عِبارَةُ: يُكتَبُ حَديثُهُ ولا يُحتَجُّ بهِ أو يُنظَر ُفيهِ.
عبدُ الرَّحمنِ/ الكُويتُ/: يَقولُ عُلماءُ الجَرحِ والتَّعديلِ عِندَما يُترجِمونَ لأحَدِ الرُّواةِ هذهِ العبارةَ (يُكتَبُ حَديثُهُ ولا يُحتَجُّ بهِ أو يُكتَبُ حَديثُهُ ويُنظَرُ فيهِ) فما مَعنى هذهِ العِبارةَ ؟ وهلْ تَعني أنَّ الرّاوي غيرُ ثِقةٍ أو أنَّهُ ضَعيفٌ ؟
الأخُ عبدُ الرَّحمنِ المُحترَمُ، السَّلامُ عليكُم ورَحمَةُ اللهِ وبركاتُهُ
تُعَدُّ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مِنَ الْعِبَارَاتِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا كَثِيراً أحَدُ نُقَّادِ الْحَديثِ عِنْدَ أهْلِ السُّنَةِ، وَهُوَ أَبُو حَاتم مُحَمَّدُ بْنُ إدريسَ الْحَنْظَلِيَّ الرَّازِيَّ، وَعِبَاراتِهِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ يَنْقُلُهَا عَنْهُ إبْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَعْرُوفُ (بِاِبْنِ أَبِي حَاتم الرَّازِيِّ) فِي كِتَابَيْهِ (الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ)، وَ (عِلَلُ الْحَديثِ) كَمَا لَا يَخْفَى ذَلِكَ عَلَى أهْلِ الْعِلْمِ.
هَذَا وَيُعَدُّ أَبُو حَاتم الرَّازِيِّ مِنْ طَبَقَةِ نُقَّادِ الْحَديثِ الْمُتَشَدِّدِينَ فِي أَحْكَامِهِمْ عَلَى الرُّوَاةِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ بَيْنَ أهْلِ الْعِلْمِ، حَيْثُ إِنَّهُمْ قَسَّمُوا نُقَّادَ الْحَديثِ أَقَساماً ثَلَاثَةً: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: النُّقَّادُ الْمُتَشَدِّدُونَ، وَالْقِسْمُ الثّاني: النُّقَّادُ الْمُعْتَدِلُونَ، وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: النُّقَّادُ الْمُتَسَاهِلُونَ.
وَأَمَّا السَّبَبُ فِي كَوْنِ أَبِي حَاتم الرَّازِيِّ يُعَدُّ مِنَ النُّقَّادِ الْمُتَشَدِّدِينَ فَذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّهُ يُطْلِقُ كَثيراً مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّدِيدَةِ وَالْقَاسِيَةِ فِي حَقِّ الرُّوَاةِ حَتَّى لَوْ كَانُوا مِنْ رِجالِ الصَّحِيحَيْنِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عَنْهُ، فَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ: هَذهِ الْعِبَارَةُ (يُكْتَبُ حَديثُهُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ) يُطلِقُهَا أَيْضًا عَلَى رِجالِ الصَّحِيحَيْنِ كَمَا يُطلِقُهَا عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ رُوَاةِ السُّنَنِ والمَسانيد.
وَمُرَادُهُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ الَّتِي يَصِفُ بِهَا الرّاوي، هُوَ أَنَّ هَذَا الرّاوي وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ ؛ لكنْ يَقَعُ فِي أَحَادِيثِهِ الْغَلَطُ وَالْاِضْطِرَابُ، لِضَعْفِ حِفْظِهِ، وَقِلَّةِ ضَبْطِهِ، وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَاتم: قُلْتُ لِأَبِي: مَا مَعنى (لَا يُحْتَجُّ بِحَديثِهِمْ)؟ قَالَ: كَانُوا قَوْمًا لَا يَحْفَظُونَ، فَيُحَدِّثُونَ بِمَا لَا يَحْفَظُونَ فَيَغْلطُونَ، تَرَى فِي أَحَادِيثِهِمِ اِضْطِرَابًا مَا شِئْت.
(يُنْظَرُ: الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ 2 / 133).
وَعَلَيْهِ: فَإِنَّ الْمَوْصُوفَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ عِنْدَ أَبِي حَاتم الرَّازِيِّ يَكُونُ فِيهِ ضَعْفٌ يَسِيرٌ لَا شَدِيدٌ، فَيُكتَبُ حَديثُهُ وَيُنظَرُ فِيهِ، فَإِنْ وُجِدَ لِحَديثِهِ شوَاهِدُ أَوْ مُتَابِعَاتٌ فَيُقْبَلُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي مُقَابِلِ مَنْ يوصَفُ بِأَنَّهُ لَا يُكتَبُ حَديثُهُ.
وَدُمْتُم سَالِمِينَ.
اترك تعليق