لماذا لُقّبَتْ فاطمةُ الزّهراء عليهَا السّلامُ بـ ( الزّكيّةِ ) ؟! ولماذا سُمّيَ القاسمُ ابنُ الإمامِ الكاظمِ بقاسمِ العطاءِ ؟
الأخُ عليٌّ المُحترمُ، عليكمُ السّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ هذا اللّقبُ المباركُ للزّهراءِ عليهَا السّلامُ ( الزّكيّةُ ) وردَ في نصوصٍ روائيّةٍ كثيرةٍ تعرّضَتْ لهَا الكتبُ الحديثيّةُ ، منهَا ما رواهُ المجلسيٌّ ( رحمهُ اللهُ ) في البحارِ عنِ الإمامِ الصّادقِ عليهِ السّلامُ في كيفيّةِ ولادتِهَا وحضورِ نساءِ الجنّةِ عندَها وقولِهِم لخديجةَ ( عليهَا السّلامُ ) : خُذيهَا يا خديجةُ طاهرةً مُطهّرةً زكيّةً ميمونةً ( بحارُ الأنوارِ 16 : 81).وقَد تكرّرَ هذا اللّقبُ المُباركُ في الصّلواتِ والزّياراتِ المخصوصةِ بهَا ( عليهَا السّلامُ ) ، كهذهِ الرّوايةِ التي يَرويهَا الشّيخُ الطّوسيُّ قُدّسَ سِرّهُ عَن أبي محمّدٍ عبدِ اللهِ بنِ محمّدٍ العابدِ بالدّاليةِ لفظاً ، قالَ : سألتُ مولايَ أبا محمّدٍ الحسنَ بنَ عليٍّ عليهمَا السّلامُ في منزلهِ بسرَّ مَن رأى ، سنةَ خمسٍ وخمسينَ ومائتينِ أن يُملئ عليَّ مِنَ الصّلاةِ على النّبيّ وأوصيائهِ عليهِ وعليهمِ السّلامُ ، وأحضرتُ معي قرطاساً كثيراً فأملى عليَّ لفظاً مِنْ غيرِ كتابٍ . ( إلى أن يقولَ : ) الصّلاةُ على السّيّدةِ فاطمةَ عليهمَا السّلامُ :اللّهمَّ ! صلِّ على الصّدّيقةِ فاطمةَ الزّكيّةِ حبيبةِ حبيبِكَ ونبيّكَ وأمِّ أحبّائكَ وأصفيائكَ التي انتجبتَهَا وفضّلتهَا واخترتَهَا على نساءِ العالمينَ . إنتهَى ( مصباحُ المُتهجّدِ : 401)وهذا اللّقبُ المُباركُ يدلُّ على طهارةِ الذّاتِ المُباركةِ للسّيّدةِ فاطمةَ الزّهراءِ صلواتُ اللهِ عليهَا وهيَ مِنْ صفاتِ المعصومينَ ( عليهمُ السّلامُ ) ؛ لأنَّ التّزكيةَ في اللّغةِ هيَ بمعنَى التّطهيرِ ، وإنّمَا سُمّيَتِ الزّكاةُ زكاةً لأنَّهَا تُطهّرُ الأموالَ .قالَ المُفسّرونَ في قولهِ تعالى : ( قَد أفلحَ مَن زكّاهَا ) الشّمسُ : 9 : التّزكيةُ التّطهيرُ منَ الأخلاقِ الذّميمةِ النّاشئةِ مِنَ الغضبِ والحسدِ والبُخلِ وحبِّ الجاهِ وحبِّ الدّنيا والكِبرِ والعُجبِ ; فمَنْ عالجَ هذهِ الأمراضَ بالأعمالِ الصّالحةِ صارَتْ نفسهُ مُطهّرةً مُزكّاةً ( مجمعُ البيانِ 10: 370).فيكونُ معنَى تسميةِ الزّهراءِ الطّاهرةِ بالزّكيّةِ ، أنّهَا فازَتْ وأفلحَتْ بالزّكاةِ والطّهارةِ الفطريّةِ الذّاتيّةِ ، وكانَت بعيدةً عَنِ الأخلاقِ الدّنيّةِ الرّديّةِ ، وفازَتْ بكُلِّ مُوجباتِ النّجاةِ يومَ القيامةِ. ( الخصائصُ الفاطميّةُ - للشّيخِ محمّد باقِر الكجوريّ- 1: 227)2- لم نقِفْ مِن مصدرٍ مُعتبرٍ على المُناسبةِ التي دعَتْ إلى تسميةِ السّيّدِ الجليلِ القاسمِ بنِ الإمامِ الكاظمِ ( عليهِ السّلامُ ) بقاسمِ العطاءِ ، ولعلّهَا كرامةٌ مِنْ كراماتهِ حصلَتْ في موقفٍ مَا، فأُطلِقَ اللّقبُ بلِحاظِهَا ثمَّ تناسى النّاسُ تفاصيلَ الحادثةِ ولكِنَّ اللّقبَ بقيَ ساريَ المفعولِ على ألسِنتِهِم، شأنهُ شأنُ الكثيرِ مِن أبناءِ الأئمّةِ والسّاداتِ الذينَ تُطلقُ عليهِمُ الألقابُ نتيجةَ كراماتٍ مُعيّنةٍ تذهبُ تفاصيلُهَا ولكِنَّ الألقابَ تبقَى ثابتةً مدى الدّهورِ.أو يكونُ سببُ الإطلاقِ لِما يراهُ النّاسُ عندَ زيارتِهِم لهُ ( عليهِ السّلامُ ) مِنْ استجابةِ الدّعاءِ وأنَّ أثرَ العطاءِ يكونُ ملموساً عندَهُم فأطلقُوا اللّقبَ عليهِ مِنْ هذهِ النّاحيةِ .. واللهُ العالمُ .ودُمتُم سالِمينَ.
اترك تعليق