ما هو الاعجاز في قوله تعالى (لا اقسم بما تبصرون وبما لا تبصرون ) ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلمةُ الإعجازِ والمُعجزةِ ليسَت كلمةً قرآنيّة وإنّما مُصطلحٌ وُضعَ للدّلالةِ على الأفعالِ التي لا يمكنُ الإتيانُ بمثلِها، وقد تحدّى الأنبياءُ المُنكرينَ لدعواهُم بالمعاجزِ لإثباتِ إتّصالِهم باللهِ تعالى، وعلى هذا عندَما نتحدّثُ عَن إعجازِ القرآنِ إنّما نتحدّثُ عن إستحالةِ الإتيانِ بمثلِه حتّى لو إجتمعَ الإنسُ والجنُّ لذلكَ الغرضِ، وقد حدّدَ القرآنُ نفسَه هذا المعنى بشكلٍ واضحٍ وجليّ وذلكَ في قولِه تعالى: (قُل لَئِن إجتمعَت الإنسُ والجنُّ على أن يأتوا بمثلِ هذا القرآنِ لا يأتون) وقالَ تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُم صَادِقِينَ) وعليه فإنَّ إعجازَ القرآنِ له وجوهٌ كثيرةٌ ومتعدّدةٌ سواءٌ وقفنا عليها أو لم نقِف عليها يكفي في جزمِنا بإعجازِه هو عجزُ البشريّةِ أن تأتي بمثلِه، وعليه القرآنُ ليس مُعجزاً بكلماتِه لأنَّ هذه الكلماتِ موجودةٌ ومستخدمةٌ قبلَ نزولِ القرآنِ وإنّما إعجازُه في أنّه من نفسِ اللّغةِ وبنفسِ التراكيبِ والجملِ يأتي بكتابٍ لا يمكنُ الإتيانُ بمثلِه، وهذا التحدّي ما زالَ ماضياً أمامَ كلِّ العلماءِ والأدباءِ والفُصحاءِ، والذي ينكرُ إعجازَ القرآنِ ليسَ أمامَه إلّا الإتيانَ بمثلِه، ومِن هُنا كانَ من المُستغربِ أن يُطالبكَ الأستاذُ بالإعجازِ في بعضِ الكلماتِ أو بعضِ الجملِ، وكأنَّ اللهَ قد تحدّى البشرَ بأن يأتوا بكلماتٍ أو جملٍ شبيهةٍ بما في القرآنِ، ويبدو أنَّ الأستاذَ يتعمّدُ التّجاهلَ بأنَّ وحدةَ الموضوعِ والسّياقِ المُشتركِ هو الذي يميّزُ كتاباً عن كتاب ويجعلُ مقالاً أفضلَ من مقال وليسَت المفرداتُ والتراكيبُ بشكلٍ مُجرّدٍ عنِ الوحدةِ السّياقية، فإعجازُ الآيةِ التي ذكرَها تُعرفُ مِن خلالِ ما تُمثّله مِن وحدةٍ بنائيّةٍ في كتابٍ مُعجزٍ، ولا نبحثُ عن إعجازِها في حروفِها أو ألفاظِها أو تركيبِها.
اترك تعليق