لماذا ضعف الشيخ ابن ادريس بعض أصحاب الإجماع ؟
السّلامُ عليكم ورحمة الله:
أنّ معرفة هذا الأمر يتوقّف على بيان المنهج الذي اتّخذه الشيخ ابن إدريس (رحمه الله) في الاحتجاج بخبر الراوي ، إذِ المعروف بين أهل العلم أنّ الراوي الذي يحتجّ بخبره هو مَنْ توفّرت فيه شروطٌ بيّنها أهل العلم في محلّها، وهي أنْ يكون الراوي: (1)مسلماً، (2) عاقلاً، (3) بالغاً، (4)عادلاً، (5) مؤمناً. [ينظر: الرعاية للشهيد الثاني: ص881 وما بعدها، ومقباس الهداية للمامقانيّ: ج2/ص14 وما بعدها].
والشرط الخامس من هذه الشروط وقع فيه خلاف بين الأعلام وخصوصاً بين المتأخرّين منهم، فعَدّها فريقٌ منهم شرطاً أساسيّاً لا بُدَّ منه ، فلا يكفي عند هذا الفريق أنْ يكون الراوي ثقة متحرّزاً من الكذب؛ وإنّما يجب أنْ يُضاف إليه أنْ يكون إماميّاً مؤمناً باثني عشر إماماً من أئمّة أهل البيت عليهم السلام. والفريق الآخر لا يعتبر هذا الشرط من الشروط الأساسيّة، وإنّما يكفي عنده أنْ يكون الراوي ثقة متحرّزاً من الكذب، فيحتجّ بخبره بقطع النظر عن مذهبه، فمادام الراوي صدوقاً متحرّزاً من الكذب، فهذا كافٍ في الاحتجاج بخبره حتّى إنْ كان مذهبه يخالف مذهب الإماميّة، كأنْ يكون عاميّاً أو واقفيّاً أو فطحيّاً أو زيديّاً أو غير ذلك من المذاهب المعروفة.[ينظر: معالم الدين للشيخ حسن ابن الشهيد الثاني:ص200، وقوانين الأصول للقمّيّ: (ج1/ص458)، ومقباس الهداية للمامقانيّ (ج2/ص30)].
فإذا تبيّن ذلك، فالشيخ ابن إدريس يُعَـدّ من الفريق الأوّل الذي يعتبر شرط الإيمان جزءاً أساسيّاً في الراوي المحتجّ بخبره، أي إذا كان الراوي ثقة متحرّزاً من الكذب وكان مؤمناً بالأئمّة الاثني عشر ، فهذا يؤخذ بخبره، وإلّا فلا. أي إذا كان الراوي ثقة متحرّزاً من الكذب، ولكنْ لم يكن مذهبه إماميّاً وإنّما كان فطحيّاً أو واقفيّاً أو عاميّاً أو غير ذلك ، فلا يحتجُّ بخبره بل يردُّ، ولـمّا كان ابن إدريس يناقش بعض الأخبار في كتابه السرائر في (ج1/ص495) مرَّ برواية في سندها الحسن بن عليّ بن فضّال، فطعن فيه من جهة مذهبه الفطحيّ وتكلّم فيه بكلامٍ جارح ، ولم يلتفت إلى أنّه ثقة من أصحاب الإجماع، وكتب الإماميّة قد مُلئت من أخباره، ولذا ردّ عليه بعض علمائنا كالسيّد محمّد مهديّ بحر العلوم، وقد كفانا في ذلك مؤونة الردّ عليه في كتابه الفوائد الرجالية، (ج ٢/ص245)، بقوله: وهي من ابن إدريس هفوة كبيرة ، سامحنا الله وإيّاه. ودمتم سالمين.
اترك تعليق