ما هو موقف أهل البيت عليهم السلام من بلال بن رباح الحبشي ؟
السلام عليكم ورحمة الله
وردَ في كتابِ مُختصر مُفيد للمرحومِ السّيّدِ جعفر مُرتضى العامليّ (رحمَهُ الله) ص258 ـ 260 السّؤالُ رقم 355
ما هوَ رأيُكم في بلالٍ الحبشيّ؟
وما هوَ رأيُ علمائِنا الأعلامِ؟
هَل هوَ موالٍ لأهلِ البيتِ عليهم السّلام؟ أم أنّهُ منَ المُنحرفينَ عنِ الدّين؟.. ولكُم الأجرُ والثّواب..
الجوابُ:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصّلاةُ والسّلامُ على محمّدٍ وآلِه الطّاهرين..
السّلام عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.. وبعد..
فإنَّ بلالاً (رحمهُ اللهُ) كانَ رجُلاً منَ المُسلمينَ.. وقد رويَ عَن أبي عبدِ اللهِ الصّادقِ عليه السّلام، أنّهُ قالَ:
«كانَ بلالُ عبداً صالِحاً، وكانَ صُهيبُ عبدَ سوء إلخ..».
وقَد شهدَ رضوانُ اللهِ عليهِ بدراً، وسائرَ المشاهدِ معَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه، وآخى النّبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه بينَهُ وبينَ عُبيدةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ المُطّلِب، وقيلَ: بينَه وبينَ أبي رويحةَ الخثعميّ.. وقد كانَ صلّى اللهُ عليهِ وآله، يؤاخي بينَ كُلٍّ ونظيرِه.
وقد ذكرنا في كتابِنا: «الصّحيحُ مِن سيرةِ النّبيّ الأعظمِ» ج3 ص90 ـ 96 أنَّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه، هوَ الذي إشتراهُ وأعتقَه، ولا يصحُّ قولُهم: إنَّ أبا بكرٍ هوَ الذي فعلَ ذلك..
وذكرنا هُناكَ: أنّهُ يمكنُ أن يكونَ أبو بكرٍ قَد ذهبَ هوَ والعبّاسُ إلى أميّةَ بنِ خلفٍ مولى بلال، فاشترياهُ للنّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه، بالمالِ الذي أعطاهُما النّبيُّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) إيّاه، ثمَّ أعتقاهُ نيابة ًعنهُ، وبتوكيلٍ وتفويضٍ منهُ (صلّى اللهُ عليهِ وآله)..
وقد رووا: أنَّ بلالاً رحمَهُ اللهُ، قد إمتنعَ عنِ الأذانِ بعدَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله(1)..
وروى أبو بصيرٍ (رحمهُ اللهُ)، عَن أحدِهما (عليهما السّلام): أنَّ بلالاً كانَ عبداً صالِحاً. فقالَ: لا أؤذّنُ لأحدٍ بعدَ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله(2)..
وكانَ قَد هاجرَ إلى الشّامِ، وماتَ بها سنةَ 18 للهجرة، أو سنةَ 20 أو 21..
ورويَ أنّهُ لم يؤذِّن بعدَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله، إلّا مرّةً واحدةً، وذلكَ في قدمةٍ قدمَها للمدينةِ لزيارةِ قبرِ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه، وذلكَ تلبيةً لطلبِ الحسنينِ صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهِما، كما رواهُ ابنُ الأثيرِ في أسدِ الغابة..
وروى الصّدوقُ: أنّهُ أذّنَ مرّةً ثانيةً إستجابةً لطلبِ السّيّدةِ الزّهراءِ عليها السّلام، ولكنّهُ لم يُتمَّ الأذانَ لأجلِ أنّها عليها السّلام قَد غشيَ عليها، وظنّوا أنّها قَد ماتَت.. ثمَّ أفاقَت وسألته أن يُتمَّ الأذانَ، فلَم يفعَل، وقالَ لها: «يا سيّدةَ النّساءِ، إنّي أخشى عليكِ مِمّا تنزلينَه بنفسِك إذا سمعتِ صوتي بالأذانِ»، فأعفتهُ مِن ذلك(3)..
وفي بعضِ المصادرِ: أنَّ سببَ رحلةِ بلالٍ إلى الشّامِ هوَ إمتناعُه عنِ البيعةِ لأبي بكرٍ، فقَد نقلَ الوحيدُ البهبهانيُّ (رحمَهُ الله)، عنِ المجلسيّ الأوّلِ، قالَ: رأيتُ في بعضِ كُتبِ أصحابِنا عَن هشامٍ بنِ سالمٍ، عنِ الصّادقِ عليه السّلام، وعَن أبي البُختريّ، عَن عبدِ اللهِ بنِ الحسنِ:
«أنَّ بلالاً أبى أن يُبايعَ أبا بكرٍ، وأنَّ عُمرَ أخذَ بتلابيبِه، وقالَ لهُ: يا بلالُ، هذا جزاءُ أبي بكرٍ منكَ أن أعتقكَ، فلا تجيءُ تُبايعُه؟!
فقالَ: إن كانَ أبو بكرٍ قَد أعتقَني للهِ، فليدَعني للهِ، وإن أعتقنِي لغيرِ ذلكَ، فها أنا ذا، وأمّا بيعتُه فما كنتُ أبايعُ مَن لم يستخلِفهُ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وآله، والذي استخلفهُ بيعتهُ في أعناقنا إلى يوم القيامة.
فقالَ لهُ عُمر: لا أبا لكَ، لا تُقِم معنا..
فارتحلَ إلى الشّامِ، ولهُ شعرٌ في هذا المعنى:
باللهِ، لا بأبي بكرٍ نجوتُ ولا لا واللهِ نامَت على أوصالي الضّبع
اللهُ بوَّأني خيراً، وأكرمَني ... وإنّما الخيرُ عندَ اللهِ يُتّبع
لا يلفينِّي تبوعاً كلَّ مبتدعٍ فلستُ مُتّبعاً مثلَ الذي إبتدعُوا
وهذهِ الرّوايةُ وإن كانَت غيرَ سليمةٍ عنِ الإشكالِ، لأنّها تقولُ: إنَّ عُمَر قَد ذكرَ: أنَّ أبا بكرٍ هوَ الذي إشترى بِلالاً ثمَّ أعتقَهُ»..
اترك تعليق