معنى حديثِ أنا فئةُ المسلمينَ، وما حكمُه؟ 

: السيد رعد المرسومي

السّلامُ عليكُم ورحمةُ الله: 

هذا الحديثُ مرويٌّ مِن طريقِ أبناءِ العامّةِ ؛ وليسَ مِن طريقِ أهلِ البيتِ عليهم السّلام، إذ رواهُ أحمدُ في المُسندِ (ج9/ص182)، وإبنُ سعدٍ في الطّبقاتِ الكُبرى (ج4/ص145)، ورواهُ أبو داودَ والتّرمذيّ وإبنُ ماجة في سُننِهم بإسنادِهم إلى يزيدَ بنِ أبي زيادٍ أنَّ عبدَ الرّحمنِ بنَ أبي ليلى حدّثَه أنَّ إبنَ عُمر حدّثَه أنّه كانَ في سريّةٍ مِن سرايا رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله فحاصَ، يعني النّاسُ حيصةً فكنتُ فيمَن حاصَ، فقُلنا كيفَ نصنعُ وقد فرَرنا منَ الزّحفِ وبؤنا بالغضبِ؟ فقلنا ندخلُ المدينةَ فنبيتُ بها ثمَّ نذهبُ فلا يرانا أحدٌ، ثمَّ دخلنا فقُلنا لو عرَضنا أنفسَنا على رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله، فإن كانَت لنا توبةٌ أقمنا وإن كانَ غيرُ ذلكَ ذهبنا. قالَ: فجلسنا إلى رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ قبلَ صلاةِ الفجرِ، فلمّا خرجَ قُمنا إليه، فقُلنا يا رسولَ اللهِ نحنُ الفرّارون. فقالَ: لا بَل أنتُم العكّارون. قالَ: فدنونا فقبّلنا يدَه فقالَ صلّى اللهُ عليهِ وآله: أنا فئةُ المُسلمينَ. قالَ التّرمذيُّ: هذا حديثٌ حسنٌ لا نعرفُه إلّا مِن هذا الوجه. قلتُ وقد ضعّفَه الألبانيّ في كتابٍ ضعيفٍ الجامعُ الصّغيرِ ، رقمُ الحديثِ (1318)، وكذلكَ محقّقو مُسندِ أحمدَ بنِ حنبلٍ بحجّةِ أنّ في سندِه يزيدُ بنُ أبي زياد وهوَ سيّءُ الحفظِ. هذا ما يتعلّقُ بالحُكمِ على هذا الحديثِ. 

وأمّا معنى الحديثِ: فنقول: 

قولُه : أنا فئةُ المُسلمينَ  . قالَ السّنديّ : أي : جماعتهم ومؤيّدهم ومقوّيهم ، يريدُ أنَّ مَن فرّ منَ العدو إليَّ ، فليسَ بفارٍّ ، بَل هوَ داخلٌ في قولِه تعالى : ( أَو مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ) . قالَ لهم : حينَ فرّت سريّةٌ منَ العدو ، فقالوا : يا رسولَ اللَّهِ نحنُ الفارّونَ ، فقالَ لهم : بل أنتُم العكّارونَ ، وأنا فئتُكم. ومعنى العكّارين: أي الكرّارينَ إلى الحربِ والعطّافينَ نحوَها كذا في النّهاية. ومعناهُ الرّجّاعينَ إلى القتال. ومعنى (وأنا فئتُكم) : في النّهايةِ : الفئةُ الجماعةُ منَ النّاسِ في الأصلِ ، والطّائفةُ التي تقومُ وراءَ الجيشِ ، فإن كانَ عليهم خوفٌ ، أو هزيمةٌ إلتجأوا إليهِ. ودمتُم سالِمين.