النّبيُّ وأهلُ بيتِه واسطةُ الخلق
هل حديثُ أوّل ما خلقَ اللهُ نورَ نبيّكَ يا جابرُ ، ينبني عليهِ أنَّ مِن نورِ النّبيّ خُلقَت الأشياءُ والمخلوقاتُ ؟ وهَل هناكَ رواياتٌ تُبيّنُ أنَّ النّبيَّ (ص) واسطةٌ في الخلقِ ؟ مع الشّكر .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أوّلاً : تواترَت الرّواياتُ مِن طُرقِ الفريقينِ ، أنّ لنبيّنا وأهلِ بيتِه (عليهم السّلام) وجوداً نوريّاً متقدّماً على وجودِهم الجسمانيّ ، وأنّ هذا الوجودَ النّوريَّ كانَ في عوالمَ سابقةٍ جدّاً على هذا العالم ، وسابقةٍ على جميعِ المخلوقاتِ حتّى الملائكةِ والعرشِ والكُرسي والسّماءِ والأرضِ ، وهوَ أوّلُ ما خلقَ اللهُ منَ الخلق .
ثانياً : صرّحَت الرّواياتُ الكثيرةُ أنَّ الوجودَ النّوريَّ للنّبيّ (ص) وأهلِ بيتِه (ع) كانَ سبباً وواسطةً في خلقِ جميعِ المُمكناتِ في هذا العالمِ منَ العرشِ والكرسيّ والملائكةِ والجنّةِ والسّماءِ والأرضِ و..
ثالثاً : ليسَ المُرادُ منَ الواسطةِ في الخلقِ أنَّ النّبيَّ (ص) وأهلَ بيتِه (ع) قاموا وباشروا بخلقِ الخلقِ ، بحيثُ أنَّ الخلقَ صدرَ منهُم ، وهُم العلّةُ الفاعليّةُ لها ، فهذهِ مقولةٌ باطلةٌ ، لا تقولُ الشّيعةُ بها ، وهيَ مِن ضروبِ التفويضِ الباطل. بلِ المرادُ منَ الواسطةِ في الخلقِ أنَّ اللهَ تعالى خلقَ الخلقَ مِن أنوارِهم وطينتِهم ، فأنوارُهم مبدأُ كلِّ الخيراتِ ، وعلّةُ جميعِ الموجوداتِ ، ويمكنُ التّعبيرُ عنهُ بالعلّةِ الماديّةِ ، مُضافاً إلى كونِهم العلّةَ الغائيّة .
أمّا الرّواياتُ التي تثبتُ وساطتُهم في الخلقِ ، فهيَ كثيرةٌ ، ويمكنُ الجزمُ والقطعُ بصدورِ هذا المعنى المُشتركِ بينَها ، وهيَ كونُهم الواسطةَ في الخلقِ ، بغضِّ النّظرِ عَن تفاصيلِها ، وإليكَ قسماً منها :
الرّوايةُ الأولى : نقلَ العلّامةُ المجلسيُّ عَن جابرٍ بنِ عبدِ اللهِ قالَ : قلتُ لرسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله : أوّلُ شيءٍ خلقَ اللهُ تعالى ما هوَ ؟ فقالَ : نور نبيّكَ يا جابرُ خلقَهُ اللهُ ثمَّ خلقَ منهُ كلَّ خير ، ثمَّ أقامَه بينَ يديهِ في مقامِ القُربِ ما شاءَ اللهُ ثمَّ جعلَه أقساماً ، فخلقَ العرشَ مِن قسمٍ والكُرسيَّ مِن قسمٍ ، وحملةَ العرشِ وخزنةَ الكُرسيّ مِن قسمٍ ، وأقامَ القسمَ الرّابعَ في مقامِ الحبِّ ما شاءَ اللهُ ، ثمَّ جعلَه أقساماً فخلقَ القلمَ مِن قسمٍ ، واللّوحَ مِن قسمٍ والجنّةَ مِن قسم . وأقامَ القسمَ الرّابعَ في مقامِ الخوفِ ما شاءَ اللهُ ثمَّ جعله أجزاءً فخلقَ الملائكةَ مِن جُزءٍ والشّمسَ مِن جُزءٍ والقمرَ والكواكبَ مِن جُزءٍ ، وأقامَ القسمَ الرّابعَ في مقامِ الرّجاءِ ما شاءَ الله ، ثمَّ جعله أجزاءً فخلقَ العقلَ مِن جُزءٍ والعلمَ والحلمَ مِن جُزءٍ والعصمةَ والتّوفيقَ مِن جُزءٍ ، وأقامَ القسمَ الرّابعَ في مقامِ الحياءِ ما شاءَ الله ، ثمَّ نظرَ إليهِ بعينِ الهيبةِ فرشحَ ذلكَ النّورُ وقطرَت منهُ مائة ألفٍ وأربعة وعشرونَ ألفَ قطرةٍ فخلقَ اللهُ مِن كلِّ قطرةٍ روحَ نبيٍّ ورسولٍ ، ثمَّ تنفّسَت أرواحُ الأنبياءِ فخلقَ اللهُ مِن أنفاسِها أرواحَ الأولياءِ والشّهداءِ والصّالحين . (بحارُ الأنوارِ : 25 / 22)
الرّوايةُ الثّانية : روى الصّفّارُ بسندِه عَن أبي عبدِ اللهِ (ع) قالَ : خلقَنا اللهُ مِن نورِ عظمتِه ثمَّ صوّرَ خلقَنا مِن طينةٍ مخزونةٍ مكنونةٍ مِن تحتِ العرشِ فأسكنَ ذلكَ النّورَ فيهِ فكُنّا نحنُ خُلقنا نورانيّينَ لم يجعَل لأحدٍ في مثلِ الذي خلقنا منهُ نصيباً وخلقَ أرواحَ شيعتِنا مِن أبدانِنا وأبدانَهم مِن طينةٍ مخزونةٍ مكنونةٍ أسفلَ مِن ذلكَ الطّينةِ ولم يجعَل اللهُ لأحدٍ في مثلِ ذلكَ الذي خلقَهم منهُ نصيباً إلّا الأنبياءَ والمُرسلينَ فلذلكَ صِرنا نحنُ وهُم النّاسُ وصارَ سائرُ النّاسِ همجاً في النّارِ وإلى النّار . (بصائرُ الدّرجات ص40)
الرّوايةُ الثّالثة : روى السّيّدُ الرّضيّ بسندِه عَن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ ، قالَ : دخلتُ يوماً على رسولِ اللهِ - صلّى اللهُ عليهِ وآله - ، فقلتُ : يا رسولَ اللهِ أرِني الحقَّ حتّى أتبعَه . فقالَ (ص) : يا بنَ مسعودٍ لُج إلى المخدعِ . فولجتُ ، فرأيتُ أميرَ المؤمنينَ - عليه السّلام - راكعاً وساجداً وهوَ يقولُ عقيبَ صلاتِه : اللّهمَّ بحُرمةِ مُحمّدٍ عبدِكَ ورسولِك ، إغفِر للخاطئينَ مِن شيعتِي . قالَ إبنُ مسعودٍ : فخرجتُ لأخبرَ رسولَ اللهِ بذلكَ ، فوجدتُه راكعاً وساجداً وهوَ يقولُ : اللّهمَّ بحُرمةِ عبدِكَ عليٍّ إغفِر للعاصينَ مِن أمّتي . قالَ إبنُ مسعودٍ : فأخذني الهلعُ حتّى غشيَ عليَّ . فرفعَ النّبيُّ رأسَه ، وقالَ : يا بنَ مسعودٍ أكفراً بعدَ إيمانٍ ؟ فقلتُ : معاذَ اللهُ ، ولكنّي رأيتُ عليّاً يسألُ اللهَ تعالى بكَ ، وأنتَ تسألُ اللهَ تعالى به . فقالَ : يا بنَ مسعودٍ إنَّ اللهَ تعالى خلقَني وعليّاً ، ( والحسنَ ) والحُسينَ مِن نورِ عظمتِه قبلَ الخلقِ بألفي عامٍ ، حينَ لا تسبيحَ ولا تقديسَ ، وفتقَ نوري ، فخلقَ منهُ السّماواتِ والأرضَ ، وأنا أفضلُ منَ السّماواتِ والأرض . وفتقَ نورَ عليٍّ ، فخلقَ منهُ العرشَ والكرسيَّ ، وعليٌّ أفضلُ منَ العرشِ والكُرسيّ . وفتقَ نورَ الحسنِ ، فخلقَ منهُ اللّوحَ والقلمَ ، والحسنُ أجلُّ منَ اللّوحِ والقلم . وفتقَ نورَ الحُسينِ - فخلقَ منهُ الجنانَ والحورَ العينَ ، والحسينُ أفضلُ منها ، فأظلمَت المشارقُ والمغاربُ ، فشكَت الملائكةُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ الظّلمةَ ، وقالَت : اللّهمَّ بحقِّ هؤلاءِ الأشباحِ الذينَ خلقَتَ ، إلّا ما فرّجتَ عنّا مِن هذهِ الظّلمة. فخلقَ اللهُ روحاً وقرنَها بأخرى ، فخلقَ منهُما نوراً ، ثمَّ أضافَ النّورَ إلى الرّوحَ ، فخلقَ منهُما الزّهراءَ - عليها السّلام - ، فمِن ذلكَ سُمّيَت الزّهراء ، فأضاءَ منها المشرقُ والمغرب . (مدينةُ المعاجزِ : 3 / 417)
الرّوايةُ الرّابعة : روى الطّوسيُّ بسندِه عنِ الإمامِ الحسنِ المُجتبى (ع) قالَ : ... سمعتُ جدّي رسولَ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآلِه ) يقولُ : خُلقتُ مِن نورِ اللهِ (عزَّ وجلَّ) ، وخُلقَ أهلُ بيتِي مِن نوري ، وخُلقَ مُحبّوهُم مِن نورِهم ، وسائرُ الخلقِ في النّار . (الأمالي للطّوسي ص655) .
الرّوايةُ الخامسةُ : روى إبنُ شاذانَ بسندِه عَن سلمانَ وإبنِ عبّاس قالا : قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه : دنوتُ مِن ربّي ( فكنتُ منهُ كقابِ ) قوسينِ أو أدنى ، وكلّمني بينَ جبليّ العقيقِ ثمَّ قالَ " يا أحمدُ إنّي خلقتُكَ وعليّاً مِن نوري ، وخلقتُ هذينِ الجبلينِ مِن نورِ وجهِ عليٍّ بنِ أبي طالبٍ عليه السّلام ، فوعزّتي وجلالي لقَد خلقتُهما علامةً بينَ خلقي يُعرفُ بها المؤمنونَ ... (مائةُ منقبةٍ لابنِ شاذانَ القُمّي ص169 منقبة 93)
الرّوايةُ السّادسةُ : روى المجلسيُّ عَن كتابِ رياضِ الجنانِ عَن جابرٍ بنِ عبدِ اللهِ في تفسيرِ قولِه تعالى : " كنتُم خيرَ أمّةٍ أُخرجَت للنّاسِ تأمرونَ بالمعروفِ قالَ : قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه : أوّلُ ما خلقَ اللهُ نوري إبتدعَهُ مِن نورِه وإشتقّهُ مِن جلالِ عظمتِه ، فأقبلَ يطوفُ بالقُدرةِ حتّى وصلَ إلى جلالِ العظمةِ في ثمانينَ ألف سنةٍ ، ثمَّ سجدَ للهِ تعظيماً ففتقَ منهُ نورَ عليٍّ عليهِ السّلام فكاَن نوري مُحيطاً بالعظمةِ ونورُ عليٍّ محيطاً بالقُدرةِ ، ثمَّ خلقَ العرشَ واللّوحَ والشّمسَ وضوءَ النّهار ونورَ الأبصار والعقلَ والمعرفةَ وأبصارَ العبادِ وأسماعَهم وقلوبَهم مِن نوري ونوري مُشتقٌّ مِن نوره . (بحارُ الأنوار : 25 / 22) .
الرّوايةُ السّابعةُ : وروى الخوارزميُّ الحنفي بسندِه عَن عبدِ اللهِ بنِ عُمر قالَ : سمعتُ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله - وسُئلَ بأيّ لغةٍ خاطبكَ ربُّكَ ليلةَ المعراجِ ؟ - فقالَ : خاطبنِي بلغةِ عليٍّ بنِ أبي طالب ، فألهمني أن قلتُ يا ربِّ خاطبتنِي أنتَ أم عليُّ ؟ فقالَ يا أحمدُ أنا شيءٌ ليسَ كالأشياءِ لا أُقاسُ بالنّاسِ ولا أوصفُ بالشّبهاتِ ، خلقتُكَ مِن نوري وخلقتُ عليّاً مِن نورِك فاطلعتُ على سرائرِ قلبِك فلَم أجِد في قلبِكَ أحبَّ إليكَ مِن عليٍّ بنِ أبي طالب خاطبتُكَ بلسانِه كيما يطمئنَّ قلبُك . (المناقبُ للخورازمي ص78) .
الرّوايةُ الثّامنةُ : روى الصّدوقُ بسندِه عَن جابر بنِ عبدِ اللهِ الأنصاري قالَ : سمعتُ رسولَ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآلِه ) يقولُ : إنَّ اللهَ خلقني وخلقَ عليّاً وفاطمةَ والحسنَ والحسينَ والأئمّةَ مِن نور ، فعصرَ ذلكَ النّورَ عصرةً فخرجَ منهُ شيعتُنا ، فسبّحنا فسبّحوا وقدّسنا فقدّسوا وهلّلنا فهلّلوا ومجّدنا فمجّدوا ووحّدنا فوحّدوا ، ثمَّ خلقَ اللهُ السّماواتِ والأرضينَ ، وخلقَ الملائكةَ ، فمكثَت الملائكةُ مائةَ عامٍ لا تعرفُ تسبيحاً ولا تقديساً ولا تمجيداً ، فسبّحنا فسبّحت شيعتُنا فسبّحَت الملائكةُ لتسبيحِنا ، وقدّسنا فقدّسَت شيعتُنا فقدّست الملائكةُ لتقديسِنا ، ومجّدنا فمجّدت شيعتُنا ومجّدَت الملائكةُ لتمجيدِنا ، ووحّدنا فوحّدَت شيعتُنا فوحّدَت الملائكةُ لتوحيدِنا ، وكانَت الملائكةُ لا تعرفُ تسبيحاً ولا تقديساً مِن قبلِ تسبيحِنا وتسبيحِ شيعتِنا ، فنحنُ المُوحّدونَ حينَ لا موحّدَ غيرَنا ، وحقيقٌ على اللهِ تعالى كما إختصّنا وإختصَّ شيعتَنا أن يُنزِلنا في أعلى عليّينَ . إنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى إصطفانا وإصطفى شيعتَنا مِن قبلِ أن نكونَ أجساماً ، فدعانا وأجَبنا ، فغفرَ لنا ولشيعتِنا مِن قبلِ أن نسبقَ أن نستغفرَ اللهَ . (جامعُ الأخبارِ للشّعيريّ ص ٤٦ ، كشفُ الغُمّةِ للأربليّ : 2 / 85)
الرّاويةُ التّاسعة: روى إبنُ شاذانَ بسندِه عَن جابرٍ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريّ قالَ سألتُ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله عَن ميلادِ عليٍّ بنِ أبي طالبٍ ( ع ) فقالَ: آهٍ آه، سألتَ عجباً يا جابرُ عَن خيرِ مولودٍ وُلدَ بعدي على سنّةِ المسيحِ إنَّ اللهَ تعالى خلقَه نوراً مِن نوري وخلقني نوراً مِن نورِه وكلانا مِن نورٍ واحدٍ وخلقنا مِن قبلِ أن يخلقَ سماءً مبنيّةً وأرضاً مدحيّةً ولا كانَ طولٌ ولا عرضٌ ولا ظلمةٌ ولا ضياءٌ ولا بحرٌ ولا هواءٌ بخمسينَ ألفِ عامٍ ثمَّ إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ سبّحَ نفسَه فسبّحناهُ وقدّسَ ذاتَه فقدّسناهُ ومجّدَ عظمتَه فمجّدناهُ فشكرَ اللهُ تعالى ذلكَ لنا فخلقَ مِن تسبيحي السّماءَ فمسكَها والأرضَ فبطحَها والبحارَ فعمقَها وخلقَ مِن تسبيحِ عليٍّ الملائكةَ المُقرّبينَ فجميعُ ما سبّحَت الملائكةُ لعليٍّ وشيعتِه .. (الفضائلُ لإبنِ شاذانَ القُمّي ص54)
الرّوايةُ العاشرةُ : تأويلُ الآياتِ : عنِ الطّوسيّ في مصباحِ الأنوارِ عَن أنسٍ بنِ مالكَ ، قالَ : صلّى بنا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه في بعضِ الأيّامِ صلاةَ الفجرِ . ثمَّ أقبلَ علينا بوجهِه الكريمِ فقلتُ : يا رسولَ اللهِ إن رأيتَ أن تُفسّرَ لنا قولَه تعالى : ( فأولئكَ معِ الذينَ أنعمَ اللهُ عليهم منَ النّبيّينَ والصّدّيقينَ والشّهداءِ والصّالحينَ وحسنُ أولئكَ رفيقاً ) ؟ فقالَ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه : أمّا النّبيّونَ فأنا ، وأمّا ( الصّدّيقونَ ) فأخي عليٌّ . وأمّا ( الشّهداءُ ) فعمّي حمزةُ ، وأمّا ( الصّالحونَ ) فابنتِي فاطمةُ وأولادُها الحسنُ والحسينُ قالَ : وكانَ العبّاسُ حاضِراً فوثبَ وجلسَ بينَ يدي رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وقالَ : ألسنا أنا وأنتَ وعليٌّ وفاطمةُ والحسنُ والحسينُ مِن نبعةٍ واحدة ؟ قالَ : وما ذاكَ يا عم ؟ قالَ : لأنّكَ تُعرَفُ بعليٍّ وفاطمةَ والحسنِ والحسينِ دونَنا ؟ قالَ : فتبسّمَ النّبيُّ وقالَ : أمّا قولُك : يا عمّ ألسنا مِن نبعةٍ واحدةٍ فصدقتَ ولكِن يا عم إنَّ اللهَ خلقَني وخلقَ عليّاً وفاطمةَ والحسنَ والحُسينَ قبلَ أن يخلقَ اللهُ آدمَ ، حينَ لا سماءٌ مبنيّةٌ ، ولا أرضٌ مدحيّةٌ ، ولا ظلمةٌ ، ولا نورٌ ، ولا شمسٌ ، ولا قمرٌ ، ولا جنةٌ ، ولا نارٌ . فقالَ العبّاسُ : فكيفَ كانَ بدءُ خلقِكُم يا رسولَ الله ؟ فقالَ : يا عم لمّا أرادَ اللهُ أن يخلقَنا تكلّمَ بكلمةٍ خلقَ منها نوراً ، ثمَّ تكلّمَ بكلمةٍ أخرى فخلقَ ( منها ) روحاً ، ثمَّ مزجَ النّورَ بالرّوحِ ، فخلقني وخلقَ عليّاً وفاطمةَ والحسنَ والحسينَ ، فكُنّا نُسبّحُه حينَ لا تسبيح ، ونقدّسُه حينَ لا تقديس ، فلمّا أرادَ اللهُ تعالى أن يُنشئَ الصّنعةَ فتقَ نوري فخلقَ منهُ العرشَ ، فالعرشُ مِن نورِي ونورِي مِن نورِ اللهِ ونورِي أفضلُ منَ العرش. ثمَّ فتقَ نورَ أخي عليٍّ ، فخلقَ منهُ الملائكةَ ، فالملائكةُ مِن نورِ عليٍّ ، ونورُ عليٍّ مِن نورِ اللهِ ، وعليٌّ أفضلُ منَ الملائكة . ثمَّ فتقَ نورَ إبنتي فاطمةَ ، فخلقَ منهُ السّماواتِ والأرضَ ، فالسّماواتُ والأرضُ مِن نورِ إبنتي فاطمةَ ، ونورُ إبنتي فاطمةَ مِن نورِ اللهِ ، وإبنتِي فاطمة أفضلُ منَ السّماواتِ والأرض . ثمَّ فتقَ نورَ ولدي الحسنِ وخلقَ منهُ الشّمسَ والقمرَ ، فالشّمسُ والقمرُ مِن نورِ ولدي الحسنِ ، ونورُ الحسنِ مِن نورِ اللهِ ، والحسنُ أفضلُ منَ الشّمسِ والقمر . ثمَّ فتقَ نورَ ولدي الحُسينِ ، فخلقَ منهُ الجنّةَ والحورَ العينَ ، فالجنّةُ والحورُ العينُ مِن نورِ ولدي الحسينِ ، ونورُ ولدي الحسينِ مِن نورِ اللهِ ، وولدي الحسينُ أفضلُ منَ الجنّةِ والحورِ العين . (تأويلُ الآياتِ الظّاهرة : 1 / 137)
الرّوايةُ الحاديةُ عشر : وروى المجلسيُّ عنِ المُحتضر للحلّيّ بسندِه عنِ المُفضّلِ قالَ : قلتُ لمولانا الصّادقِ ( عليه السّلام ) : ما كنتُم قبلَ أن يخلقَ اللهُ السّماواتِ والأرضَ : قالَ : كُنّا أنواراً نُسبّحُ اللهَ تعالى ونُقدّسُه حتّى خلقَ اللهُ الملائكة . فقالَ لهُم اللهُ عزَّ وجلَّ : سبّحوا فقالَت : أي ربّنا لا علمَ لنا ، فقالَ لنا : سبّحوا فسبّحنا فسبّحت الملائكةُ بتسبيحِنا ، ألا إنّا خُلقنا أنواراً وخُلقَت شيعتُنا مِن شعاعِ ذلكَ النّورِ فلذلكَ سُمّيَت شيعة ، فإذا كانَ يومُ القيامةِ إلتحقَت السّفلى بالعُليا ، ثمَّ قرّبَ ما بينَ أصبعيه . (بحارُ الأنوارِ : 26 / 350)
الرّوايةُ الثّانيةُ عشر : وروى الحلّيُّ عَن سلمانَ قالَ : دخلتُ على رسولِ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلّم ) فلمّا نظرَ إليَّ قالَ : يا سلمانُ ! إنّ اللهَ لم يبعَث نبيّاً ولا رسولاً إلاّ جعلَ لهُ إثني عشرَ نقيباً . فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ! قَد عرفتُ هذا منَ الكتابين . قالَ ( صلّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلّم ) : فهل عرفتَ نُقبائي الإثني عشرَ الذينَ إختارَهم اللهُ للإمامةِ مِن بعدي ؟ فقلتُ : اللهُ ورسولُه أعلم . قالَ : يا سلمانُ ! خلقني اللهُ مِن صفاءِ نورِه ودعاني فأطعتُه ، وخلقَ مِن نوري عليّاً ودعاهُ فأطاعَه ، وخلقَ مِن نورِي ونورِ عليٍّ فاطمةَ ودعاها فأطاعَته ، وخلقَ مِن نوري ونورِ عليٍّ وفاطمةَ الحسنَ والحسينَ ودعاهُما فأطاعاه ; فسمّانا اللهُ بخمسةِ أسماءٍ مِن أسمائِه . فاللهُ المحمودُ وأنا مُحمّد . واللهُ الأعلى وهذا عليٌّ . واللهُ فاطرٌ وهذهِ فاطمة . واللهُ الحسنُ وهذا الحسنُ . واللهُ ذو الإحسانِ وهذا الحُسين . ثمّ خلقَ مِن نورِ الحُسينِ تسعةً أئمّةً ودعاهُم فأطاعوهُ قبلَ أن يخلقَ اللهُ سماءً مبنيّةً وأرضاً مدحيّةً وهواءً وماءاً وملكاً وبشراً ، فكُنّا بعلمِه أنواراً نسبّحُه ونسمعُ لهُ ونطيعُ . (المُحتضر للحسنِ بنِ سليمانَ الحلّيّ ص267) .
الرّوايةُ الثّالثةُ عشر : روى الخصيبيّ بسندِه عَن جابرٍ الأنصاريّ قالَ : بعثَ رسولُ اللهِ ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) إلى سلمانَ الفارسي والمقدادِ إبنِ الأسودِ الكندي وأبي ذرٍّ جندبَ بنِ جنادةَ الغفاري وعمّار بنِ ياسرٍ وحذيفةَ بنِ اليماني وخزيمةَ بنِ ثابتٍ ذي الشّهادتينِ وأبو الهيثمِ مالكٍ بنِ التّيهانِ الأشهلي وأبي الطّفيلِ عامرٍ بنِ واثلةَ وسويدٍ بنِ غفلةَ وسهلٍ وعثمانَ إبني حنيفٍ ويزيدَ السّلمي فحضرنا يومَ جمعةٍ ضُحىً فلمّا إجتمعنا بينَ يديهِ وأميرُ المؤمنينَ ( عليه السّلام ) عَن يمينِه ... وقالَ : فلمّا شاءَ أن يخلقَ خلقنِي بمشيئتِه وإرادتِه لي نوراً وقالَ لي كُن فكنتُ نوراً شعشعانيّاً أسمعُ وأبصرُ وأنطقُ بلا جسمٍ ولا كيفيّةٍ ثمَّ خلقَ منّي أخي عليّاً ثمَّ خلقَ منّا فاطمةَ ثمَّ خلقَ منّي ومِن عليٍّ وفاطمةَ الحسنَ وخلقَ منّا الحُسينَ ومنهُ إبنُه عليٌّ وخلقَ منهُ إبنَهُ محمّداً وخلقَ منهُ إبنَه جعفراً وخلقَ منهُ إبنَه موسى وخلقَ منهُ إبنَه عليّاً وخلقَ منهُ إبنَه محمّداً وخلقَ منهُ إبنَه عليّاً وخلقَ منهُ إبنَه الحسنَ وخلقَ منهُ إبنَه سميّي وكنيّي ومهديّ أمّتي ومُحيي سُنني ومعدن مِلّتي ومَن وعدني أن يُظهرَني بهِ على الدّينِ كلّه ويحقَّ بهِ الحقَّ ويزهقَ بهِ الباطلَ إنَّ الباطلَ كانَ زهوقاً ويكونَ الدّينُ كلُّه واصباً فكُنّا أنواراً بأرواحٍ وأسماعٍ وأبصارٍ ونطقٍ وحسٍّ وعقلٍ وكانَ اللهُ الخالقُ ونحنُ المخلوقونَ واللهُ المُكوّنُ ونحنُ المُكوَنونَ واللهُ البارئُ ونحنُ البريّة ... (الهدايةُ الكُبرى للخصيبي ص380)
اترك تعليق