لماذا حرّمَ الإسلامُ أكلَ لحمِ الخِنزيرِ؟
الإنسانُ المسلمُ بعدَ أنْ يؤمنَ باللهِ ويصدِّقَ بكتابِه لا يَسألُ عنْ عِلَلِ الأحكامِ؛ لأنّه يعلمُ أنّها الحقُّ الّذي لا لبسَ فيهِ، فيعملُ على طِبقِها سواءٌ أدركَ العلةَ منها أو لم يدركْها، حالُه حالُ المريضِ الذيْ يسلِّمُ نفسَه للطبيبِ دونَ أنْ يناقشَه أو يعترضَ عليهِ، وذلكَ لثقتِه بالطبيبِ ولعلمِه بأنّه أعرفُ بمصلحتِه من نفسِه، والثقةُ بينَ العبدِ وربِّه لا تُقاسُ بالثقةِ بينَ المريض ِوالطبيبِ، فاللهُ هوَ خالقُ الإنسانِ مِن عدمٍ، وهوَ الذيْ يَفيضُ عليهِ مِن النِّعمِ ظاهرةً وباطنةً قالَ تعالى: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ) (20 لُقمان) وعليهِ فإنّ كلَّ ما يأتي مِنَ اللهِ هوَ محضُ الخيرِ والرّحمةِ، فكيفَ يَشترطُ المؤمنُ على ربِّه معرفةَ الحِكمةِ مِنَ الأحكامِ حتى يلتزمَ بها؟
وهذا لا يمنعُ مِن بحثِ الإنسانِ وسعيِه لمعرفةِ بعضِ الحِكمِ منَ التَّشريعاتِ، ليسَ منْ بابِ الاعتراضِ أو عدمِ الثقةِ فيْ الله،ِ وإنّما منْ بابِ الوقوفِ على ما تحتويهِ هذهِ التشريعاتُ مِن لطفٍ على الإنسانِ، فيزدادُ الإنسانُ إيماناً وتصديقاً، ولذا نجدُ أنّ البعضَ قدْ اهتمَّ بالبحثِ عنْ هذهِ الحِكمِ سواءٌ على المستوى العلميِّ أو على المُستوى الفلسفيِّ أو على المستوى الرّوحيِّ والنفسيِّ، أمّا في ما يخصُّ الخِنزيرَ فقدْ تحدَّثَ البعضُ عنِ الآثارِ النفسيّةِ التيْ تترتبُ على أكلهِ، وتحدّثَ البعضُ الآخرُ عنِ الضَّررِ الصحيِّ الذيْ يتسبَّبُ فيهِ، وليسَ منْ شأنِنا استعراضُ ما توصَّلوا لهُ منْ نتائجَ فيْ هذهِ العُجالةِ، ومَنْ أرادَ الوُقوفَ عليها فهيَ منشورةٌ فيْ كثيرٍ منَ المواقعِ الإلكترونيّةِ، أمّا حرمةُ الخِنزيرِ فليستْ موقوفةً على صحّةِ تلكَ البحوثِ أو عدمِ صحّتِها بعدَ أنْ ثبتتِ الحرمةُ بالقرآنِ الكريمِ ، قالَ تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) القرآنُ الكريمُ، الأنعامُ (145). والآيةُ واضحةٌ في حرمةِ لحمِ الخِنزيرِ، والحرمةُ فيْ الآيةِ غيرُ معلَّقةٍ على سببٍ عارضٍ على الخِنزيرِ، وإنَما لأنّه رجْسٌ بذاتِه. (فإنّه رجسٌ).
اترك تعليق