كيف سيتعاملُ الإمامِ الحُجّةِ (عج) معَ غير المسلم الذي يؤمنُ به لأنّنا سمِعنا أنَّ قسماً مِن دولِ أوروبا يكونونَ مع الإمامِ (عج)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
الإمامُ المهديّ سلامُ اللهِ عليه هوَ امتدادٌ لرسولِ اللهِ ولرسالةِ الإسلامِ الخالدة، فكلُّ ما قامَ بهِ الرسولُ وأمرَ به الإسلامُ مِن تعاملاتٍ سيكونُ هوَ ذاتُه منهجَ الإمامِ الحجّةِ في تعاملِه معَ الناسِ وقتَ ظهورِه، وعليهِ فالمبدأ العامُّ يقومُ على كونِ الإسلامِ دينَ الرحمةِ وأنّهُ حريصٌ على هدايةِ العباد، وعندَ ظهورِه الشريف يظلُّ هذا البابُ مفتوحاً أمامَ الجميعِ سواءٌ كانَ كافراً أو كانَ مؤمِناً مُقصّراً في إيمانِه، فبابُ التوبةِ والمغفرةِ مفتوحٌ أمامَ كلِّ مَن يتوبُ ويلتحقُ بركبِ الإمامِ الحُجّةِ سواءٌ كانَ أوروبيّاً أو غيرَ أوروبي، قالَ تعالى: (قُل يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِم لَا تَقنَطُوا مِن رَّحمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ) فكلمةُ عبادي هُنا مُطلقةٌ تشملُ الجميعَ، ويبدو أنَّ السّائلَ انطلقَ في سؤالِه مِن بعضِ الرواياتِ التي أشارَت إلى عدمِ قبولِ الإمامِ المهديّ (عليهِ السلام) التوبةَ منَ البعضِ، ومنَ المؤكّدِ أنَّ ذلكَ ليسَ خاصّاً بالمؤمنِ المُقصّرِ وإنّما عامٌ يشملُ كلَّ مَن لم تكُن توبتُه خالصةً لله، أو كانَ منَ المُجرمينَ الذينَ في ذمّتِهم حقوقٌ للعبادِ أو مظالمُ يجبُ الاقتصاصُ لها، أو كانَ ممَّن استحكمَ الكفرُ في قلبِه فلم يُظهِر التوبةَ إلّا خوفاً منَ القتل، فمنَ الطبيعيّ أن لا تُقبلَ توبتُهم لأنّها ليسَت توبةً في الحقيقةِ والواقع، وقد أشارَ تعالى إلى ذلكَ بقوله: ( يَومَ يَأتِي بَعضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفسًا إِيمَانُهَا لَم تَكُن آمَنَت مِن قَبلُ ...) وجاءَ في تفسيرِ هذهِ الآيةِ عن أبي جعفرٍ عليهِ السلام قالَ: (إذا طلعَت الشمسُ مِن مغربِها فكلُّ مَن آمنَ في ذلكَ اليومِ لم ينفَعهُ إيمانُه) حيثُ جعلَتِ الروايةُ طلوعَ الشمسِ منَ المغربِ الذي هوَ علامةُ ظهورِ الإمامِ المهدي مصداقاً لهذهِ الآية، وفي تفسيرِ العيّاشي عن زُرارةَ وحمرانَ ومحمّدٍ بنِ مُسلم عن أبي جعفرٍ وأبي عبدِ الله (عليهما السّلام) في قولِه : (يومَ يأتي بعضُ آياتِ ربِّك لا ينفعُ نفساً إيمانُها، قالَ طلوعُ الشمسِ منَ المغربِ وخروجُ الدابّةِ والدجّالِ، والرجلُ يكونُ مُصرّاً ولم يعمَل عملَ الإيمانِ ثمَّ تجيءُ الآياتُ فلا ينفعُه إيمانُه) وقد ميّزَت هذهِ الروايةُ بينَ التوبةِ الحقيقيّةِ والتوبةِ التي تكونُ بدافعِ الخوفِ والنفاقِ حيثُ قالَ الإمامُ (والرجلُ يكونُ مُصرّاً ولم يعمَل عملَ الإيمان) وعليهِ مَن كانَت توبتُه حقيقيّةً وخالصةً لوجهِ اللهِ ولم يكُن في ذمّتِه حقوقُ العبادِ فإنَّ توبتَه مقبولةٌ إن شاءَ الله، وليسَ لهذهِ التوبةِ زمنٌ مُحدّدٌ فأبوابُ التوبةِ مفتوحةٌ طالما في عُمرِ الإنسانِ بقيّة، وعليهِ ليسَ للأوروبيّ خصوصيّةٌ على غيرِه وإنّما ميزانُ الحقِّ والعدلِ واحدٌ على الجميع، وهوَ كلُّ مَن تابَ وآمنَ وعملَ صالحاً يتوبُ اللهُ عليه.
اترك تعليق