10ص 384].

      * الحَاكِمُ أَبِي عَبْدِ اللهِ النَّيسَابُوري.

      وَأَخِيرًا لَاقَى الحَاكِمُ الإضْطِهَادَ وَاتُّهِمَ بِالرَّفْضِ وَهُوجِمَ هَجْمَةً شَرِسَةً بِسَبَبِ اسْتِدْرَاكِهِ حَدِيثَ الطَّيْرِ، بِالإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ مُنْحَرِفًا عَنْ مُعَاوِيَةَ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، يَتَظَاهَرُ بِذَلِكَ، وَلَا يَعْتَذِرُ مِنْهُ [سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ ج17ص175].

     وَبِسَبَبِ ذَلِكَ كَسَرُوا مِنْبَرَهُ، وَمَنَعُوهُ مِنْ الخُرُوجِ  [المُنْتَظِمُ ج 7 ص 75 - تَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ ج 3 ص 320].

     فَهَذَا حَالُ المُنْصِفِ مِنْ عُلمَائِهِمْ، فَكَيْفَ بِالشِّيعِيِّ؟!

     (4) - دِلَالَةُ الحَدِيثِ:

     (1) - لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ يُسِيءُ النَّاصِبَةَ كَثِيرًا جِدًّا لِوَصْفِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِإمَامٍ البَرَرَةِ.

     (2) - يَدُلُّ عَلَى فُجُورِ مَنْ حَارَبَهُ، وَهُمْ النَّاكِثُونَ والقَاسِطُونَ وَالمَارِقُونَ.

     (3) - يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ تَخَلُّفَ عَنْ بَيْعَتِهِ وَالقِتَالِ مَعَهُ مَخْذُولٌ بِتَرْكِهِ طَاعَةَ الإمَامِ الْحَقِّ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ)، وَهَذَا مَا لَا يَقْبَلُهُ النَّاصِبَةُ لِأَنَّهُمْ يَتَرَضَّوْنَ عَلَى خُصُومِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).