سؤالٌ عَن بناتِ الإمامِ الحُسينِ ( عليهِ السّلامُ ) وموضعِ دفنِ خولةَ بنتِ الحُسينِ (عليهِ السّلامُ)

س1/السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ .. لديّ سؤالٌ عَن قضيّةِ دفنِ بناتِ أبي عبدِ اللهِ الحُسينِ .. حسبَ ما أعلمُ أنا أنَّ رُقيّةَ بنتَ الحُسينِ عليهِمَا السّلامُ قَد ماتَتْ على رأسِ أبيهَا في قصرِ الطّاغيةِ يزيد .. لكِنَّ سُؤالي مَن تولّى غسلَهَا ودفنَهَا ونحنُ نعلمُ أنَّ الغُسلَ واجبٌ للميّتِ؟ وأينَ دُفِنَتْ؟ أمّا سؤالي الثّاني هوَ بخصوصِ خولةَ بنتِ الحُسينِ لِماذا دُفنَتْ في لُبنان؟ ونحنُ نعلمُ أنّهَا كانَت معَ السّبايا في طريقِهِم للشّامِ .. وحتّى مُسلسلُ موكبِ الإباءِ الشّهيرِ الذي يُظهِرُ قِصّةَ سبي أهلِ أبي عبدِ اللهِ الحُسينِ قَد أظهرَ خولةَ وقَد ماتَتْ في طريقِهَا للشامِ .. فلِماذا دُفِنَتْ في لُبنان؟ وشكراً لكُم

: اللجنة العلمية

عليكمُ السّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ أمّا السّيّدةُ رُقيّةُ بنتُ الحُسينِ ( عليهِ السّلامُ )  ، التي أثبتَتْ بعضُ المصادرِ وفاتَهَا في الشّامِ ، كما جاءَ في كتابِ " كاملُ البهائيّ " للفقيهِ المُتكلّمِ عمادِ الدّينِ الطّبريّ ( المُتوفّى في القرنِ السّابعِ الهِجريّ )  ، في الجزءِ الثّاني ، ص179 بأنَّ هذهِ البنتَ ، التي هيَ إبنةُ الإمامِ الحُسينِ عليهِ السّلامُ، أفاقَتْ مِن نومِهَا وكانَ عُمرُهَا أربعَ سنينٍ  وقالَت: أينَ أبي؟ فسمعَ يزيدُ «لعنهُ اللهُ» صوتَ بُکاءِ هذهِ الطّفلةِ، وقالَ: خذُوا الرّأسَ إليهَا، فلمَّا شاهدَتْ هذهِ الطّفلةُ رأسَ أبيهَا، فارقَتْ روحُهَا الدّنيا.نقولُ : بناءً على هذا النّقلِ التّأريخيّ فمنَ الواضحِ عُرفاً أن يتولّى أمرَ تغسيلِهَا وتكفينِهَا عمّتُهَا السّيّدةُ زينبُ ( عليهَا السّلامُ ) ، فهيَ الفَقيهةُ العالمةُ ، والعارفةُ بالأحكامِ الشّرعيّةِ جيّداً . وأمّا محلُّ دفنِها فهو المكانُ المعروفُ الآنَ في الشّامِ بمرقدِ السّيّدةِ رقيّةَ بنتِ الحسينِ ( عليهِ السّلام ).أمّا خولةُ بنتُ الحُسينِ ( عليهِ السّلامُ )  ، فلَم تذكُرهَا  المصادرُ القديمةُ، وإنّمَا أشارَتْ إلى ذكرِهَا المصادرُ الحديثةُ ، فقَد جاءَ في دائرةِ المعارفِ الحُسينيّةِ [ تاريخُ المراقدِ: الحُسينُ وأهلُ بيتهِ وأنصارهُ - الجزءُ الخامسُ ص 262] أنّهَا ماتَتْ أثناءَ المسيرِ منَ الكوفةِ إلى الشّامِ في مُحرّمَ 61 هـ .وبحسبِ هذا النّقلِ يُفترَضُ أنَّ موكبَ السّبايا لَم يسلُكِ الطّريقَ المُستقيمَ مِنَ الكُوفةِ إلى الشّامِ - وهوَ الطّريقُ الذي عوّلَ عليهِ بعضُ المُحقّقينَ ليُناسبَ رجوعَهُم في الأربعينَ إلى كربلاءَ  ، انظُر : معَ الرّكبِ الحُسينيّ منَ المدينةِ إلى المدينةِ للطّباطبائيّ ، ج6 ص310-  ، وإنّما سلكُوا الطّريقَ الذي يمرُّ بالمُدنِ والمنازلِ والذي يُسمّيهِ البعضُ بالطّريقِ السّلطانيّ - كما رجّحَ ذلكَ المُحدّثُ النّوريُّ في اللّؤلؤِ والمرجانِ ص187- ، وما يشيرُ إلى سلوكِ هذا الطّريقِ  مَا وردَ في " بحارِ الأنوارِ "  نقلاً عَن بعضِ الكُتبِ، قالَ: (( وفي بعضِ الكتبِ أنّهُم لمّا قربُوا مِن "بَعْلَبَكَّ" كتبُوا إلى صاحبِهَا فأمرَ بالرّاياتِ فنُشرَتْ وخرجَ الصّبيانُ يتلقّونهُمعلى نحوِ ستّةِ أميالٍ، فقالَتْ أمُّ كلثوم: أبادَ اللهُ كثرتَكُم وسلّطَ عليكُم مَن يقتلُكُم، ثُمَّ بكى عليٌّ بنُ الحُسينِ (عليهِ السّلامُ) وقالَ:هوَ الزّمانُ فلا تفنى عجائبُهُ         منَ الكرامِ وما تهدى مصائبُهُفليتَ شِعري إلى كم ذا تجاذُبنا              بصرفِهِ وإلى كم ذا نجاذِبُهُيَسري بنَا فوقَ أقتابٍ بلا وطأ       وسابقُ العيْسِ يحمي عنهُ غاربُهُكأنّنا مِن أسارى الرُّوم بينَهُمُ         كأنَّ ما قالهُ المختارُ كاذبُهُكفرتُمُ برسولِ اللهِ ويْحَكُمُ                    فكنتُمُ مثلَ مَنْ ضلّتْ مذاهبُهُ )) [ بحارُ الأنوارِ 45: 126]ولكِنَّ الإشكالَ في هذا الطّريقِ أنّهُ لا يُناسبُ عودةَ السّبايا  إلى كربلاءَ  في العشرينِ مِن صفرٍ بعدَ أربعينَ يوماً لطولِ المسافةِ ، وللتّحقيقِ مجالهُ في هذا الجانبِ ؛ إذ لا توجدُ مصادرُ معتبرةٌ قديمةٌ يُمكِنُ التّعويلُ عليهَا في بيانِ رحلةِ السّبي ومنازلِهَا بشكلٍ دقيقٍ ، قالَ العلّامةُ المُحقّقُ عبّاسٌ القُمّيّ : (( اِعلَمْ أنَّ ترتيبَ المنازلِ التي نزلوهَا في كلِّ مرحلةٍ باتُوا فيهَا أم عبرُوا مِنهَا غيرُ معلومٍ ولا مذكورٍ في شيءٍ مِنَ الكُتبِ المُعتبرةِ، بَل ليسَ في أكثرِهَا كيفيّةُ مسافرةِ أهلِ البيتِ (عليهمُ السّلامُ) إلى الشّامِ )) [ نفسُ المهمومِ :388] ... واللهُ العالمُ بحقائقِ الأمورِ . ودُمتُم سالِمينَ.