سلسلة سؤال وجواب حول التوحيد (6)

عموم ربوبية الخالق سبحانه وتعالى

: اللجنة العلمية

س1: ماذا يلزم من الإعتقاد, بأنّ هناك تصرفاً, أو تدبيراً لموجود من الموجودات مستقل عن تدبير الله سبحانه؟

ج: إنّ هذا شركٌ واضحٌ، بل الله تعالى هو الموجود المتسلّط والمُدبّر لكل ما في الوجود، ولم يُفوّض لأي موجود أيَّ نحوٍ من التسلّط والإدارة والتصرّف - استقلالاً - بل كل ما في الكون تابع له تعالى.

س2: وهل تنحصر ربوبية الخالق في عالم التكوين فقط؟

ج: بل أكثر من ذلك, فليس فقط عالم التكوين تحت تسلطه تعالى, بل كذلك عالم التشريع تحت سيطرته وتصرفه, وعليه فلابد أنْ نقر ونعترف بالتوحيد على مستوى التكوين ومستوى التشريع, فكل شيء بيده سبحانه وتعالى, ومن ظنّ خلاف ذلك فقد زاغ عن الحق المبين, الذي بيّنه الله سبحانه وأهل البيت (عليهم السلام), والذي دلت عليه الأدلة العقلية والنقلية, فلا متصرّف ولامُدبّر في الوجود, إلا الله سبحانه وتعالى, ولذا من أعطى زمام التشريع والتقنين ومسائل الحلال والحرام, إلى الإنسان فقد إتخذه ربّاً لنفسه, وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك بما فعله اليهود والنصارى, حيث إتخذوا الأحبار والرهبان أرباباً لأنفسهم دون الله سبحانه, أي وقعوا بالشرك الربوبي على مستوى التشريع:

*قال تعالى: ((إتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله))(1) .

*وقال أيضاً: ((ولا يتخذُ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله))(2) .

ولذا يجب علينا أنْ لا نغفل عن أهمية هذه العقيدة، والترابط ما بين أقسام التوحيد، والتلازم فيما بينها.

س3: ما الأدلة العقلية على التوحيد في الربوبية؟

ج: يمكن الإستدلال عقلاً بما يلي:

الدليل الأول: وحدة النظام تدل على وحدة المُدَبِّر: إذا لاحظنا بدقة مجموعة قوانين عالم الوجود تجدها مترابطة ومتماسكة، وغير متناقضة، وقد كشف العلم الحديث، عن هذا الترابط والإنسجام, وهناك تأثيرات ما بين الأفلاك والكواكب, وغير ذلك, ولم توجد صدفة, بل عند التأمل فيها نكتشف إنّها موضوعة من أجل هدف وغاية, وليست عشوائية, مما يحفظ توازنها, واستمرارها وعليه ممكن صياغة الدليل كالتالي:

لو كان هناك إله آخر يُدير الكون للاحظنا نظامه وآثاره – بحيث يختلف عن نظام وآثار الإله الأول – والتالي باطل فالمقدم مثله في البطلان.

بعبارةٍ أخرى: إنّ فرض وجود تدبير من مُدبّر غير الله جلّت قدرته، فلابد من وجود نظام له يختلف عن نظام الله سبحانه، وحيث إنّنا نُجزم بعدم وجود هكذا نظام، فلا بد أنْ نجزم بعدم وجود مُدَبّر عدا الله سبحانه خالق السموات والأرض.

الدليل الثاني: إنّ الربوبية – كما قلنا – معناها التدبير، وإيجاد العلائق والإرتباط ما بين الموجودات، إذ لا يُنكر عاقل أنّ هناك علاقة ما بين الماء والإرواء، والطعام والشبع، والنار والإحراق فالتدبير معناه إيجاد هذه العلائق.

س4: ما الدليل على أنّ موجِد هذه العلائق هو الله سبحانه فقط؟

ج: لأنّ هذه العلائق والروابط مخلوقة قطعاً، ولا يوجد خالق لها إلا الله سبحانه.   

بعبارةٍ أخرى: هذا الدليل يعتمد على التوحيد في الخالقية, وقد أثبتناه سابقاً فكل ما موجود في عالم الوجود, ومنها العلائق والروابط هي مخلوقة, ولا خالق لها إلا هو سبحانه وتعالى.

__________________________

(1) سورة التوبة: 31. 

(2) سورة آل عمران: 64