آياتُ وجودِ المهديّ (ع) وثبوت المهدويّة
ما هيَ الآياتُ التي تدلُّ على وجودِ الإمامِ المهديّ عجّلَ اللهُ فرجَه الشريف ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
1ـ إن كانَ مرادُكم هوَ الآياتُ الدّالّةُ على المهدويّةِ، وأنّها فكرةٌ إسلاميّةٌ قرآنيّة، فهناكَ الكثيرُ منَ الآياتِ في القرآنِ الكريمِ، والتي رويَت من طريقِ أهلِ البيتِ عليهم السّلام، وقد جمعَ شيئاً كثيراً منها السيّدُ هاشمٌ البحراني في كتابِ المحجّةِ فيما نزلَ في القائمِ الحُجّة (عجّلَ اللهُ فرجَه)، وسننقلُ مِنها آيةً واحدة:
قالَ تعالى: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِي الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دينَهُمُ الَّذِي ارتَضى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا يَعبُدونَني لا يُشرِكونَ بي شَيئًا وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقونَ } [النّورُ: ٥٥].
قالَ الطبرسيّ: وإختُلفَ في الآيةِ ... والمرويُّ عَن أهلِ البيتِ عليهم السّلام: أنّها في المهديّ مِن آلِ محمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم.
وروى العيّاشيُّ بإسنادِه عن عليٍّ بنِ الحُسين عليهِ السّلام أنّهُ قرأ الآيةَ، وقالَ: هُم واللهِ شيعتُنا أهل البيت. يفعلُ اللهُ ذلكَ بهم على يدي رجلٍ منّا، وهوَ مهديُّ هذهِ الأمّةِ، وهوَ الذي قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم: لو لم يبقَ منَ الدّنيا إلّا يومٌ واحدٌ لطوّلَ اللهُ ذلكَ اليومَ، حتّى يليَ رجلٌ مِن عِترتي، إسمُه إسمي، يملأ الأرضَ عدلاً وقِسطاً كما مُلئَت ظُلماً وجوراً.
ورويَ مثلُ ذلكَ عن أبي جعفرٍ عليه السّلام، وأبي عبدِ اللهِ عليه السّلام. (مجمعُ البيانِ: 7 / 267).
ويمكنكُم مراجعةُ الرّواياتِ في نزولِ هذه الآيةِ في الإمامِ المهديّ (ع) في كتابِ البرهانِ في تفسيرِ القرآنِ ذيل الآيةِ، أو المحجّةِ فيما نزلَ في القائمِ الحجّة.
وهناكَ آياتٌ أخرى نظيرَ:
1- قولِه تعالى: { وَلَقَد كَتَبنا فِي الزَّبورِ مِن بَعدِ الذِّكرِ أَنَّ الأَرضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصّالِحونَ } [الأنبياءُ: ١٠٥]
2- ﴿وَنُريدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ استُضعِفوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوارِثين، وَنُمَكِّنَ لَهُم فِي الأَرضِ وَنُرِيَ فِرعَونَ وَهامانَ وَجُنودَهُما مِنهُم ما كانوا يَحذَرونَ﴾ [القصصُ: ٥-٦]
وغيرُها منَ الآياتِ الكثيرة.
2ـ وإن كانَ مرادُكم هوَ الآياتُ الدّالّةُ على وجودِ الإمامِ المهديّ (ع) فعليّاً، فهناكَ العديدُ مِنها:
الآيةُ الأولى: قولُه تعالى: { تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرّوحُ فيها بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ، سَلامٌ هِيَ حَتّى مَطلَعِ الفَجرِ } [القدرُ: ٤-٥].
حيثُ ذكرنا في منشورٍ سابقٍ أنّ ليلةَ القدرِ باقيةٌ إلى يومِ القيامةِ ولم تُرفَع بعدَ رسولِ اللهِ (ص)، وأنّ الملائكةَ والرّوحَ ينزلونَ على خليفةِ اللهِ وحُجّتِه وإمامِ زمانِ أهلِ كلِّ عصرٍ، وهوَ رجلٌ واحدٌ في كلِّ عصرٍ وزمان، ويسلّمونَه ملفّاتٍ خطيرةً ومهمّةً ممّا يرتبطُ بإدارةِ العالم.
روى الكُلينيّ عن أبي جعفرٍ عليه السّلام قالَ : يا معشرَ الشّيعةِ، خاصِموا بسورةِ إنّا أنزلناهُ تفلحوا ، فواللهِ إنّها لحُجّةُ اللهِ تباركَ وتعالى على الخلقِ بعدَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآله وإنّها لسيّدةُ دينِكم ، وإنّها لغايةُ علمِنا. (الكافي للكليني: 1 / 249).
الآيةُ الثّانية: قوله تعالى: { وَإِذ قالَ إِبراهيمُ لِأَبيهِ وَقَومِهِ إِنَّني بَراءٌ مِمّا تَعبُدونَ، إِلَّا الَّذي فَطَرَني فَإِنَّهُ سَيَهدينِ، وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً في عَقِبِهِ لَعَلَّهُم يَرجِعونَ } [الزّخرف: ٢٦-٢٨].
قالَ الطبرسي: وقيلَ: الكلمةُ الباقيةُ في عقبِه هيَ الإمامةُ إلى يومِ الدّين، عن أبي عبدِ اللهِ عليه السّلام . (مجمعُ البيانِ: 9 / 76).
فإنّ اللهَ جعلَ الإمامةَ في عقبِ النبيّ إبراهيم (ع) إلى يومِ القيامةِ، ومَن هوَ هذا الذي جعلَه اللهُ حجّةً على عبادِه كما كانَ إبراهيمُ حُجّةَ اللهِ على عبادِه، وكما كانَ رسولُ اللهِ (ص) حجّةً على عبادِه، وكما كانَ الحُسينُ (ع) حُجّةً على عبادِه، وكما كانَ الصّادقُ (ع) حُجّةَ اللهِ على عبادِه، هل يُعقلُ أن يكونَ غير محمّدٍ بنِ الحسنِ المهدي (ع)؟!
وبالجُملةِ: هذهِ الآياتُ سواءٌ قبلَها المُخالفونَ أم لا، فدليلُنا غيرُ مُنحصرٍ بهذهِ الآياتِ، فهناكَ العديدُ منَ الأدلّةِ والمئاتُ منَ الأحاديثِ عنِ النّبي (ص) تدلُّ على وجودِ المهديّ (ع)، وثبوتِ القضيّةِ المهدويّة.
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
اترك تعليق