شرحٌ مُيسّرٌ عَن عصمةِ الأئمّةِ ( عليهمُ السّلامُ )

أحمد عمّار الكعبيّ س1/ السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ... س...شرحٌ بسيطٌ مِن حضراتكُم حولَ حقيقةِ عصمةِ الأئمّةِ عليهمُ السّلامُ تحيّاتي لكُم جميعاً

: الشيخ مقداد الربيعي

عليكمُ السّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ، نحنُ كشيعةٍ إماميّةٍ نَعتقدُ  بعصمةِ الأنبياءِ والأئمّةِ عليهمُ السّلامُ مُطلقاً لمحلِّ الأمرِ بإطاعتِهِم المُطلقةِ مِن قبلِ اللهِ عزَّ وجلَّ ، ومَنْ كانَت إطاعتهُمُطلقةً لابُدَّ أن يكونَ معصوماً .قالَ الفخرُ الرّازيّ في تفسيرهِ للآيةِ الكريمةِ 59 مِن سورةِ النّساءِ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}  : (( أنَّ اللهَ تعالى أمرَ بطاعةِ أولي الأمرِ على سبيلِ الجزمِ في هذهِ الآيةِ ومَنْ أمرَ اللهُ بطاعتهِ على سبيلِ الجزمِ والقطعِ لا بُدَّ وأن يكونَ معصوماًعنِ الخطأِ ، إذ لَو لَم يكُن مَعصوماً عنِ الخطأِ كانَ بتقديرِ إقدامهِ على الخطأِ يكونُ قَد أمرَ اللهُ بمُتابعتهِ ، فيكونُ ذلكَ أمراً بفعلِ ذلكَ الخطأِوالخطأُ لكونهِ خطأً منهيٌّ عنهُ ، فهذا يُفضي إلى اجتماعِ الأمرِ والنّهيّ في الفعلِ الواحدِ بالإعتبارِ الواحدِ ، وأنّهُ مُحالٌ ، فثبتَ أنَّ اللهَ تعالىأمرَ بطاعةِ أولي الأمرِ على سبيلِ الجزمِ ، وثبتَ أنَّ كُلَّ مَن أمرَ اللهُ بطاعتهِ على سبيلِ الجزمِ وجبَ أن يكونَ مَعصوماً عنِ الخطأِ ، فثبتَ قطعاًأنَّ أولي الأمرِ المذكورِ في هذهِ الآيةِ لا بدَّ وأن يكونَ معصوماً )) [ تفسيرُ الرّازي 10: 144]تقولُ : وهَل ثبتَ أنَّ أئمّةَ أهلِ البيتِ ( عليهمُ السّلامُ ) هُم ولاةُ الأمرِ في الأمّةِ ؟!نقولُ : لقَد ثبُتَ تنصيبُهُم كخُلفاءَ شرعيّينَ مِنَ اللهِ بنصِّ الحديثِ الصّحيحِ المُسمَّى بحديثِ الثّقلينِ ، الذي وردَ في أحدِ نصوصهِ : { إنّي تاركٌفيكُم خليفتينِ : كتابُ اللهِ ، حبلٌ ممدودٌ ما بينَ الأرضِ والسّماءِ، وعترتِي أهلُ بيتِي ، وأنّهُمَا لَن يتفرّقا حتّى يرِدا عليَّ الحوضَ }[ صحيحُالجامعِ الصّغيرِ للألبانيّ 1: 482، مُسندُ أحمدَ بنِ حنبلٍ ، برقمِ : 21654، تصحيحُ شُعيبٍ الأرنؤوطِ]وهكذا وردَتْ نصوصٌ قُرآنيّةٌ ونبويّةٌ أخرى تُثبِتُ عِصمةَ أئمّةِ أهلِ البيتِ ( عليهمُ السّلامُ ) ، بَل نفسُهُ حديثُ الثّقلينِ المُتقدّمُ يدلُّ على العصمةِ ،فقولهُ : { ، وأنّهُمَا لَن يتفرّقا حتّى يرِدا عليَّ الحوض } يُثبِتُ العِصمةَ للعترةِ الطّاهرةِ ؛ لأنَّ مَن لا يُفارِقُ القُرآنَ ولا يُفارقهُ القرآنُ أبداً لابُدَّ أنيكونَ معصوماً .وأمّا معنَى العصمةِ فهيَ قوّةُ العقلِ بحيثُ لا يغلبُ ، ولا تعنِي الجبرَ وسلبَ الإختيارِ ، بَل هيَ لطفٌ إلهيٌّ يَمنحهُ اللهُ مِن قوّةِ العقلِ والبصيرةِبحيثُ يرى الإنسانُ معهَا حقائقَ الذّنوبِ أمامهُ وعواقبَهَا بقوّةٍ كبيرةٍ تأنَفُ  نفسُهُ أن تُقبِلَ  على ارتكابِ أيِّ ذنبٍ ، تماماً كمَا لَو كانَ هُناكَ إثنانِعلى مائدةٍ وقَد قُدّمَ لهُمَا لحمٌ مشويٌّ في طبقٍ ، فأقبلَ أحدُهُمَا على تناولهِ  مِن دونِ تردّدٍ لجهلهِ بطبيعةِ اللّحمِ المُقدّمِ لهُ بينَمَا الآخرُ أنِفَتْ  نفسُهُعَن تناولِهِ لأنّهُ كانَ يعلمُ أنَّ هذا اللّحمَ المشويَّ المُقدّمَ لهُ هوَ لحمُ كلبٍ ، فكذلكَ المقامُ ؛ إذِ المعصومُ يرى حقائقَ الذّنوبِ وعواقِبَهَا الواقعيّةَ بقوّةٍكبيرةٍ - لِمَا منحهُ اللهُ إيّاهُ مِنَ اللّطفِ الإلهيّ - فلا يرتكِبُ ذنباً أبداً. وقَد تسألُ عَنِ الموجبِ لمنحِ العصمةِ للأنبياءِ والأئمّةِ ( عليهمُ السّلامُ ) ، فلِماذا لا يكونُ الأنبياءُ أوِ الأئمّةُ غيرَ معصومينَ ؟!الجوابُ : قَد تقدّمَ في الآيةِ 59 مِن سورةِ النّساءِ   لزومُ الإطاعةِ المُطلقةِ للنّبيّ ( صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ ) ولولاةِ الأمرِ   ،  فهُنا لَو جوّزنَا علىالأنبياءِ والأئمّةِ ولاةَ الأمرِ الشّرعيّينَ  المعصيةَ  والنّاسُ مأمورونَ بإطاعتِهِم مُطلقاً ، ماذا ستكونُ النّتيجةُ؟!