الأمَّةُ سَتَغْدُرُ بِعَليِّ بن أبي طَالِب (ع) بعدَ وفاة رسول الله (ص).

مالك/ الكويت/: هل قَالَ الرَّسُولُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ) :- إن الأمَّةَ ستَغدُرُ بعليٍّ بعده؟! واين هذا القولُ؟  وما هي درجةُ صحتِهِ؟

: اللجنة العلمية

الأخ مالك المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نقول: إنَّ حديثَ الإمام عليٍّ عليه السلام في غدْرِ الأُمَّةِ به بعد وفاةِ رسُولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ)، من الأحادِيثِ المُعْتَبَرَةِ المشْهُورَة، وقَدْ رَوَاهُ عن الإمامِ عليٍّ عليه السلام، ثلاثةٌ من التابعين، وهم: أبو إدريسَ إبراهيمُ بنُ أبي حَدِيدِ الأودي، وثَعْلَبةُ بنُ يَزيِدَ الحِمَّاني، وأَبو الهَيّاجِ حَيّانُ ابنُ حُصَينٍ الأسدي.

فأمَّا روايةُ أبي إدريسَ الأودي، فقد رَوَاها المُحدِّثُ المَشْهورُ الحارثُ بن أبي أُسَامَةَ البَغدَاديُّ في مُسْنَدِهِ، رقم الحديث (٩٨٤)، والحاكِمُ في المُسْتَدْرَك (ج٣/ص١٥٠) وغيرُهُمَا بإسنادِهم إلى هشيم عن إسماعيلَ بن سالم عن أبي إدريسَ الأوديّ عن عليّ، وذكر الحديث.

 قُلنَّا: وهذا الإسنادُ ضعيفٌ؛ لأنَّ أبا إدرِيسَ الأوديّ مجهولُ الحال.

وأمَّا روايةُ ثَعْلَبةَ بن يَزيِدَ الحِمَّاني ، فقد رَوَاها الحَافظُ أبو بَكْرِ بنُ أبي شَيْبَةَ قَالَ حدَّثَنا ابو نعيم الفَضْلُ ثنا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ أخبرني حبيبُ بنُ أبي ثَابت قال سَمِعْتُ ثعلبةَ بن يَزيِدَ قال سَمِعتُ علياً يقول: واللهِ إنّه لَعَهْدُ النّبيِّ الأُمّيِّ: سَيَغْدرُوُنَكَ مِنْ بَعْدِي. ورَوَاه أيضاً البزَّارُ في مسنده (ج٣/ص٩١)، رقم الحديث (٨٦٨). قَالَ البُوصِيريُّ (٥١/٣/أ): رَوَاه أبو بكرٍ بنُ أبي شَيْبَةَ بإسنادٍ حَسَن. نقل ذلك الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ العسقلاني في كتابه( المطالب العالية بزوائد المساند الثمانية)، رقم الحديث(٣٩١٩). 

قُلنَّا: وهذا الإسْنَادُ حَسَنٌ كما قَالَ البُوصِيريُّ. 

وأما رواية حيان الأسدي، فقد روَاها الحاكِمُ النَّيْسَابُوريُّ في المُسْتَدرَك (ج٣/ص١٥٣)، ونقلَ ذلك أيضأ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ العَسْقلانيُّ في كتابه ( اتحاف المهرة) (ج١١/ص٢٩٦) عن الحاكم بإسناده إلى يُونُسَ بن أبي يَعْفُور عن أبيهِ قال: حدَّثني حيان الأسدي قال: سَمِعْتُ عليَّ بنَ أبي طَالِبٍ يقول :قال لي رسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ): عَهْدٌ مَعْهُودٌ أنَّ الأمَّةَ ستَغْدرُ بكَ بَعدي.

 قلنا: هذا الإسناد حسن، رجالُهُ مشهودٌ لهُم بالصّدقِ، علماً أن الحاكم قد صحَّحَ هذا الحديثَ ووافقه الذَّهبيُّ على ذلك. ثم إنَّ هذا الحديثَ بمجموع طُرُقِهِ الثلاثة يتقوَّى ويُصبِحُ صَحِيحَاً طبْقَاً لقواعدِ علم الحديث. فِي ذَلِكَ كِفَايَةٌ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ .

 ودمتم سالمين.