موقفُ علمائِنَا مِن قصّةِ نومِ النّبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ) عَن صلاةِ الفجرِ
أبو فاطمة /: السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ .. يُشكِلُ علينَا أهلُ السّنّةِ والجماعةِ بقصّةِ نومِ النّبيّ عَن صلاةِ الفجرِ التي يُصحّحُهَا عُلماؤنا ويرى بعضُهُم أنّهَا مُستفيضةٌ ويقولونَ كيفَ تُنكرونَ علينَا نومَ النّبيّ عَن صلاةِ الفجرِ وهوَ في كُتبِكُم ويتقبّلهُ كثيرٌ مِن عُلمائِكُم؟! أتمنّى الإجابةَ على سؤالي رجاءاً
الأخُ أبو فاطمةَ المُحترمُ، السّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ هذهِ القِصّةُ التي صحّحهَا القومُ في كتبِهِم كالبُخاريّ في صحيحهِ ج1 ص 88، وج2 ص 168، ومسلمٍ في صحيحهِ ج2 ص 140 ، وأحمدَ في مُسندهِ ج1 ص 139, وغيرِهِم وتبنّوهَا بشكلٍ كاملٍ - سنداً ودلالةً - معَ ما فيهَا مِنَ المُنافاةِ لِما يَروونهُ في كتبِهِم أيضاً مِن أنَّ النّبيّ ( صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ ) تنامُ عيناهُ ولا ينامُ قلبهُ ، فقَد روى البُخاريُّ في صحيحهِ:4/168 و:8/203، في حديثٍ طويلٍ في المعراجِ: (والنّبيُّ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ) نائمةٌ عيناهُ ولا ينامُ قلبهُ ، وكذلكَ الأنبياءُ تنامُ أعينُهُم ولا تنامُ قلوبُهُم).وفي تهذيبِ الأسماءِ للنّوويّ:1/64: (وكانَ لا ينامُ قلبهُ ، ويَرى مِن وراءِ ظهرهِ كمَا يَرى مِن قُدّامهِ ). كما رَوَوا أنَّ مِنْ خصائصهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ أنّهُ لا يبطلُ وضوؤهُ بالنّومِ لأنّهُ تنامُ عينهُ ولا ينامُ قلبهُ . (صحيحُ البُخاري:1/44) . بَل رَوَوا أنَّ الدّجّالَ تنامُ عينهُ ولا ينامُ قلبهُ ! (أحمدُ:5/49 ، والتّرمذيّ:3/353).نقولُ : هذهِ القِصّةُ رفضَهَا جُملةٌ مِن عُلمائنا وإنْ وردَتْ بالأسانيدِ الصّحيحةِ عِندَنَا ، فليسَ كلُّ حديثٍ صحيحٍ عندَنَا هوَ محلٌّ للأخذِ بهِ ، بَل مِن شروطِ الأخذِ بالحديثِ - وإن كانَ صحيحَ السّندِ - أن لا يكونَ مُعارِضاً للمَقطوعِ بهِ عندَنَا أو مُعارِضاً لأحاديثَ صحيحةٍ أُخرى .قالَ السّيّدُ الخُوئيّ ( قُدّسَ سِرّهُ الشّريفُ ) في موسوعتهِ " شرحُ العروةِ الوثقى " : (( (فالنّصوصُ الواردةُ في نومِ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ عَن صلاةِ الفجرِ وقَد تقدّمَ ذكرُ بعضِهَا تكونُ حُجّةً عليهِم ، بناءً على الأخذِ بهَا والإلتزامِ بمضمونِهَا. فإنّا تارةً نبنِي على عدمِ العملِ بالنّصوصِ المذكورةِ وإن صحّتْ أسانيدُهَا لمُنافاتِهَا لمقامِ النّبوّةِ سيّمَا معَ مُلاحظةِ ما وردَ في الأخبارِ في شأنهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ مِن أنّهُ كانَت تنامُ عينهُ ولا ينامُ قلبهُ ، فكيفَ يُمكنُ أن ينامَ عَن فريضةِ الفجرِ؟ فلا محالةَ ينبغِي حملُهَا على التّقيّةِ أو على محملٍ آخر. )) [ شرحُ العروةِ الوثقى 16: 167] وجاءَ عنِ الشّيخِ الأنصاريّ ( قُدّسَ سرّهُ الشّريفُ ) في رسائلهِ الفقهيّةِ : (( والإنصافُ أنَّ نومَ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ أو أحدِ المعصومينَ صلواتُ اللهِ عليهِم عنِ الواجبِ - سيّمَا آكدُ الفرائضِ - نقصٌ عليهِم ينفيهِ ما دلَّ مِن أخبارِهِم على كمالِهِم وكمالِ عنايةِ اللهِ تعالى بهِم في تبعيدِهِم مِنَ الزّللِ )) [ رسائلُ فقهيّةٌ : 322]وجاءَ عنِ الشّيخِ الأصفهانيّ ( قُدّسَ سِرّهُ الشّريفُ ) في كتابهِ " صلاةُ الجماعةِ " : (( وأمّا إستحبابُ الجماعةِ في القضاءِ فليسَ فيهِ نصٌّ مُعتبرٌ إلّا مَا وردَ في حكايةِ نومِ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وقضاءِ صلاةِ الصّبحِ جماعةً ومعَ مَا فيهِ مِنَ الإشكالِ ، يشكلُ بهِ الإستدلالُ في هذا المَجالِ )) [ صلاةُ الجماعةِ : 24]ودُمتُم سالِمينَ.
اترك تعليق