ما هو سر إختلاف الشيخين النجاشي والطوسي في بعض الرواة مع أن شهادتهما حسية ؟
السّلامُ عليكم ورحمة اللهِ وبركاته:
ليسَ هناكَ مِن سرٍّ، وإنّما القضيّةُ مُتعلّقةٌ بمَن يحيطُ بأحوالِ الرّاوي مِن جوانبَ عدّةٍ أكثرَ مِن غيرِه ، فذلكَ يولّدُ نتيجةً مختلفةً بينَهما، فعلى سبيلِ المثالِ: لو قُلنا: إنَّ راوياً معيّناً ، وليكُن الرّاوي محمّدُ بنُ عيسى بنِ عبيد المعروفُ له جوانبُ عديدةٌ ومترجمٌ مِن قبلِ أكثرِ مِن شيخ ، فإذا تمكّنَ النّجاشيُّ مثلاً منَ الوقوفِ على أكثرِ مِن ترجمةٍ لهذا الرّاوي ودرسَ أحوالَه على أكثرِ مِن ناقدٍ مِن نقّادِ الحديثِ والرّجالِ، فسيصبحُ حالُ هذا الرّاوي عندَه معروفاً أكثرَ منَ الطوسيّ مثلاً فيما لو إعتمدَ على معرفةِ حالِه مِن خلالِ شيخٍ واحدٍ أو كتاب واحد، والعكسُ صحيحٌ أيضاً. هذا هوَ السّببُ الرّئيسُ في الإختلافِ بينَ النّجاشيّ والطوسيّ (طيّبَ اللهُ تعالى ثراهُما). وهذا الأمرُ معروفٌ لدى جميعِ المُشتغلينَ بنقدِ الحديثِ عندَ جميعِ الفرقِ الإسلاميّةِ، وهذا الأمرُ كما يجري في علمِ الرّجالِ يجري أيضاً في الفقهِ والأصولِ والنّحوِ وغيرِ ذلكَ منَ العلومِ، فلذا ترى بعضَ الفقهاءِ أو بعضَ الأصوليّينَ يختلفُ مع أقرانِه في جوانبِ الفقهِ أو الأصولِ، لأنّهُ أحاطَ في تلكَ المسألةِ المُختلَفِ فيها بجوانبَ أكثرَ ودرسَها بشكلٍ مُعمّقٍ ، وأولاها عنايةً كبيرةً أكثرَ مِن غيرِه، فتوصّلَ إلى حُكمٍ أو رأيٍ يختلفُ معَ غيرِه الذي غابَت عنهُ بعضُ جوانبِ تلكَ المسألةِ. ودمتُم سالمين.
اترك تعليق