هل حَدِيثُ (كَمَا تَكُونُوا يُوَلَّىٰ عَلَيكُم) هو حديث صحيح؟
حُسَينُ السَّمَّارِيّ: السَّلَامُ عَلَيكُم إِخْوَتِي:- هَلْ حَدِيثُ: (كَيفَمَا تَكُونُوا يُوَلَّىٰ عَلَيكُم) هُوَ حَدِيثُ صَحِيحٌ ؟ وَمَنْ قَائِلُهُ؟ وَدُمْتُمْ مُوَفَّقِينَ
الأَخُ حُسَينُ المُحْتَرَمُ:
السَّلامُ عَلَيكُم وَرَحمَةُ ٱللهِ وَبَرَكَاتُهُ:
إِنَّ هَذَا الحَدِيثَ يُعَدُّ مِنَ الأَحادِيثِ المَشهُورةِ الَّتِي وَرَدَت بأَكثرَ مِنْ طَريقٍ وَدَوَّنَهَا أَكثرُ مِنْ مُؤَلِّفٍ فِي كُتُبِهِ، فَمِمَّنْ ذَكَرَ هَذَا الحَدِيثَ، الزَّرْكَشِيُّ فِي كِتَابِهِ (اللَّآلِئُ المَنْثُورَةِ فِي الأَحادِيثِ المَشهُورَةِ)، بَابِ الفِتَنِ، رَقمُ الحَدِيثِ (211), والعَجْلُونِيّ فِي كِتَابِهِ (كَشْفُ الخَفَاءِ وَمُزِيلُ الإِلبَاسِ عَمَّا ٱشْتُهِرَ مِنَ الأَحادِيثِ عَلَى أَلسِنَةِ النَّاسِ)، (ج2/ ص166)، رقمُ الحَدِيثِ (1997), حَيثُ بَيَّنَ هَؤُلَاءِ أَنَّ هَذَا الحَدِيثً ذَكَرَهُ البَيهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ (شُعبُ الإِيمانِ)، حَسَب أَرقَامِ الأَحادِيثِ (7006)، (7388)، و(7389)، و(7392)، وٱبْنُ جَميعِ الصَّيدَاوِيّ فِي مُعجَمِهِ، والطَّبْرَانِيُّ، وَأَبُو نَعِيم فِي الحُلْيَةِ ((4/467), و(6/20)، و(7/140). وَطُرُقُ هَذَا الحَدِيثِ وإِنْ كَانَ فِيهَا بَعضُ المَجَاهِيلِ والضُّعَفَاءِ لَكِن بِضَمِّ بَعضِهَا إِلَى بَعضٍ يَتَقَوَّى الحَدِيثُ ولا سِيَّمَا أَنَّ لَهُ شَوَاهِدُ مِنَ القُرْآنِ والسُّنَّةِ والأَحدَاثُ التَّأْرِيخِيَّةُ الَّتِي تُؤَيِّدُ صُدُورَ الحَدِيثِ عَنِ المَعصُومِ ﴿عَلَيهِ السَّلَامُ﴾، فَمِنَ الشَّوَاهِدِ الَّتِي تُؤَيِّدُ هَذَا الحَدِيثَ، قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضَاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ الأَنعًامِ: 129. وَفِي الحَدِيثِ المَروِيِّ عن النبيّ ﴿ﷺ﴾، أَنَّهُ قَالَ: (لَتَأمُرُنَّ بالمَعرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَن ِالمُنكَر،ِ أَو لَيُسَلِّطُنَّ ٱللهُ عَلَيكُم شِرَارَكُم، فَيَدعُوا خِيَارُكُم فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُم). والحَوادِثُ التَّأْرِيخِيَّةُ شَاهِدةٌ عَلَى صُدُورِ مِثلِ هَذَا الحَدِيثِ، حَيثُ ثَبَتَ بِالتَّجْرِبَةِ أَنَّ الوَضعَ العامَّ فِيمَا بَينَ النَّاسِ إِذَا كَانَ يَسُودُهُ التَّرَاحِمُ وَالوُدُّ فِيمَا بَينًهم وَيَتَعَاوَنُون عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى، فَإِنَّ ٱللهَ ﴿ﷻ﴾ يَستَعْمِلُ عَلَيهِم خِيَارَهُم، وَإِذَا كَانَ الوَضعُ العامُّ فِيمَا بَينَهُم يَسُودُهُ العَدَاوَةُ وَالبَغْضَاءُ وَالغِيبَةُ والنَّمِيمَةُ وَكُلُّ مَا هُوَ مُنْكَرٌ ٱسْتَعْمَلَ ٱللهُ عَلَيهِم شِرَارَهُم، وَعَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ سألوا مُوسَى ﴿ع﴾، فَقَالُوا: سَلْ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنُ لَنَا عِلمَ رِضَاهُ عَنَّا، وعلم سَخَطِهِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: أَنْبِئْهُم أَنَّ رِضَائِي عَنْهُم أَنْ أَسْتَعْمِلَ عَلَيهِم خِيَارَهُم، وَأَنَّ سَخَطِي عَلَيهِم أن أَسْتَعْمِلَ عَلَيهِم شِرَارَهُم، وَقَد أَنْشَدَ أَحَدُ الشُّعَرَاءِ بَيتَاً في المقام، فَقَالَ: بِذُنُوبِنَا دَامَت بَلِيَّتُنا وَٱللهُ يَكشِفُها إِذَا تُبنَا، وَفِي المَأثُورِ مِنَ الدَّعَوَاتِ: اللّهُمَّ لَا تُسَلِّطْ عَلَينَا بِذُنُوبِنَا مَن لَا يَرْحَمُنَا.
وَدُمْتُمْ سَالِمِينَ
اترك تعليق