ماهي قاعدة "سد الذرائع"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تُعتبرُ قاعدةُ سدِّ الذّرائعِ أحدَ الأصولِ التي يُعتمَدُ عليها في الفقهِ السّنّي وبخاصّةٍ عندَ مالك وأحمدَ بنِ حنبل، ويُقصدُ بسدِّ الذّرائعِ منعُ ما يمكنُ أن يكونَ مُقدّمةً لشيءٍ ممنوعٍ، فالذّريعةُ في اللّغةِ تعني الوسيلةَ إلى الشّيءِ أو ما يُقرّبُ منَ الشّيءِ، وهيَ بهذا المعنى تعمُّ جميعَ أنواعِ الذّرائعِ، بحيثُ تشملُ ما كانَ ذريعةً إلى مفاسدَ فيُسدُّ وما كانَ ذريعةً لمصالحَ فيُفتَح، وعليهِ سدُّ الذّرائعِ هوَ أن يكونَ الأمرُ جائزاً في نفسِه إلّا أنّهُ يخافُ مِن إرتكابِه الوقوعَ في الحرامِ والممنوعِ، يقولُ العزّ بنُ عبدِ السّلام: (وللوسائلِ أحكامُ المقاصدِ، فالوسيلةُ إلى أفضلِ المقاصدِ هيَ أفضلُ الوسائلِ، والوسيلةُ إلى أرذلِ المقاصدِ هي أرذلُ الوسائلِ، ثمَّ تترتّبُ الوسائلُ بترتّبِ المصالحِ والمفاسد) (قواعدُ الأحكامِ في مصالحِ الأنامِ ج1، ص53)، وقَد وقعَ خلافٌ بينَ الأصوليّينَ السّنّةِ في قبولِ سدِّ الذّرائع كمُستندٍ للحُكمِ الشّرعيّ حيثُ لم يقبَلها الشّافعيُّ وأبو حنيفةَ، وقد إدّعى بعضُهم الإجماعَ في جوازِ العملِ بسدِّ الذّرائعِ إذا كانَت الذّريعةُ تُؤدّي قطعاً للمفسدةِ، ومثّلوا لذلكَ بمَن يشربُ السّمَّ القاتلَ أو يُلقي بنفسِه في النّار، إلّا أنَّ ذلكَ ليسَ منَ الذّرائعِ في شيءٍ، فأصلُ البحثِ والخلافِ في قاعدةِ سدِّ الذّرائعِ إنّما في الوسائلِ والأسبابِ التي قَد تُؤدّي إلى مفسدةٍ أو حُرمةٍ، أمّا ما يُؤدّي حتماً إلى الحرامِ مِن بابِ المُقدّمةِ الضّروريّةِ فلا خلافَ عليه، وقَد بحثَ عُلماءُ الشّيعةِ هذا الموضوعَ في بابِ المُلازماتِ العقليّةِ، التي منها مُقدّمةُ الواجبِ واجبٌ ومقدّمةُ الحرامِ حرامٌ، ولو إكتفَت القاعدةُ على المُقدّماتِ الضّروريّةِ لما أشكلَ عليها أحدٌ، وإنّما الكلامُ في توسعتِها لسدِّ الذّرائعِ التي يُحتملُ منها وقوعُ المفاسد.
اترك تعليق