عقيدتنا في التوحيد وفي أهل البيت ( عليهم السلام ) واضحة جدّاً

احمد المسليني/: الخميني في كتابه الاسرار الفاطمية يقول إن فاطمة كائن الهي جبروتي ظهر على هيئة امرأة و قال أبو عبد الله " إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض وأعلم ما في الجنة والنار وأعلم ما كان وما يكون" (الكافي 1/204 كتاب الحجة باب أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم الشيء). ايها الشيعة ماذا تركتم لله الواحد الصمد؟ ماذا يسمى هذا هل هذا هو الاسلام المبني على التوحيد؟ إن غالب آيات القرآن الكريم جاءت في تقرير عقيدة التوحيد، توحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات، والدعوة إلى إخلاص العبادة والدين لله وحده لا شريك له

: اللجنة العلمية

السلام عليكم 

عقيدتنا في أهل البيت ( عليهم السلام ) واضحة جدّا وضوح الشمس في رابعة النهار ، فهم عبادٌ مربوبون مخلوقون لله لا يملكون من أمرهم شيئا مالم يفيض  الله عليهم من فضله ، وبهذا تظافرت النصوص الواردة في تراثنا الروائي عنهم ( عليهم السلام ) .

فقد روى الصفار  فِي "بَصَائِرِ الدَّرَجَاتِ"، عَنْ الحَسَنِ بْنِ مُوسَى الخَشَّابِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَهْرَانَ، عَنْ عُثمَانَ بْنِ جبلة، عَنْ كَامِلٍ التَّمَّارِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ لِي: (يَا كَامِلُ، اجْعَلْ لَنَا رَبًّا نؤبُ إِلَيْهِ، وَقُولُوا فِينَا مَا شِئْتُمْ). انْتَهَى.

 وجاء عن الشيخ صاحب "الوَسَائِلِ" فِي كتابه (إِثْبَاتُ الهُدَاةِ)، عَنْ (خَرَائِجِ الرَّاوَنْدِيِّ)، عَنْ خَالِدِ بْنِ نجيح، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَعِنْدَهُ خَلْقٌ: فَجَلَسْتُ نَاحِيَةً وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا أغْفَلَهُمْ عِنْدَ مَنْ يَتَكَلَّمُونَ، فَنَادَانِي: (إنَّا وَاللهِ عِبَادٌ مَخْلُوقُونَ، لِي رَبٌّ أعْبُدُهُ. إِنْ لَمْ أعْبُدْهُ عَذَّبَنِي بِالنَّارِ). قُلْتُ: لَا أقُولُ فِيكَ إِلَّا قَوْلُكَ فِي نَفْسِكَ. قَالَ: (اجْعَلُونَا عَبِيدًا مَرْبُوبِينَ، وَقُولُوا فِينَا مَا شِئْتُمْ إِلَّا النُّبُوَّةَ). انْتَهَى. 

وروى الصَّدُوقُ فِي "الخِصَالِ" مِنْ حَدِيثِ الأرْبَعْمِائَةِ، وَهُوَ حَدِيثٌ مَعْرُوفٌ مُعْتَبَرٌ، قَالَ أمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): (إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوُّ فِينَا، قُولُوا: إنَّا عَبِيدٌ مَرْبُوبُونَ، وَقُولُوا فِي فَضْلِنَا مَا شِئْتُمْ).انتهى 

فهذه الأحاديث الشريفة المعتبرة واضحة جدّا في بيان عقيدة الشيعة الإمامية في أهل البيت ( عليهم السلام ) .

أمّا جاء في السؤال من كلمات السيد الخميني (قدس سره ) عن فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) من كونها كائنا إلهيا جبروتيا ، فنفس التعبير يوضح المراد ، فقوله ( كائن ) أي شيئا مخلوقا وليس خالقا ، له صفات عظيمة مأخوذة من صفات الخالق الجبار ، فالله سبحانه مثلا من صفاته أنه رؤوفٌ وصبورٌ فإذا بلغ الإنسان برأفته وصبره حدّا يفوق المستوى البشري المتعارف فهنا يصح أن يقال فيه أنه كائنٌ ملكوتيٌّ أي مخلوق بلغت خصاله صفات الملآئكة أو كائن إلهي أي أنه مخلوق بلغت فيه صفاته إلى مستوى عالي جدّا ممّا لا يتصوره الإنسان .. فهذه تعابير يراد بها وصف المستوى العالي للصفات التي يتصف بها المرء على نحو التعظيم .

والمعنى المذكور  هو نفس المعنى الوارد في قوله تعالى في سورة آل عمران ، الآية 79 : { مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ }.

قال الطبري في تفسيره : (( يعني بذلك جل ثناؤه : وما ينبغي لاحد من البشر ، والبشر : جمع بني آدم ، لا واحد له من لفظه ، مثل القوم والخلق ، وقد يكون اسما لواحد . * ( أن يؤتيه الله الكتاب ) * يقول : أن ينزل الله عليه كتابه ، * ( والحكم ) * يعني : ويعلمه فصل الحكمة ، * ( والنبوة ) * يقول : ويعطيه النبوة ، * ( ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ) * يعني : ثم يدعو الناس إلى عبادة نفسه دون الله ، وقد آتاه الله ما آتاه من الكتاب والحكم والنبوة ، ولكن إذا آتاه الله ذلك فإنما يدعوهم إلى العلم بالله ، ويحدوهم على معرفة شرائع دينه ، وأن يكونوا رؤساء في المعرفة بأمر الله ونهيه ، وأئمة في طاعته وعبادته بكونهم معلمي الناس الكتاب ، وبكونهم دارسيه )).[ تفسير الطبري 3: 440]

وقال الشوكاني في تفسيرة : (( قوله ( ولكن كونوا ) أي ولكن يقول النبي كونوا ربانيين ، والرباني منسوب إلى الرب بزيادة الألف والنون للمبالغة كما يقال لعظيم اللحية لحياني ، ولعظيم الجمة جماني ، ولغليظ الرقبة رقباني ، قيل الرباني الذي يربي الناس )). [ تفسير الشوكاني 1: 355] 

فهذا اللفظ ( رباني ) أو ( ربانيين ) إنما يقال في حقّ بعض الناس من جهة المبالغة ومن جهة التعظيم لبلوغهم الدرجات العالية في طاعته سبحانه .

وأمّا موضوع علمهم ( عليه السلام ) وسعته ، فهو تعلم من ذي علم وليس علما ذاتيا  عندهم ، فهو من علم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي علّمه إياه جبرئيل عن الله عز وجل .. هذه عقيدتنا في علومهم (عليهم السلام ) وقد بيناها أكثر من مرّة بالتفصيل في أجوبتنا السابقة . 

ودمتم سالمين

 

المرفقات