(مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)هل مدرسة اتباع اهل البيت (ع) يستندون الى هذه الاية لمنع تكفير المسلم؟

(مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)) هل مدرسة اتباع اهل البيت عليهم السلام.....يستندون الى هذه الاية لمنع تكفير المسلم مثلا وحرمة سفك دماء حتى غير المسلمين ....لانه في الحقيقة ان اعداء الاسلام يحتجون على المسلمين ببعض الايات من سورة التوبة وغيرها من سور القران الكريم التي تحرض المسلمين على القتال ...لبينو ان الاسلام دين ارهابي للمجتمعات غير الاسلاميه وحتى الاجيال الناشئه من المسلمين ....وحفظكم الله تعالى من كل مكروه ببركة صاحب الزمان عج

: السيد رعد المرسومي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الجوابُ عَن هذا السّؤالِ سيكونُ في شقّينِ, الأوّلُ يتعلّقُ بمعنى الآيةِ وكيفيّةِ اِستدلالِ الشّيعةِ الإماميّةِ بها, والشّقُّ الآخرُ يتعلّقُ بمَن يُشنّعُ على الإسلامِ ويصفُه بأنّهُ دينُ إرهابٍ وقتل. 

فأمّا الجوابُ عنِ الشّقِّ الأوّلِ فنقولُ فيه: لهذهِ الآيةِ معنيانِ: فأمّا المعنى الأوّلُ منهُما فيستدلُّ بهِ عُلماءُ الإماميّةِ, وكذلكَ بقيّةُ عُلماءِ المذاهبِ الأُخرى بهذهِ الآيةِ على حُرمةِ سفكِ دمِ المُسلمِ أو غيرِ المُسلمِ بغيرِ سببٍ، وقد أوردوا عدّةَ رواياتٍ في هذا المقامِ, منها:   

  

1- في كتابِ (ثوابِ الأعمال) للشّيخِ الصّدوقِ, ص277: أبي ( ره ) قالَ حدّثني عبدُ اللهِ بنُ جعفرٍ الحميريّ عَن أحمدَ بنِ مُحمّدٍ عنِ الحُسينِ بنِ سعيدٍ عَن فُضالةَ عَن أبانٍ عَمَّن أخبرَه عَن أبي عبدِ اللهِ عليهِ السّلام أنّه سُئلَ عمَّن قتلَ نفساً مُتعمِّداً ؟ قالَ : جزاؤه جهنّمَ . وبهذا الإسنادِ ، عنِ الحُسينِ بنِ سعيدٍ عَن مُحمّدٍ بنِ أبي عُمير عَن عليٍّ بنِ عُقبة عَن أبي خالدٍ القمّاطِ عَن حمرانَ قالَ قلتُ لأبي جعفرٍ عليهِ السّلام: قولُ اللهِ عزّ وجلّ ( مِن أجلِ ذلكَ كتبنَا على بني إسرائيلَ أنّهُ مَن قتلَ نفساً بغيرِ نفسٍ أو فسادٍ في الأرضِ فكأنّما قتلَ النّاسَ جميعاً ) وإنّما قتلَ واحِداً؛ فقالَ يُوضَعُ في موضعٍ مِن جهنّمَ إليهِ ينتهي شدّةُ عذابِ أهلِها لو قتلَ النّاسَ جميعاً كانَ إنّما يدخلُ ذلكَ المكانَ ، قلتُ فإن قتلَ آخرَ قالَ يُضاعَفُ عليه. 

وفي كتابِ (معاني الأخبارِ للصّدوقِ), ص265 - حدّثنا أبو نصرٍ مُحمّدٌ بنُ أحمدَ بنِ تميمٍ السّرخسيّ الفقيهِ بسرخس ، قالَ : حدّثنا أبو لبيدٍ محمّدٌ بنُ إدريسَ الشّاميّ ، قالَ حدّثنا إسحاقُ بنُ إسرائيلَ ، قالَ : حدّثنا سيفُ بنُ هارونَ البرجميّ ، عَن عمرو بنُ قيسٍ الملائيّ ، عَن أميّةَ بنِ يزيد القرشيّ ، قالَ : قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله : مَنْ أَحْدَثَ حَدَثاً أو آوى مُحدِثَاً فعليهِ لعنةُ اللهِ والملائكةِ والنّاسِ أجمعينَ لا يُقبَلُ منهُ عدلٌ ولا صرفٌ يومَ القيامةِ . فقيلَ : يا رسولَ اللهِ ما الحدثُ ؟ قالَ : مَن قتلَ نفساً بغيرِ نفسٍ ، أو مثّلَ مثلةً بغيرِ قودٍ ( 1 ) أو ابتدعَ بدعةً بغيرِ سُنّةٍ ، أو انتهبَ نهبةً ذاتَ شرفٍ . قالَ : فقيلَ : ما العدلُ يا رسولَ اللهِ ؟ قالَ : الفديةُ . قالَ : فقيلَ : ما الصّرفُ يا رسولَ اللهِ ؟ قالَ التّوبةُ. 

 وفي كتابِ (مَن لا يحضرُه الفقيهُ) (ج4/ص97), رقمُ الحديثِ (5170) : - وروى محمّدٌ بنُ أبي عميرٍ ، عَن منصورٍ بنِ يونس ، عَن أبي حمزةَ عَن أحدِهما عليهما السّلام قالَ : أُتيَ رسولُ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) فقيلَ : يا رسولَ اللهِ قتيلٌ في جُهينةَ ، فقامَ رسولُ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) حتّى انتهى إلى مسجدِهم وتسامعَ بهِ النّاسُ فأتوه ، فقالَ ( عليه السّلام ) : مَن قتلَ ذا ؟ قالوا : يا رسولَ الله ِما ندري ، قالَ : قتيلٌ منَ المُسلمينَ بينَ ظهرانيّ المُسلمينَ لا يُدرى مَن قتلَه والذي بعثني بالحقِّ لو أنَّ أهلَ السّماءِ وأهلَ الأرضِ اجتمعوا فشركوا في دمِ إمرئٍ مُسلمٍ ورضوا بهِ لكبَّهُم اللهُ عزّ وجلّ على مناخرِهم في النّارِ أو قالَ على وجوهِهم. 

وأمّا المعنى الآخرُ لهذهِ الآيةِ فهوَ ما توضّحُه الرّواياتُ المُعتبَرةُ عَن أئمّةِ أهلِ البيتِ عليهم السّلام, التي منها:  

1- في الكافي للكُلينيّ (ج1/ص210): عدَّةٌ مِن أصحابنا ، عَن أحمدَ بنِ مُحمّدٍ بنِ خالد ، عَن عُثمانَ بنِ عيسى ، عَن سُماعةَ ، عَن أبي عبدِ اللهِ ( عليه السّلام ) قالَ : قلتُ لهُ : قولُ اللهِ عزَّ وجلَّ : ( مَن قتلَ نفساً بغيرِ نفسٍ فكأنّما قتلَ النّاسَ جميعاً ومَن أحياها فكأنّما أحيا النّاسَ جميعاً ) ؟ قالَ: مَن أخرجَها مِن ضلالٍ إلى هُدىً فكأنّما أحياها ومَن أخرجَها مِن هُدى إلى ضلالٍ فقَد قتلَها. 

2- وفي الكافي (2/204) ، عَن عليِّ بنِ الحكمِ ، عَن أبّانَ بنِ عُثمان ، عَن فُضيلٍ بنِ يسار قالَ : قلتُ لأبي جعفرٍ ( عليه السّلام): قولُ اللهِ عزّ وجلّ في كتابِه : ( ومَن أحياها فكأنّما أحيا النّاسَ جميعاً ) قالَ : مِن حرقٍ أو غرقٍ ، قلتُ : فمَن أخرجَها مِن ضلالٍ إلى هُدى ؟ قالَ : ذاكَ تأويلُها الأعظمُ .

3-وفي الكافي أيضاً (2/204): محمّدٌ بنُ يحيى ، عَن أحمدَ وعبدِ اللهِ إبني مُحمّدٍ بنِ عيسى ، عَن عليٍّ بنِ الحكمِ ، عَن أبّان ، مثلُه .وغيرُها منَ الأحاديثِ في هذا المقامِ, وقد نبّهَ عُلماؤنا حينَ عرضوا لهذهِ الأحاديثِ - في خصوصِ قولِه ( مَن أخرجَها مِن ضلالٍ إلى هُدى فكأنّما أحياها ) - على أنَّ الحياةَ الحقيقيّةَ عندَ أهلِ العرفانِ هيَ حياةُ النّفسِ الإنسانيّةِ وهيَ إتّصافُها بالهدايةِ والعلمِ والإيمانِ والأخلاقِ المرضيّةِ وسائرِ الكمالاتِ الإنسانيّةِ ، والمُرادُ بإحيائِها جعلُها مُتّصفةً بهذهِ الصّفاتِ ، والإحياءُ في الآيةِ وإن لَم يكُن مُختصّاً بهِ, لكنّهُ مِن أفرادِه تأويلاً بَل هوَ مِن أعظمِ أفرادِه. هذا ما يتعلّقُ بالشّقِّ الأوّلِ منَ السّؤالِ. وأمّا الشّقُّ الثّاني منَ السّؤالِ, فالجوابُ عنهُ بأنْ نقولَ: إنّه لا يخفى على كلِّ مَنْ عرفَ الإسلامَ مدى مُراعاتِه واهتمامِه بالسّلامِ العالميّ، إذ جعلَهُ الأساسَ الأوّلَ، بَل إنَّ السّلامَ هوَ إسمٌ مِن أسماءِ اللهِ الحُسنى وصفاتِه العُلى, قالَ تعالى: ﴿هوَ اللهُ الذي لا إلهَ إلّا هوَ الملكُ القُدّوسُ السّلام ...﴾ [الحشرُ: آية 23].

وكذلكَ جعلَهُ تحيّتَه إلى عبادِه، وأمرَهُم بأنْ يجعلوا السّلامَ تحيّتَهُم يُلقيها بعضُهم على بعضٍ, وشعارُهم في جميعِ مجالاتِ الحياةِ، في المساجدِ والمعاهدِ والمصانعِ والمتاجرِ، ولقد سُمّيَت الجنّةُ دارَ السّلامِ، قالَ تعالى: ﴿لهُم دارُ السّلامِ عندَ ربّهم ...﴾ [الأنعامُ: آية 127﴾, ونكتفي بذلكَ, وإلّا فالآياتُ التي وردَ فيها ذكرُ السّلامِ كثيرةٌ . 

مِن هُنا كانَ السّلامُ شعارَ المُسلمينَ في مشارقِ الأرضِ, ومغاربِها منذُ ظهورِ الإسلامِ حتّى الآن. 

ويعتقدُ المسلمونَ أنّ الإنسانَ - مهما كانَ مُعتقدُه - لهُ الحقُّ في العيشِ في أمانٍ وسلامٍ داخلَ وطنِ المُسلمينَ، فإنَّ حمايةَ الآخرِ منَ الظّلمِ الدّاخليّ أمرٌ يوجبُه الإسلامُ, ويحذّرُ المُسلمينَ أن يمدّوا أيديهم, أو ألسنتَهُم إلى أهلِ الذّمّةِ بأذىً أو عدوانٍ، لأنّ اللهَ جلَّ وعلا لا يحبُّ الظّالمينَ, ولا يهديهِم, بَل يُعاجلُهم بعذابِه في الدّنيا, أو يُؤخّرُ لهُم العقابَ مُضاعفاً في الآخرة. ِ

وقد كثرتْ الآياتُ والرّواياتُ الواردةُ في تحريمِ الظّلمِ, وتقبيحِه, وبيانِ مخاطرِه، قالَ تعالى: ﴿ولو أنّ لكلِّ نفسٍ ظلمَت ما في الأرضِ لافتدَتْ بهِ* وأسرّوا النّدامةَ لَـمّا رأوا العذابَ﴾ [يونسَ:  آية 54]. 

وقالَ تعالى: ﴿ولا تركنوا إلى الذينَ ظلموا فتمسّكُم النّار﴾ [هود: آية 113]. ورويَ عَن رسولِ الله صلى الله عليه وآله أنّه قالَ: إيّاكُم والظّلمَ؛ فإنّ الظّلمَ ظُلماتٌ يومَ القيامةِ. 

وهُناكَ أحاديثُ خاصّةٌ تُحذّرُ مِن ظُلمِ غيرِ المُسلمينَ مِن أهلِ العهدِ والذّمّةِ, فرويَ عَن رسولِ الله صلى اللهُ عليه وآله  ِأنّهُ قالَ: مَنْ ظلمَ مُعاهِداً, أو اِنتقصَه حقّه، فأنا حجيجُه يومَ القيامةِ. (يُنظَر: سُننُ أبي داودَ، والتّرهيبُ والتّرغيبُ للمنذريّ). 

وقالَ الإمامُ السّجّادُ (عليه السّلام): أمّا حقُ أهلِ الذّمّةِ أنْ تقبلَ منهُم ما قبلَ اللهُ منهُم، وتفي بما جعلَ اللهُ لهُم مِن ذمّتِه وعهدِه، وتحكُمَ فيهِم بما حكمَ اللهُ بهِ على نفسِك فيما جرى بينَك وبينَهم مِن مُعاملةٍ، ولا تظلموا ما وَفّوا للهِ عزّ وجلّ بعهدِه، وليكُن بينَك وبينَ ظُلمِهم مِن رعايةِ ذمّةِ اللهِ والوفاءِ بعهدِه وعهدِ رسولِه صلى الله عليه وآله حائلٌ، فإنّه بلغنا أنّهُ قالَ: مَنْ ظلمَ مُعاهِداً كنتُ خصمَه، فاتّقِ اللهَ، ولا حولَ ولا قوّةَ إلّا باللهِ. (يُنظر: كتابُ الحقوقِ للإمامِ زينِ العابدينَ (ع), رقم 50, تحقيقُ الجلاليّ). 

وفي رسالةِ الإمامِ أميرِ المؤمنينَ عليٍّ بنِ أبي طالب (عليهِ السّلام) إلى مالكٍ الأشترِ عندَما ولّاه  الحُكمَ  على  مصـرَ, وردَت عدّةُ أمورٍ في كيفيّةِ إدارةِ الدّولةِ, وسياسةِ الحكومةِ, ومُراعاةِ حقوقِ الشّعبِ, وفيها نظريّاتُ الإسلامِ في الحاكمِ والحكومةِ, ومناهجِ الدّينِ في الإقتصادِ والإجتماعِ والسّياسةِ والحربِ والإدارةِ,, والأُمورِ العباديّةِ والقضائيّةِ. 

ومِن أهمِّ ما وردَ في هذهِ الرّسالةِ قولُه: إنَّ النّاسَ صنفانِ: إمّا أخٌ لكَ في الدّينِ ، أو نظيرٌ لكَ في الخلقِ. وهذه المقالةُ صارَت مُستنداً يُرجَعُ إليها ويُستشهَدُ بها في قوانينِ كثيرٍ مِن بُلدانِ العالمِ كما هوَ معروفٌ بينَ المُختصّينَ بهذهِ الأمورِ. 

فإذا عرفتَ ما تقدّمَ تعرفُ أنَّ محاولةَ الغربِ إلصاقَ تُهمةِ الإرهابِ بالإسلامِ ما هيَ إلّا مُجرّدُ تخرّصاتٍ يُرادُ مِن ورائِها مُعاداةُ الإسلامِ والنّيلُ منهُ، والوقوفُ ضدّهُ بكافّةِ الوسائلِ, لمنعِ إنتشارِه بينَ جمهورِ الغربِ, إذْ إنَّ كلَّ عاقلٍ يُحكِّمُ عقلَه في مثلِ هذهِ الأمورِ يعرفُ أنَّ الإرهابَ لا يمكنُ أنْ يكونَ وليدَ الأديانِ, وإنّما هوَ وليدُ العقليّاتِ الفاسدةِ, والقلوبِ القاسيةِ, والنّفوسِ المريضةِ التي تشعرُ بالنّقصِ، وإلّا فإنّ القلبَ الرّبّانيّ لا يعرفُ الفسادَ, ولا التّخريبَ, ولا التّكبّرَ على الآخرينَ, ومحاولةُ فرضِ رأيهِ عليهم بالقوّةِ والقهرِ. 

والإسلامُ كما هو معروفٌ بينَ المُنصفينَ هوَ دينُ تسامحٍ وتعايشٍ سلميّ مع كافّةِ البشرِ (أفراداً وجماعاتٍ) ، وينظرُ الدّينُ الإسلاميّ إلى الإنسانِ على أنّهُ مخلوقٌ مُكرّمٌ, دونَ النّظرِ إلى دينِه أو لونِه أو جنسِه، قالَ تعالى: ﴿ولقَد كرّمنا بني آدمَ, وحملناهُم في البرِّ والبحرِ, ورزقناهُم منَ الطّيّباتِ وفضّلناهُم على كثيرٍ ممَّنْ خلقنا تفضيلاً﴾ [الإسراءُ: آية 70]. 

وقَد بيّنَ الإسلامُ كيفَ تكونُ علاقةُ المُسلمِ مع غيرِه في المُجتمعِ الواحدِ, قالَ تعالى: ﴿لا ينهاكُم اللهُ عنِ الذينَ لم يُقاتلوكُم في الدّينِ ولم يخرجوكُم مِن دياركُم أنْ تبرّوهم وتُقسطُوا إليهم، إنَّ اللهَ يُحبُّ المُقسطينَ﴾ [المُمتحنةُ: آية 8].

فاللهُ سُبحانَه وتعالى في هذهِ الآيةِ وتحديداً في قولِه (أن تبرّوهم) يُحثُّنا على البرِّ والتّعاونِ في جميعِ سُبلِ الخيرِ, وكذلكَ فإنَّ الإسلامَ يحثُّ على السّلمِ والأمنِ لِـما لهُما مِن تأثيرٍ بالغٍ على إستقرارِ حياةِ البشرِ, وتُقدّمها في جميعِ المجلاتِ، وعلى العكسِ مِن ذلكَ فإنّنا نرى البلادَ التي تعيشُ الحروبَ والعقوباتِ الإقتصاديّةَ تكونُ الآثارُ فيها وخيمةً على المُجتمعِ الإنسانيّ.

وعليهِ: فليسَ منَ الإنصافِ والعدلِ أنْ يُلصَقَ الإرهابُ بالإسلامِ, لمُجرّدِ أنّهُ صدرَ مِن مجموعاتٍ تَنْسِبُ نفسَها إلى الإسلامِ وترفعُ شعارَه، وإلّا لكانَت هذهِ دعوى لهدمِ جميعِ الأديانِ، فنحنُ - مثلاً - نعرفُ عنِ المسيحيِّة أنّها تدعو إلى المحبّةِ, وأنّها إضْطُهِدَتْ وعُذِّبَتْ في وقتِ ضعفِها، فهَل نحسبُ ما قامَت بهِ الكنيسةُ الإسبانيّةُ مِن قمعٍ وتعذيبٍ للمُسلمينَ واليهودِ على التّعاليمِ المسيحيّةِ؟! ( يُنظر: كتابُ الإسلامِ والنّصرانيّةِ معَ العلمِ والمدنيّةِ ص36), وكذلكَ لا نحسبُ الحملاتِ الصّليبيّةَ على تعاليمِ المسيحيّةِ، وإنّما نُفرّقُ بينَ الدّيانةِ المسيحيّةِ ومُمارسةِ بعضِ المسيحيّينَ الذينَ تلبّسوا بالإرهابِ. 

وهكذا الحالُ معَ الصّهيونيّةِ العالميّةِ وما تفعلُه بالمُسلمينَ عموماً وبفلسطينَ خصوصاً, فلا يمكنُ أنْ نحسبَهُ على الدّينِ اليهوديّ, وذلكَ لأنَّ الأديانَ جاءَت لرحمةِ النّاسِ, ونشرِ العدلِ والسّماحةِ بينَهُم. 

وهذا ليسَ معناهُ ألّا نستنكرَ ما يحدثُ مِن تخريبٍ ودمارٍ في بلادِنا الآمنةِ، بَل إنّنا نستنكرُ ذلكَ كُلَّ الإستنكارَ, وندينُه بأشدِّ العباراتِ, لأنَّ هؤلاءِ الذينَ يقومونَ بهذهِ الأفعالِ هُم في حقيقةِ الأمرِ مِـمّنْ يكادُ ينطبقُ عليهم قولُه تعالى: ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يُعجبُكَ قولُه في الحياةِ الدّنيا ويُشهدُ اللهَ على ما في قلبِه وهوَ ألدُّ الخصامِ, وإذا تولّى سعى في الأرضِ ليُفسدَ فيها ويُهلكَ الحرثَ والنّسلَ, واللهُ لا يُحبُّ الفسادَ, وإذا قيلَ لهُ ﭐتّقِ الله َأخذتهُ العزّةُ بالإثمِ, فحسبُه جهنّمُ ولبئسَ المهادِ﴾ [البقرةُ: آية 204].نسألُ اللهَ سبحانَه وتعالى أن يُلهمَنا رُشدَنا ويُسلّمَ أبناءَنا, وأوطانَنا مِن كلِّ سوءٍ وخطرٍ. ودُمتم سالِمينَ.